مرّ التمديد بين «سنونو السنيورة» و«إجر الضاهر»… و«بيض» المحتجين أوباما «بطة عرجاء»… والسيد لـ«إسرائيل»: «لا نخشاكم» ولـ«داعش»: «سنهزمكم»
كتب المحرر السياسي:
بينما تركيا وفرنسا تصوّبان النار على واشنطن بتهمة إنجاز اتفاق كامل في مسقط مع إيران يكرّسها، ضابط إيقاع لتوازنات المنطقة، وفي المقدمة التسليم بخسارة حلب لحساب الجيش السوري، خصوصاً بعد هجوم «النصرة» وانهيار القوى التي دعمتها واشنطن لتكون الخيار الثالث في سورية بين الدولة و»داعش» و»النصرة»، كانت الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي تسفر عن هزيمة متوقعة للحزب الديمقراطي وحصول الجمهوريين على الأرجحية بفارق صوتين أو ثلاثة.
الردّ التركي بتجميع «النصرة» مع بقايا «الجيش الحر» وشطب جماعة الرهان الأميركي من الخريطة، واكبه صراخ وزير خارجية فرنسا بضرورة تدخل التحالف الدولي لمنع سقوط حلب بيد الدولة السورية، بينما كان الجيش السوري يستعيد حقل الشاعر في صحراء تدمر من مجموعات «داعش»، ويستعدّ لاستكمال الحصار حول المجموعات المسلحة في حلب.
لم يلق الكلام عن تغيير متوقع في السياسة الأميركية مع تفوق الجمهوريين في الكونغرس الجديد قبولاً ورواجاً، فعلى رغم الميل الجمهوري المعلوم نحو سياسات التدخل العسكري، وما قيل عن تغيّر متوقع في التعامل مع الملفات الخاصة بسورية وإيران وروسيا، كان هناك شبه إجماع لدى محللي الصحف الكبرى في الغرب على أمرين، الأول، أنّ رئاسة باراك أوباما جاءت بسبب فشل سياسات حروب الجمهوريين، ونحن في مرحلة ما بعد فحص خيارات الحرب، ولسنا في عهد بيل كلينتون الذي ورثه جورج بوش بقوة الرهان على الخيارات الحربية ورفض ما وصف بالميل التصالحي للديمقراطيين، ولذلك فالخروج من الحروب قرار وخيار يتعدّى ولاية رئاسية، وحكم فريق، وغالبية لفريق، وهو يتصل بالقدرة التي يمسك بها أركان الجيش لا بالرغبة التي يبديها السياسيون، والأمر الثاني هو أنّ الزمن المتبقي من ولاية أوباما، لن يشهد أيّ تغييرات لأنه يبقى الرئيس صاحب القرار، لكن سيُصاب بشلل سياسي يحول دون قرارات كبرى، ليصير بطة عرجاء، ما يمنح خصوم أميركا قدرة التحرك بصورة أفضل.
في زمن الارتباك الدولي والإقليمي، مرّر لبنان التمديد لمجلسه النيابي، وسط كلمات الرئيس فؤاد السنيورة عن السنونو التي لا تصنع ربيعاً معلّقاً على دعوة السيد حسن نصرالله إلى الحوار، ويأتيه ردّ النائب المستفيد من التمديد بحصانة ممدّدة خالد الضاهر على زملائه المستقبليّين الذين يتفادون محادثته بالقول، «اللي بيحكي يحكي واللي ما بيحكي لإجري»، وليس بعيداً مشهد شبابي في ساحة رياض الصلح لمنظمات المجتمع المدني تعتصم احتجاجاً وقد أعدت صناديق البندورة والبيض لرشق النواب.
مجلس ممدّد، ورئاسة شاغرة، لكن، جيش يلاحق المجموعات الإرهابية ويلقي القبض على المزيد منهم، ومقاومة جاهزة في كلّ الجبهات والميادين، وقائدها يعلن للإسرائيليين رداً على تهديداتهم أنها لا تخيف المقاومين الذي أعدّوا واستعدوا للحرب، ما يجعلها فوق طاقة «إسرائيل» على التحمّل، ويتوجه إلى قادة «داعش» و»النصرة» وسائر مفردات «القاعدة» بوعد هزيمتهم قريباً.
