داعش في القنصلية.. وتغريدة الأميركي بول
نظام مارديني
لم تخرج تغريدة الصحافي الأميركي، باتريك بول، المتخصص في الأمن القومي والإرهاب في الثاني عشر من الشهر الحالي، والتي تضمّنت صورة لجمال الخاشقجي يظهر فيها حاملاً قاذفة «آر بي جي» إلى جانب مجموعة من مقاتلي، بن لادن. لم تخرج عن سياق التأكيد على توجّه الخاشقجي الداعشي. يقول بول: «لم أكن أدرك حتى يوم أمس، أن جمال الخاشقجي كان مؤلف هذا المقال الشهير في «أخبار عرب نيوز» عام 1988، وهو يدور في أفغانستان مع أسامة بن لادن والمؤسس المشارك لـ«القاعدة» عبد الله عزام.. صحافي إصلاحي ديمقراطي يحمل آر بي جي مع الجهاديين».
ما نودّ قوله، إن فكر داعش كان معششاً في عقل المغدور، الخاشقجي، ولم يكن طارئاً، وهو عمل في الترويج الإعلامي لشبكة القاعدة ولخرافة الجهاد الأفغاني التي خطط لها المستشار الأميركي الأسبق، زبغنيو بريجينسكي، ولذلك يعتبر الإبن الشرعي للمذهب الوهابي، الذي يبتكر باسم الله والإسلام، صنوف القتل للقتل ليس إلا، ومن الطبيعي أن يكون الفكر «الداعشي» في صميم توجهه المذهبي، والمدافع الصلب عن جرائم داعش في كل من سورية والعراق، وهو كان جزءاً رئيسياً من عدة الحرب الإعلامية ضد سورية. ولعلنا هنا نتذكر تصريحه الآسن، في 25/ 7/2014، من أن «تقطيع رؤوس جنود النظام من قبل داعش وتصويرها وعرضها للإعلام بعد اقتحام الفرقة 17 وحشية، ولكنه تكتيك عسكري فعّال، الجماعة يعرفون ما يفعلون». ولكن غاب عن صاحب هذا التصريح أن مَن يبارك تقطيع الرؤوس بالسيوف، عليه أن يعرف أن السيوف ذاتها ستزين عنقه وتقطع رأسه، وأوصاله وأطرافه، وهو ما حصل وجعل منه قضية رأي عام بهدف ابتزاز السعودية من قبل أميركا وتركيا، ولكل منهما أهدافه وغايته، وبحسب قول مسؤول تركي رفيع لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن «الخاشقجي قتل في القنصلية من قبل فريق من العملاء السعوديين – خلال عملية سريعة ومعقدة في غضون ساعتين من وصوله المبنى – وتمّ تقطيعه بمنشار كبير جلبه الفريق الذي أتى من السعودية خصيصاً لهذا الغرض»، ولعلنا هنا نذكر أن في «لغز» اختفاء الخاشقجي في القنصلية يكمن في الخفاء، اسم سعود القحطاني، الذراع اليمنى «الخبيثة» لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي لطالما أرهب كل من يبدي معارضته بشكل علني للبلاط الملكي. حتى أن الخاشقجي لم يتوانَ في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز في آذار/مارس الماضي، من القول، إن «القحطاني عزّز سيطرته على وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا لقيادة «جيش الأقزام» على الإنترنت، وتقديم صورة عن طبيعة السلطة في السعودية».
هل توجد نقاط مشتركة بين «التراجيديا» القديمة و«التراجيديا» الجديدة التي يسبّبها السرطان الاستيطاني اليهودي لفلسطين؟
كم يشبه تاريخ آل سعود الحافل بعشرات المجازر الدموية التي طالت المعارضين لحكمهم، تاريخ عصابات الهاغانا اليهودية بقتل الفلسطينيين من المدنيين العزل كبداية لمشروع الاستيطان والاحتلال، وذلك بالتواطؤ مع الاستعمار الإنكليزي. ولعل من المفيد هنا التذكير بمجزرة آل سعود عام 1922 الكبيرة في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان بحق مصلّين في مساجد قرية الشعيبة، وكان عدد القتلى في تلك الليلة 3790 شخصاً. أو التذكير بمذبحة دير ياسين 9 نيسان/ابريل 1948 هي الأكثر حضوراً في ما نفّذه الصهاينة من مجازر في فلسطين المحتلة، ولعلها تضيء على غريزة القتل المتأصلة في العقل اليهودي، بهدف تفريغ فلسطين من سكانها وإحلال مستعمرين يهود من أربع جهات الأرض لتحقيق حلم «إقامة دولة اليهود».
هل ما يطرحه ذبح الداعشي جمال الخاشقجي بأيدي الدواعش في السفارة أو القنصلية السعودية في تركيا، سيفتح باب التاريخ السعودي الآثم، في الكشف عن الكثير من المجازر التي راح ضحيتها أكثر من مليوني عربي ومسلم.. من الحضر والبادية، ولا يزالون هم يتفاخرون بأن دولتهم هذه جاءت بحد السيف؟ أم ستغيب هذه الحادثة وتعتبر تحصيل حاصل في سجلات آل سعود الذين سيرضخون للابتزاز الأميركي.. كما للتركي لإسقاط القضية؟
هل نحن أمام لعبة ضوء وصوت أم أن الحقيقة أبت إلا أن تكشف عريَ آل سعود الماثل أمام طهارة الدم في كل من سورية والعراق ولبنان وفلسطين، وبلاد نجد والحجاز؟