تمدّد «النصرة» وحرب عين العرب: الائتلاف يحقّق أهدافه
عامر نعيم الياس
قالت صحيفة «غارديان» البريطانية في معرض تعليقها على ما جرى خلال اليومين الماضيين في جبل الزاوية في ريف إدلب، مع انهيار ما يسمى «جبهة ثوار سورية» التي يقودها جمال معروف في مواجهة «جبهة النصرة»: «ضربة استراتيجية تعرّضت لها الخطة الأميركية بتأمين قوة مساندة على الأرض لدعم ضربات التحالف التي تقودها واشنطن للقضاء على عناصر تنظيم داعش في سورية». الأمر لا يقف عند هذا الحدّ، بل إن توسّع «النصرة» في جبل الزاوية وريف إدلب الجنوبي شمل «حركة حزم» التي تضم 22 فصيلاً من فصائل ما يسمّى «الجيش الحرّ»، والتي ظهرت في عرض عسكريّ في شهر أيار من السنة الحالية، مستعرضةً صواريخ أميركية مضادة للطائرات من طراز «تاو»، سُلّمت للحركة من قبل الإدارة الأميركية على اعتبارها «معتدلة». فلماذا لم تقاوم الحركة المسلّحة نوعياً «جبهة النصرة»؟ لماذا انسحب جمال معروف، واستسلمت «حزم» من دون أي قتال؟ أين طائرات تحالف واشنطن في معادلة حماية ما يصنّف بـ«القوى المعتدلة» على الأرض السورية؟ لماذا لم تحاول طائرات تحالف أوباما أن تطبق تجربتها في عين العرب في مواجهة «داعش»، على جبل الزاوية في إدلب في مواجهة «النصرة»؟
أعلنت «جبهة النصرة» في بيان لها سيطرتها على أسلحة نوعية خلال تمدّدها في ريف إدلب الجنوبي، خصوصاً بعد استسلام «حزم» لقوات «النصرة» في بلدتي خان السبل وكفربطيخ الواقعتين جنوب سراقب، إذ «غنمت الجبهة ثلاثين مجنزرة وأسلحة نوعية وصواريخ سيكون لها أثر بالغ في معارك المجاهدين»، كما بايع عدد من عناصر «ميليشيا جمال معروف» و«حركة حزم» الجبهة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» التي من الواضح أنها لن تتوقف عند هذه القرى، بل ستحاول استكمال عملياتها في ريف إدلب، خصوصاً في مناطق الحدود مع تركيا. في ضوء تحوّل الحرب الأميركية على «داعش» و«النصرة» إلى معركة دفاعية عن محيط مدينة عين العرب السورية. فما هي النتائج التي حققها عدوان أوباما منذ الثالث والعشرين من أيلول الماضي في سورية؟
صار من الواضح أن الهدف الأميركي من وراء العدوان على سورية دفع التنظيمات الجهادية في المرحلة الأولى إلى التمدّد ما أمكن على الأراضي السورية، بما في ذلك إعادة الانتشار في المناطق الحدودية سواء في الشمال مع تركيا، أو في الجنوب على الحدود مع فلسطين المحتلة والأردن، تمهيداً لخلق صورة مركبة ومعقدة عن الوضع السوري ترسخ سورية باعتبارها «صومال الشرق» وهو ما يدفع جميع الأطراف المنخرطة في اللعبة إلى الانتظار واعتماد الحلول الموضعية بما يضمن بقاء حرب الاستنزاف والتدمير الذاتي لمقدرات البلاد أطول وقت ممكن، وبما يشل قدرة كافة أطراف الصراع على الحسم، خصوصاً في المناطق الحدودية.
وهنا يبرز تقدّم الدولة السورية الميداني باعتباره أمراً مسلّماً به أميركياً أيضاً، لكن في حدود تعويم الصورة التالية: نحن في مواجهة تمدّد للنظام السوري بحسب المصطلح الغربي، وتمدّد للجهاديين، لذلك علينا العمل على المدى الطويل في سورية وانتظار المتغيرات على الأرض، من دون التدخل لاعتبارات تتعلّق باحتمال ترجيح كفة عدو على عدو آخر.
إن ائتلاف أوباما في سورية لا يحقق أهدافه في الشكل المعلن، لكن المضمون يختلف، من غير الممكن الحديث عن محاربة إرهاب ودعم اعتدال مفترض في الوقت الذي تعترف فيه «واشنطن بوست» «بتدفق ألف مقاتل شهرياً إلى سورية» تحت أعين الاستخبارات العالمية وبإشرافها، كما أنه من غير المنطقي تفسير الانكفاء الأميركي عن دعم «معتدلي» جمال معروف و«حركة حزم» في مواجهة «جبهة النصرة» في ريف إدلب، ألم يكن باستطاعة الطيران الأميركي تدمير مستودعات السلاح الأميركي الذي تملكه «حركة حزم»؟ أم أن المطلوب حصول «النصرة»، التي صارت مسؤولة عن جبهة جنوب سورية، على هذه الأسلحة النوعية؟
كاتب سوري