بأصوات أكثر من ثلثي عدد أعضائه، وقبل أحد عشر يوماً من انتهاء ولايته الممددة سابقاً سنة وخمسة أشهر، أعاد المجلس النيابي التمديد لنفسه سنتين وسبعة أشهر، لتكتمل بذلك ولايته الممددة دورة انتخابية كاملة أي أربع سنوات، من دون حاجة إلى انتخاب رئيس جديد له ولا استقالة الحكومة الحالية. ما يعني تجنيب البلاد فراغ مؤسساتها الدستورية فضلاً عن شغور الرئاسة الأولى.
وكانت الجلسة التي حضرها 97 نائباً من كل الكتل باستثناء التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، عقدت في أجواء أوحت بالنتيجة المؤكدة بعد سلسلة مشاورات أبرزها مع نواب «القوات اللبنانية» الذين «أخفوا» موقفهم المؤيد للتمديد حتى موعد التصويت فيما صوت نائبا الطاشناق ضده. ووقع بري القانون الذي يحمل صفة المعجل المكرر، فور انتهاء الجلسة تمهيداً لإحالته على الحكومة ليصبح نافذاً بعد مرور خمسة أيام من تاريخ الإحالة في حال لم يوقع بعض الوزراء عليها وهذا متوقع من وزراء التيار الوطني والكتائب والطاشناق.
وعليه مدّد اقتراح النائب نقولا فتوش بالتمديد لـ 127 نائباً بذريعة الأوضاع الأمنية وفق تقديرات وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي لم يُسمع له حسٌ في الجلسة، ومن بين هؤلاء النواب النائب خالد الضاهر الذي لم يتكلم معه أحد من نواب كتلة «المستقبل» طوال الجلسة. لم يهتم نائب عكار لذلك وقال في دردشة مع الصحافيين: «اللي بيحكي معي يحكي واللي ما بيحكي لأجري»!
وبطي هذا الاستحقاق على «زغل» و«زعل» التيار الوطني الحر، حدّد رئيس المجلس النيابي أولويات المرحلة المقبلة وهي انتخاب رئيس للجمهورية ووضع قانون انتخابي جديد على أن تقصر ولاية المجلس عند انتخاب الرئيس وزوال الظروف الاستثنائية التي تحول دون إجراء الانتخابات التشريعية. وبالفعل دعا الرئيس بري اللجنة المكلفة درس قانون الانتخاب إلى اجتماع الاثنين في 17 تشرين الثاني الجاري في عين التينة. وقالت مصادر عين التينة لـ«البناء» إن بري سيعطي اللجنة مهلة شهر لوضع صيغة القانون الجديد وإذا تعذر ذلك فسيحيل الموضوع إلى الهيئة العامة.
إلا أن مصادر نيابية أكدت لـ«البناء» أن «الاتفاق على قانون انتخابي جديد خلال شهر غير وارد»، متوقعة «أن تسلك الاقتراحات والمشاريع طريق الهيئة العامة للتصويت عليها».
وفي أول رد فعل على التمديد أعلن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي من أستراليا «أن التمديد للمجلس النيابي ضد الدستور وبالتالي غير شرعي»، فيما وصفه التيار الوطني الحر بأنه «عملية سطو على المجلس النيابي وإرادة الناس». وأكد وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر صحافي في الرابية، أن وزراء التيار لن يصوتوا على القانون، مشيراً إلى إمكان الطعن فيه أمام المجلس الدستوري.
من جهة أخرى، نقل زوار رئيس الحكومة تمام سلام لـ«البناء» أن مرحلة ما بعد التمديد يفترض أن لا تكون كما قبلها وأنه يجب التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وكيفية التعاطي لتجنيب لبنان المزيد من الاهتزاز الأمني، مع الآخذ في الاعتبار الكلام الايجابي للأمين العام لحزب الله السيد نصر الله.
لا مقاطعة للتشريع
وفي هذا السياق أوضحت مصادر نيابية في «8 آذار» أن «المستقبل» و»القوات» كانا وعدا الرئيس بري بأن يستمرا في المشاركة في جلسات تشريع الضرورة. وأشارت إلى أن بري سيدعو اللجان المشتركة للانعقاد الأسبوع المقبل لاستكمال البحث في سلسلة الرتب بعد أن كانت وزارة المالية تسلمت ملاحظات قيادة الجيش على سلاسل العسكريين. لكن المصادر رأت أن بت السلسلة قد يأخذ مزيداً من الأخذ والرد للاتفاق على تغطية التكاليف الجديدة التي تضمنتها سلسلة العسكريين، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن بري سيعمل للإسراع من أجل بت هذا البند تمهيداً لتحديد موعد للجلسة التشريعية في وقت قريب.
