«عشق الصباح»
عند أول لحظات غروب الشمس وهي تلقي على البحر بألوانها اللازوردية مودعة هذا المدى الواسع من الزرقة والملح.. كنت أرقب أوراق الخريف وقد ملأت أرض الحاكورة والأرصفة المقابلة لا أدري حينئذٍ لماذا داهمني شعور قلق في هذا الجو الضاغط بالوداعات.. وقد تذكّرت كلمات قرأتها أو ربما كتبتها على هامش رواية «كازنتزاكس المسيح يصلب من جديد».. «إن أسوأ النهايات تلك التي تؤدي بك للعزلة وللخيبات»؟! في تلك اللحظة الغارقة بالتأمل تنامت لي نغمات موسيقى لدندنات عود تلامس الشغاف.. تتسرب من خلال نافذة تطل على وادي الزيتون جعلتني أنكفئ في الشرفة وأنا أرشف قهوة المساء وحيداً… يا إلهي! لم تكن أحلامي سوى نبوءات من ورق وحبر وخيالات عابرة تركت القلم ورحت أقرأ ما كتبته عن تلك المرأة المضمّخة بعطر الجوري وقد توهّمت أنها من الممكن أن تخرجني من وحشة الأمكنة والانكسارات إلى عالمها!! ارتعشت شفتاي بطعم قهوتها التي لا يزال عطر الهيل عالقاً في حلقي… وعيناي كانتا غارقتين في صمت عينيها يا لهذا البوح المدهش الذي يحكي كل شيء من دون أن تحرك شفتيها الساحرتين… وأنا مربك أتساءل كيف أستطيع استعادة تلك اللحظات الهاربة من الزمن التي عشتها كما في الحلم… فجأة هبّت ريح شمالية على الشرفة وسقط فنجان قهوتي على أرض الحاكورة التي تملأها أوراق الخريف؟!
حسن إبراهيم الناصر