أتبكي من النّار – أيّها الشّمع أم من حنينك للعسل!
ألا هو الحبّ تلك الكلمة السّامية الّتي تفتح في مسامعنا شريط الذّكريات الماضية والحاضرة، إنه تلك الغريزة الفطريّة المصحوبة بمشاعر ممتزجة من العقل والعاطفة وقدرة التفكير العشوائيّ والشعور المبطّن، متمثّلة بمشاعر وأحاسيس يختزنها عقلنا الباطن ويقولبها بشخصيتنا وأفكارنا وأحداث ماضينا وحاضرنا ليتركها تطفو عند اتّخاذنا قراراتٍ مصيريّة ومستقبليّة مرتبطة بأشخاص كوَّنا عنهم انطباعات أوليّة قد تكون إيجابيّة فننجح، أو بعضٍ منها سلبيّ فندخل في صراع المعاناة بين العقل والقلب.
هل طاقة حواسنا الخمس ومعها السادسة المخفيّة نسخّرها لتدفع بنا إلى مراحل فوق إنسانيّة وروحيّة تعكس شفافية ونقاء أرواحنا؟!
فمتى اجتزنا تيّار رومانسيّة الحبّ ومعاناته بأحواله وآلامه ولذائذه انتقلنا إلى مرحلة العطاء فكما النّدى يرطّب أوراق الشّجر ليمنحها الحيويّة والاستمرار، فعطاء الحبّ يفرح الرّوح ويدفع بالقلب إلى السّعادة فإن افتقرت القلوب إليه شاخت وهزلت وولّت في حزن. ولكن كلّ ذلك العطاء يتمحور في ظلّ عدم إنكار الذات فلكلٍّ شخصيته وكينونته، ولكن هيهات متى تحوّل سحر تلك المشاعر الجميلة طاقة استنفاذ لا طاقة عطاء فيصيبها التلبّد فتتحوّل نار العواطف المتأجّجة إلى صقيعٍ واللّهفة إلى لا مبالاة.
فكما كينونة الأنثى تتمتع بذكاء عاطفيّ يفوق الرّجل، تظهر كينونة الرّجل بشعور غامض يمتزج بين صدق المشاعر ونداء القلب وبين التفكير العقلانيّ المرتبط بالمصالح الذّكورية بما يشحذ فكره ويفرح روحه ولو بشكلٍ آنيّ.
فيا ليتنا ندع هذي النّبضات التي ترفعنا إلى عالم ملائكيّ تنبض أبداً لتعود تلك الومضات النّورانية التي تبعث في الرّوح الحياة فهي معدن السّعادة الذي لا يصدأ، فبطانة قلوبنا مهما قست جوهرها روحيّ يتجلّى في أجسادنا والوصال بالقلوب مهما بعدت الدروب وانكشفت المصالح وتجلّت الهموم هو الفوز، فلا بدّ من حبّ لتملأ كوننا الأنوار، ويغمرنا عبير الودّ، وتبتسم لنا الأقدار لنجعل صفحات كتابنا تكتب بنور القلب والإيثار فالأرواح الجميلة تعرف النّقاء وتراً والوفاء لحناً…
رنا جنيد