من جهة أخرى، أكدت أوساط تيار «المستقبل» أن الرئيس سعد الحريري سيتحرك بعد التمديد للمجلس سعياً إلى فتح ثغرة في أزمة انتخابات رئاسة الجمهورية، وأشارت إلى أنه يحضر لإجراء مشاورات مع عدد من الأطراف في هذا الشأن، و»أن لا شيء يمنع التواصل مع العماد عون» .إلا أن مصادر نيابية في 8 آذار أكدت لـ«البناء» أن الانتخابات الرئاسية ليست في المدى المنظور، لافتة إلى أن معيار الانتظار هو أشهر، وليس سنوات»، مشيرة إلى «أن الانتخابات الرئاسية ستبقى عالقة لحين أن تفرج إقليمياً».
نصرالله: لا حياة للتكفيريين
على خط آخر، وجه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جملة رسائل إلى العدو «الإسرائيلي» والتكفيريين، مشدّداً على «أنّ المقاومة أشدّ عزماً وأقوى وأكثر يقيناً وأعلى تجربةً وخبرةً في مواجهة كل الأخطار وكل الحروب»، وأنّ «الإسرائيليين» لن يجدوا مكاناً على امتداد فلسطين المحتلة لا تصل إليه صواريخ المقاومة».
ولفت السيد نصر الله في كلمة ألقاها في اليوم العاشر من محرم أمام الحشود المشاركة في إحياء مراسم عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى أن التهديدات «الإسرائيلية» للبنان هي من باب التهويل، معتبراً «أنّ الذي يمنع «الإسرائيليين من العدوان على لبنان ومن استغلال فرصة الأحداث في سورية وانشغال جزء عزيز من مجاهدينا في سورية، هو معرفتهم أنّ المقاومة في لبنان عينها لم تغفل لحظة واحدة عن الحدود مع شمال فلسطين المحتلة»، مؤكداً «أنّ المقاومة في الجنوب وعلى امتداد الجنوب حاضرة وقوية وجاهزة وساهرة وفاعلة وفي أعلى درجات الجاهزية، لذلك فإنّ «الإسرائيلي» غير مغشوش، وهو يعرف أنّ الذهاب إلى حرب سيكون مكلفاً جداً».
وفي الشأن السوري، رأى السيد نصر الله «أنّ القوى الدولية والإقليمية التي اتحّدت للسيطرة على سورية، لم يكن هدفها أن تأخذ هذه المدينة أو تلك القرية أو بعض الأرياف، بل كان هدفها السيطرة على كل سورية وعينها في الدرجة الأولى للسيطرة على دمشق، ولكننا اليوم نقف ونتطلع من حولنا، فنجد أنّ دمشق ما زالت موجودة وأنّ سورية لم تسقط في يد هذا المحور أو المحاور الدولية والإقليمية». وأضاف: «أما التكفيريون فكان هدفهم السيطرة على سورية وطرد وضرب وإبادة أتباع الأديان الأخرى وأتباع المذاهب الإسلامية الأخرى وحتى من لا يوافقهم الرأي من أهل السنّة، وكانت سورية في انتظار المجازر التي تشبه ما فعله «داعش» في الرقة ودير الزور والموصل وما يفعله اليوم في الأنبار».
وتابع: «لكن نحن في السنة الرابعة، لم يستطع التكفيريون أن يسيطروا على سورية، وبقي جزء كبير من أهلها في أرضهم، في قراهم، في مدنهم، في بلداتهم من دون أن يخضعوا لهذه السيطرة». وأكد أن هذا الأمر يشكل انتصاراً وإنجازاً كبيرين و«المطلوب أن نصل إلى النصر النهائي»، جازماً بأن هؤلاء التكفيريين لا مستقبل لهم، ولا حياة لمشروعهم، وأكد أنه «ستلحق الهزيمة بهؤلاء التكفيريين في كل المناطق وفي كل الدول وفي كل البلدان، وسيكون لنا شرف أننا كنا جزءاً من إلحاق الهزيمة بكل هؤلاء».
السنيورة يضع شرطاً للحوار
وفي سياق آخر، رد رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة على إعلان السيد نصر الله يوم الاثنين الماضي، استعداد حزب الله للحوار مع تيار المستقبل بالقول: «سنونو واحد لا يصنع ربيعاً»، معتبراً أن الحوار الذي أبدى حزب الله استعداده له يجب أن يكون مقروناً بضرورة التخلي عن ترشيح عون لرئاسة الجمهورية لا التمسك بترشيحه.