شعبنا الفلسطيني يخوض مقاومة فريدة ويبتكر أسلوباً جديداً لمواجهة الاحتلال
لا يزال شعبنا الفلسطيني يخوض مواجهة فريدة من نوعها مع أسوأ أنواع الاحتلالات قاطبة، وهي مواجهة تتطور عبر الوعي السياسي والشعبي، وأيضاً عبر صوغ أشكال مختلفة من المقاومة وصلت به إلى مستويات نوعية في مضامينها وأشكالها، ما أكسبه خبرة ومعرفة منعتا الاحتلال من الاستقرار في احتلاله وقمعه.
فمنذ أيام بدأ الفلسطينيون لا سيما في الضفة الغربية وتحديداً في القدس، أسلوب مقاومة جديداً تمثل في استخدام السيارات لمهاجمة مستوطني وجنود قوات الاحتلال في مناطق متفرقة من المدينة المقدسة. أسلوب يجمع إضافة إلى شجاعته أبعاداً تؤشر إلى تحول الفعل الفلسطيني من مجرد الاحتجاج على إجرام وقمع الاحتلال، إلى المبادرة والهجوم ضد أهداف عسكرية واستيطانية، كان آخرها دهس الجنود الثلاثة في منطقة بيت لحم وقبله مهاجمة مستوطنين في محطة قطارات غرب القدس.
هو سلاح نوعي إذن، بدأ الفلسطينيون باستخدامه بعدما بلغت اعتداءات المستوطنين على القدس وأهلها وممتلكاتهم بدعم منهجي من الحكومة والكنيست مستوى غير مسبوق بدأ يهدد مصير المدينة المقدسة وأهلها.
اللجوء إلى سلاح دهس المستوطنين والجنود وإن كان في أحد جوانبه يشي بأبعاد انتقامية، إلا أنه يأتي في سياق تنام واضح لأسلوب كفاحي، قد يمهد لانتفاضة شعبية تلوح من داخل المواجهات اليومية التي يخوضها الفلسطينيون مع قوات الاحتلال في مناطق متعددة من الضفة الغربية.
وإذا كان وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، أعطى الضوء الأخضر لإطلاق النار على سائقي السيارات في عمليات الدهس وهدم منازل عائلاتهم، فإن ذلك ليس إلا إحساساً حقيقياً بخطر وفعالية الغضب الفلسطيني والخشية من تحوله في الضفة تحديداً إلى مواجهة شاملة.
يوميات الأقصى
وفي يوميات الأقصى، دخل عشرات المستوطنين الصهاينة باحات المسجد المبارك. وسمحت سلطات العدو صباح أمس للمستوطنين بتدنيس المسجد مرة أخرى، بعدما أغلقته في وجه النساء المسلمات من الأعمار كافة، وأبقت الوصول إليه مقصوراً على الرجال ممن هم فوق سن الـ45.
وكانت مصادر فلسطينية أفادت عن اعتقال 16 مواطناً في أنحاء مختلفة من المدينة المقدسة التي تشهد إضراباً شاملاً، بحجة المشاركة في المواجهات العنيفة التي أعقبت تشييع جثمان الشهيد إبراهيم العكاري، منفذ عملية الدهس التي أسفرت عن مقتل جندي صهيوني، وجرح 14 مستوطناً في حي الشيخ جراح.
وفي موازاة ذلك، أفادت تقارير «إسرائيلية» عن اعتقال شاب قرب محطة للقطار الخفيف بحي «بيت حنينا»، بدعوى مهاجمته لأحد الحراس الصهاينة، وتوجيه لكمات عدة له.
وفي الضفة المحتلة، اعتقلت قوات الاحتلال الليلة قبل الماضية وفجر أمس 15 مواطناً خلال مداهمات متفرقة بالضفة، فيما اقتحم مئات المستوطنين قبر يوسف شرق مدينة نابلس بحماية عسكرية مشددة.
وفي مدينة بيت لحم، نجا شاب فلسطيني من محاولة دهس على أيدي مستوطن قرب قرية الخضر غرب المدينة، بعد أن ارتطمت المركبة الصهيونية بجدار حديدي، وقد فر سائقها على الفور من المكان، بحسب ما ذكر شهود عيان.
وبينما أخفقت أجهزة أمن الكيان الصهيوني في الوصول إلى منفذ عملية دهس الجنود الثلاثة عند مدخل العروب، قال قائد ما يسمى بمنطقة الخليل في جيش الاحتلال :»إن عمليات الدهس من أخطر أنواع الهجمات، ولا أتوقع أن نجد لها حلاً قريباً».
وقال المستشار السابق للأمن القومي في الكيان «يعقوب عمدرور» لصحيفة «معاريف»: «ليس بإمكاننا وقف شخص أخذ مركبته لتنفيذ عملية دهس، ومن دون معاقبة عائلات المنفذين لن تتوقف هذه العمليات».
وكان ما يسمى وزير الأمن الداخلي الصهيوني «يتسحاق أهارونوفيتش» صرّح بأنه ينوي اقتراح تفعيل عقوبة هدم منازل منفذي عمليات الدهس».
وفي تعليق على هذه التصريحات، اعتبر «المركز «الإسرائيلي» للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة» والمعروف اختصاراً بـ» بتسيلم» ما قاله «أهارونوفيتش» تحريضاً على الإعدام من دون محاكمة، فضلاً عن أنه يثير القلق بشكل خاص كونه يأتي من قبل الوزير المسؤول عن تطبيق «القانون».
وتعالت الانتقادات الموجهة إلى أعضاء الكنيست الصهاينة الذين قادوا أخيراً عمليات اقتحام الأقصى، بحسب ما أوردت القناة العبرية الثانية التي ذكرت أن أصوات عدة حمّلت هؤلاء الأعضاء مسؤولية ما يحدث الآن، فضلاً عن إلقاء اللوم عليهم بخصوص قتل وجرح مزيد من «الإسرائيليين».