الصحف البريطانية: «بي بي سي» تبرّر إذاعة تعليقات خاشقجي ضدّ المملكة ومطالبة لحكومتي لندن وواشنطن بإعادة النظر ووقف التذلّل أمام أموال ابن سلمان
ما زال الموضوع الأبرز في تغطية الصحف البريطانية للشؤون الدولية هو اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلده في مدينة اسطنبول التركية الأسبوع الماضي .
تطرقت الكاتبة الصحفية ياسمين البهائي براون في صحيفة «آي»، إلى الموضوع في مقال بعنوان «قفوا في وجه مملكة السيف».
وتقول الكاتبة إنّ «السعودية إمبراطورية شرّ، ووصمة للإسلام، ومكان ظالم بشكل غريب»، مضيفة أنّ «على البريطانيين التقدّميين أن يشجبوا الحكام السعوديين بنفس الشدة التي يشجبون بها حكومة إسرائيل».
وتشير إلى أنّ السجون السعودية أصبحت تضمّ صحافيين وأكاديميين ونشطاء سياسيين ونسويين بأعداد تفوق أيّ وقت مضى.
وإذ أشارت الكاتبة إلى أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أجرى إصلاحات من قبيل السماح للنساء بقيادة السيارات وحضور المباريات، إلا أنها تعتبر أنّ «هذه الرحمات الضئيلة تحجب أنشطة القمع والمراقبة المتزايدة بتصريح من الأمير».
كما أنّ بن سلمان «طاغية دولي»، بحسب الكاتبة التي تضرب على ذلك مثالاً بردّ فعل السعودية على مطالبة كندا بالإفراج عن ناشطة معارضة، حيث طردت الرياض السفير الكندي واستدعت آلاف الطلاب ومئات الأطباء من كندا.
وتقول الكاتبة «هذا الأمير يعتقد بوضوح أنّ الاعتماد على النفط سيجعل العالم كله ينحني له. وغالبية زعماء العالم يشجّعون هذا الخيلاء. والحكومتان البريطانية والأميركية من أكثر المتذللين».
ودعت المسلمين، وخاصة البريطانيين، إلى إدانة «الإمبراطورية السعودية الفاسدة، العنصرية، عديمة الرحمة، البغيضة، المدمّرة».
وختمت مقالها بالقول «يجب أن نتظاهر من أجل خاشقجي. وتذكروا، إذا اتضح أنه قُتل، فلا أحد منا في مأمن».
وبدورها، تناولت صحيفة «فايننشال تايمز» الموضوع في افتتاحية بعنوان «السعودية مدينة للعالم بتفسير».
وتقول الصحيفة إنّ «السعودية لها تاريخ طويل في قمع المعارضة»، مضيفة أنّ الحملات داخل وخارج المملكة تزيد في ظلّ وجود ولي العهد محمد بن سلمان، بما يتعارض مع روح الإصلاحات الاقتصادية والدينية والثقافية التي بدأها.
وترى الصحيفة أنّ اختفاء جمال خاشقجي يجب أن يسترعي انتباه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو أقوى داعم على الساحة الدولية لولي العهد السعودي.
وبحسب الافتتاحية، ربما ساعد موقف ترامب في اكتساب بن سلمان الجرأة لتكثيف حملة داخل المملكة ضدّ الصحافيين والمدوّنين وحتى العديد من أفراد أسرته.
وإذا ثبت مقتل خاشقجي، فإنّ هذا يُظهر استعداداً خطيراً لدى ولي العهد السعودي لازدراء القانون الدولي، بحسب «فاينانشيال تايمز».
وتختتم الصحيفة بتحميل الرياض مسؤولية تفسير اختفاء خاشقجي، مشدّدة على أنه في غياب هذا التفسير، سيكون الاستنتاج هو أنّ محمد بن سلمان يعتقد أنّ بإمكانه التصرف بدون عقوبة. ولا بدّ من بذل جهد دولي مشترك لإثبات العكس له.
وفي صحيفة ديلي تليغراف نطالع تقريراً أعدّه راف سانشيز محرر شؤون الشرق الأوسط في الجريدة عن تعرّض «هيئة الإذاعة البريطانية» لانتقادات بسبب إذاعة تعليقات أدلى بها جمال خاشقجي لصحافيين في الهيئة على هامش مقابلة أُجريت معه قبل ثلاثة أيام من اختفائه.
وقال خاشقجي في التسجيل إنه لن يستطيع العودة إلى السعودية قريباً، وجاء في التقرير «أنّ قرار بي بي سي تعرّض لانتقادات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي، وجهها أشخاص يقولون إنه لم يكن للهيئة أن تذيع التعليقات التي قد تزيد من الخطر الذي يواجهه إذا كان ما زال على قيد الحياة».
ونقلت الصحيفة عن أكاديمي بريطاني يُدعى إتش ايه هلير قوله «أرى أنّ هذا أمر غير مقبول، ويجعلني أتردّد بشأن أيّ محادثة سأجريها على هامش مقابلة مع أيّ وسيلة إعلام».
وأضاف هلير، الذي أجرت معه بي بي سي مقابلات في السابق، بالقول «إذا كنت محتجزاً، آخر ما أرغب فيه هو أن يبث شخص ما على نحو متهوّر محادثات أجريتها خارج الهواء بشأن الخاطفين».
وأورد تقرير الصحيفة رداً من متحدث باسم بي بي سي، قال فيه «توخينا بالغ الحذر في اتخاذ قرار إذاعة كلمات خاشقجي وبحثنا التبعات بحرص».
وأضاف المتحدث «في ضوء الملابسات، فإنّ رؤيته بأنّ البيئة المتدهورة لحرية التعبير في السعودية تعني أنه لا يستطيع العودة للعيش هناك، تعد معلومة هامة وذات صلة».
ومضى قائلا «لا نعتقد أنّ هذا البث قد يزيد الخطر الذي يواجهه، خاصة مع الأخذ بالاعتبار انتقاده العلني القائم منذ فترة طويلة للسلطات السعودية».