قرم: الجدل المتواصل حول الهوية ودور الدين حال دون مناقشة الفشل التنموي

بدعوة من «ندوة العمل الوطني»، حاضر الوزير السابق الدكتور جورج قرم عن «العرب والتدمير الذاتي» في مركز توفيق طبارة، بحضور ممثل عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المستشار أسامة خشّاب، الرئيس حسين الحسيني، وزير الخارجية السابق عدنان منصور، رئيس اللقاء الوحدوي الاسلامي عمر غندور، د.صفية سعادة وحشد من أهل السياسة والفكر والثقافة والمهتمين.

بعد تقديم من نائب رئيس ندوة العمل، أشار قرم في البداية إلى «استفحال دينامية الانحطاط والفشل والانفجار للمجتمعات العربية، لا سيما منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي مع الغزو الإسرائيلي لبيروت، وهو انحطاط بدا داخل كل مجتمع أو في ما بين الأنظمة العربية، بحيث أصبح الشرخ في ما بينها يزداد سنة بعد سنة عبر اشتداد سياسة محاور عربية متخاصمة مدمرة لاستقلال العرب وازدهارهم»، مشيراً إلى أنّ ذلك حال «دون دخول المجتمعات العربية في التحولات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية العملاقة التي كانت تجتاح العالم».

وتساءل قرم عن «أسباب الوصول إلى الفشل الذريع في بناء التعاضد والتلاحم في ما بين العرب»، معتبراً أنّ «دينامية الفشل هي سلسلة من التصرفات الجماعية على صعيد الأشخاص أو المجتمع أو القادة السياسيين، التي تؤدي إلى تحويل الحدث أو الواقعة الإيجابية إلى حدث أو واقعة سلبية الأثر، مثلما حصل بعد نجاح المقاومة اللبنانية في صد الهجوم العسكري الإسرائيلي الغاشم على لبنان في صيف عام 2006، بسبب تحميل قيادة إحدى الدول العربية الرئيسية حركة المقاومة، وليس إسرائيل، المسؤولية عما أصاب لبنان من أضرار مادية وبشرية».

كما عرّف «دينامية التدمير الذاتي» بأنها مرحلة مكملة لدينامية الفشل، بل ذروتها، تتصف بما تشهده الآن عدد من الساحات العربية من حروب فتاكة».

واستعرض عشر محطات رئيسية هي: الخلاف حول الموقف من السلطنة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر ومحطة بلقنة المشرق العربي وإنشاء الكيانات القطرية المنفصلة التي نتجت عن الضعف العسكري العربي والعجز عن الحؤول دون تطبيق فرنسا وإنكلترا اتفاق سايكس – بيكو لتقسيم الأقاليم العثمانية في المشرق العربي، ومحطة «انقلاب نفطي في التوازنات بين المجتمعات الحضارية والصحراوية» ومحطة «توقيع اتفاق سلام «كامب دايفيد «1978 – 1979» بين مصر وإسرائيل ومحطة «المواقف العربية المتناقضة من الثورة الإيرانية عام 1979» ومحطة «حرب أفغانستان ونشوء منظمة القاعدة» ومحطة «توقيع اتفاق أوسلو و»مسار السلام» الفلسطيني- الإسرائيلي» ومحطة «وصول المحافظين الجدد إلى الحكم في الولايات المتحدة وأحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001» ومحطة «تحريف الانتفاضات العربية عام 2011 والحملات العسكرية الغربية ضد ليبيا وسورية» ومحطة «حرب اليمن» التي صنفها قرم بأنها «قمة التدمير الذاتي العربي» لأنها «اتخذت منحى مجنوناً من التدمير والتجويع والكارثة الإنسانية التي ضربت هذا البلد العريق بتاريخه وأهله».

وتناول «أهمية الاهتمام بتوطين العلم والتكنولوجيا»، معتبراَ أنّ «الفشل العربي تجسد في أنظمة اقتصادية ريعية الطابع مبنية على الإفساد والفساد ونهب الثروات الوطنية».

ودعا إلى «إعادة بناء نظام قيمي وإدراكي لمجريات العالم الحديث ووضع العرب فيه»، مؤكداً أن «الظرف بات يتطلب أن نمارس المنطق والاستقلال الفكري بعيداً من كل هذه السرديات النمطية، لكي نتمكن من بناء مستقبل مختلف عما سبق من مراحل دينامية الانحطاط والتفكك المجتمعي»، آملاً «الولوج إلى مرحلة جديدة، من التفكير المستقل والقدرة الإدراكية لمسار العالم، ما يسمح بالعمل الجماعي المنتج، وهو وحده من شأنه أن يؤمن الخبز والكرامة معاً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى