مستقبل السعودية يتصدّر غداً القمة الروسية الألمانية الفرنسية التركية في اسطنبول توقعات متضاربة حكومياً عن تنازلات قواتية… واشتباكات المية ومية تشعل الضوء الأحمر
كتب المحرّر السياسي
مع إعلان صحيفة الواشنطن بوست استضافة نجل جمال الخاشقجي على مقعد والده على صفحاتها، ووصوله إلى واشنطن بطلب أميركي رسمي، لا يبدو أن قضية مقتل الخاشقجي ستكون تحت السيطرة، خصوصاً مع صدور مواقف البرلمان الأوروبي تدعو لوقف تصدير السلاح للسعودية، ومطالبتها بإحالة ملف القضية إلى تحقيق دولي، وهو ما دعت إليه منظمة العفو الدولية التي حمّلت الحكم السعودي مسؤولية القتل المتعمّد، الذي اعترفت به متأخرة النيابة العامة في الرياض، بينما يشهد الكونغرس الأميركي نقاشاً بين أعضائه حول مشروع القانون الذي يدعو لوقف بيع السلاح للسعودية، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حياده تجاه ما سيقرّره الكونغرس، بعدما بلغت الاتهامات التي تلصق بترامب تبعات سلوك ولي العهد السعودي بسبب التغطية التي منحها له في كل أفعاله وصولاً لارتكابه قتل الخاشقجي.
مستقبل السعودية في مواجهة تداعيات قضية الخاشقجي سيكون على رأس جدول أعمال القمة الرباعية التي ستنعقد غداً في اسطنبول ويشارك فيها رؤساء تركيا رجب أردوغان وروسيا فلاديمير بوتين وفرنسا إمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي كانت مقرّرة لبحث الوضع في سورية، قبل أن تفاجئها التطورات المتسارعة في قضية الخاشقجي وما طرحته في التداول من تساؤلات حول مستقبل الوضع في السعودية، أمام المعلومات التي يملكها قادة الدول الذين سيجتمعون في القمة الرباعية والتي تؤكد مسؤولية ولي العهد السعودي عن قتل الخاشقجي من جهة، وصعوبة التستر على مسؤوليته من جهة مقابلة، وما سيترتب على كشف هذه الحقيقة من تداعيات على الداخل السعودي وعلى دور السعودية الإقليمي، وربما على تماسكها.
في لبنان حيث العاصفة التي هبّت على العديد من المناطق اللبنانية، وترتبت عليها خسائر كثيرة في الممتلكات، قالت العديد من المصادر المعنية بالاتصالات الخاصة بتشكيل الحكومة أن رياح التفاؤل هبّت على المسار الحكومي بعد عودة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري من زيارته للرياض، وقالت مصادره أن اتصالاته بالأطراف المعنية أدت إلى حلحلة أغلب المشاكل العالقة. وفيما نفت مصادر قريبة من القوات اللبنانية أنها وافقت على عرض أخير قدمه الحريري لا يتضمن حقيبة العدل، لم يُعرف مصير ما عرف بعقدة تمثيل النواب السنة من خارج تيار المستقبل، وكيف سيتمّ حلها، بينما أكدت مصادر مقربة من الحريري أن رئيس الجمهورية سيقوم بحل المشكلة إما بتقديم مقعد من حصته لتمثيلهم أو بالتوافق مع الأطراف المعنيين بعملية التأليف على تخطي هذه العقدة، بينما كانت مصادر النواب الأعضاء في اللقاء التشاوري تؤكد أن ليس لديها شيء عمّا يشاع حول الحلحلة نافية وجود مناخ يسمح بتخطي تمثيلهم، على صعيد موازٍ كانت الاتصالات السياسية تتوجّه نحو محاولات وقف النار في مخيم المية ومية الذي وصفته مصادر أمنية بالخطير، واعتبرت أنه يشعل الضوء الأحمر في ضوء الأوضاع الإقليمية المتوترة وخطورة تشكيل بؤر أمنية مفتوحة على مرجعيات خارجية.
مناورة الحريري «القوات» مستمرّة
فيما غرق لبنان أمس، بعاصمته وأطرافه في مستنقع من الأنهار والسيول نتيجة عاصفة الأمطار والرياح التي تضرب لبنان والمستمرة اليوم على أن تنحسر تدريجياً مساءً، بحسب ما أعلنت مصلحة الأرصاد الجوية، لم تتمكّن الأرصاد السياسية المحلية من تقدير اتجاهات الرياح الحكومية ولا قياس قدرة الرئيس المكلف سعد الحريري العائد من الرياض من إنقاذ المركب الحكومي وسط تعثر المفاوضات التي تشهد مداً وجزراً منذ أسبوعين على الأقل، لا سيما أن المناورة المشتركة بين الحريري والقوات اللبنانية ولعبة توزيع الأدوار بينهما مستمرة في محاولة ربع الساعة الأخير لانتزاع مكاسب من رئيس الجمهورية لصالح القوات لا تستحقها. وأشارت أوساط متابعة للملف الحكومي لـ»البناء» الى أن «الرئيس المكلف يتمسك أكثر بالقوات بعدما ساءت علاقته برئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي بات أقرب الى رئيس الجمهورية في الآونة الأخيرة، وما رفض جنبلاط استقبال الحريري إلا دليل على سوء العلاقة بين بيت الوسط وكليمنصو». ودعت المصادر الى ترقب وانتظار مفاعيل زيارة الحريري الى السعودية وكيفية صرفها حكومياً. وحذرت المصادر الحريري من «إساءة تقدير الموقف السياسي والحكومي». أما على خط بعبدا معراب فالوضع ليس بأفضل حالاً لا سيما بعد إلغاء الرئيس عون لقاءه بوزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي الذي نفى أن يكون الرئيس ألغى هذا الاجتماع بسبب مقال صحافي، عازياً السبب الى أمر استجدّ على عون، وقال الرياشي في حوار على قناة «أم تي في» ضمن برنامج الزميل مارسيل غانم: «لا أقبل على نفسي أن أنقل كلام رئيس الجمهورية، ولأنني أعرف ميشال عون أعرف أنه لا يلغي أي اجتماع بسبب مقال في صحيفة. ونحن كقوات لبنانية لا نقبل أن يُقال إن هذا هو السبب». وأضاف: «رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري هو من عرض علينا وزارة العدل بناء على تواصل بينه وبين رئيس الجمهورية»، وكان لافتاً قول الرياشي بأن «القوات اللبنانية ستتمثل خير تمثيل إذا كنت في الحكومة أو لم أكن»، ما يؤكد بأن الرياشي بات خارج الحكومة وما يعزّز التسريبات حول اهتزاز الثقة بينه وبين قيادته الحزبية بعدما أرسل رئيس القوات سمير جعجع مدير مكتبه إيلي براغيد برفقة الرياشي إلى بيت الوسط في الاجتماع الأخير مع الحريري.
في المقابل وفي البرنامج نفسه، أوضح عضو تكتل «لبنان القوي» النائب الياس بو صعب ، أنّ «خلاصة المشكلة مع القوات اللبنانية هو التباس في التصاريح أدّى إلى سوء تفاهم»، مؤكّدًا «أنّنا لم نحاول أخذ أي حقيبة من «القوات اللبنانية»، إنّما أردنا الحفاظ عمّا لدينا». وبيّن بو صعب أنّ «الرئيس عون يسعى إلى أن تكون بين يديه وزارة أو اثنتين أساسيتين لكي يتمكّن من السير ببرنامجه الإصلاحي والتغييري. كما أنّ من الطبيعي أن يحافظ عون على القوانين، و وزارة العدل في حاجة إلى مشروع تطويري، ولدى الرئيس عون مشروع بموضوع العدل سنشهد عليه في المرحلة المقبلة لإصلاح القضاء ». مشيرًا إلى أنّ «الرئيس لم يكن يريد تكريس وزارة معيّنة. هو مؤتمن على الدستور الّذي أعطاه صلاحيات للسهر على سير الأمور في الدولة». وغمز بو صعب من قناة القوات، قائلاً: «رئيس الجمهورية كان يحقّ له قبل اتفاق الطائف تسمية الوزراء، اليوم يحق له بحصة وزارية، فهل سنأخذ منه آخر ما تبقّى له من صلاحيات بعد الطائف؟».
وعكست مقدمة نشرة أخبار قناة «أو تي في» المسائية المناخ التعطيلي لولادة الحكومة وتحمل الحريري والقوات مسؤولية ذلك، حيث وصفت وضع الحكومة بأنها بين «مطرقة القوات وسندان الحريري». وقالت مصادر مطلعة للقناة إنّ «النقاش مع القوات بات محصوراً بوزارة العمل وهامش المناورة لدى القوات ضيّق جداً»، مشيرةً إلى أنّ «رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والرئيس المكلّف مصرّون على تمثيل القوات في الحكومة المقبلة». وفي وقت تطالب القوات بحسب مصادرها بحقيبة بديلة توازي العدل كمنحها التربية أو احتفاظها بالصحة، جزمت مصادر الحزب الاشتراكي أنّ حقيبة التربية خارج التفاوض وهي في عهدة الحزب.
وأعلن النائب ألان عون انّ كلّ الحكومة «واقفة» على حقيبة واحدة، مؤكداً ألا أحد يذهب باتجاه عدم مشاركة القوات «ولكن إذا اختارت طوعياً عدم المشاركة فهذا مؤسف. وعندها يجب التفكير بشريك بديل». وقال من عين التينة بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس: «مفتاح الحل لدى الرئيس الحريري».
بدوره لفت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إلى أنّ «حكومتنا ستتشكل قريباً جداً قبل الذكرى السنوية الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون »، مشيراً إلى أنه «لا يمكن أن يطلب الأوروبيون منا ما لا يقبلونه على أنفسهم، فكلما طال النزوح خربت سورية وتضرّر لبنان ». وفي كلمة له امام الجالية اللبنانية في بولونيا ، أشار باسيل إلى أنه «مهما حققنا من إنجازات فنحن مدعوون الى المزيد وهدفنا النهوض بالاقتصاد و مكافحة الفساد بعدما ثبّت العهد استقرار الأمن وأنجز الانتخابات ».
تجدّد الاشتباكات في الميّة وميّة
أمنياً، تجددت الاشتباكات في مخيم المية ومية بين حركتي فتح و أنصار الله، حيث سُمعت أصواتُ القذائف والرصاص في أجواء مدينة صيدا وسط معلومات تحدّثت عن احتراق المربع الأمني لأنصار الله وتقدم لمجموعات فتح في المخيم، حيث شملت الاشتباكات ثلاثة محاور: الشعبية ومركز عماد عفو ومحور النادي بحسب معلومات «البناء». وقالت مصادر حركة أنصار الله لـ»البناء» أن «حركة فتح هي من بادر الى شن هجوم مفاجئ على مقر تنظيم أنصار الله قرب مسجد الفاروق، حيث دخل حوالي 40 مسلحاً فتحاوياً ما اضطر عناصر المركز الى الدفاع عنه وصدّ الهجوم»، وأفادت المصادر بأن «اسباب الاشتباكات لا زالت مجهولة حتى الآن»، وقالت مصادر اللجنة الأمنية المشتركة لـ»البناء» إن «المساعي مستمرّة لتطويق ذيول الحادث الأمني».
اندلاع الاشتباكات أحدث صدمة لدى الاوساط السياسية والامنية المتابعة لا سيما أنه جاء خارج السياق، ففي حين كانت فتح تشتبك مع التنظيمات المتطرفة داخل المخيم، فما الذي استدعى انخراطها في اشتباك مسلح مباشر مع أنصار الله المعروفين بانضباطهم ومشاركتهم الفاعلة في اللجنة الأمنية المشتركة ولطالما لعبوا دور الاطفائي في مختلف جولات الاشتباكات السابقة بين فتح والمنظمات المتطرفة في مخيمي عين الحلوة والمية ومية!
ودعت مصادر مطلعة الى عدم الاستخفاف بما يجري في مخيم المية ومية متحدثة لـ»البناء» عن سببين لاندلاع الاشتباكات: الأول محلي مرتبط بالصراع بين الفصائل على النفوذ في المخيم، والثاني خارجي. وهو المرجح بحسب المصادر بهدف تحريك ورقة المخيمات بما يرتبط بصفقة العصر حيث يستغل الرئيس محمود عباس الانشغال الدولي والإقليمي بقضية الصحافي جمال الخاشقجي لفرض أمر واقع وبسط نفوذه على المخيمات لا سيما في عين الحلوة والمية ومية، حيث أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في لبنان للإيحاء للأميركيين بأنه يستطيع السيطرة على المخيمات. وأوضحت المصادر أن «عباس يتّخذ من مخيم المية ومية ساحة تجربة، فإذا نجح بالسيطرة عليه ينقل التجربة الى عين الحلوة»، ولفتت الى أن «الجيش يسعى لمنع تمدّد الاشتباكات الى خارج المخيم ويشدد إجراءاته على مداخل المخيمات للحؤول دون دخول عناصر من خارج المخيم إليه، لكنه لم يتدخل بشكل مباشر إذ لا قرار سياسي للدخول الى المخيم كما يعمل الجيش للضغط على قادة المنظمات لوقف الاشتباكات». وتحدثت المعلومات بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله دخلا بشكل مباشر على خط المعالجة وهناك اتصالات على أعلى المستويات لوقف إطلاق النار فوراً، كما اشارت المعلومات الى أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية اتصل ببري الذي وعد بالتدخل لدى جميع الأطراف لوضع حدّ للاشتباكات الجارية.
كما تواصل هنية مع قيادة الحركة في لبنان للاطمئنان على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وخاصة في مخيم المية ومية. وأبلغ هنية تحياته للشعب الفلسطيني في لبنان، مطلعاً القيادة على النتائج التي تمخضت عن مروحة من الاتصالات بالمسؤولين اللبنانيين. كما أكد استمرار المساعي لوقف إطلاق النار ، وعودة الهدوء إلى المخيم.
هذا وأعلنت كليات الجامعة اللبنانية في صيدا التوقّف عن الدروس اليوم بسبب الأوضاع الأمنية، كما أصدر وزير التربية مروان حمادة مذكرة بإقفال جميع المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة في صيدا.
وأكد الرئيس عون أن الجيش سيواصل اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على الأمن والاستقرار في منطقة المية ومية بعد الإشكالات الأمنية التي وقعت داخل المخيم وطاولت شظاياها البلدة»، مطمئناً الى أن «الإجراءات الميدانية التي اتخذها الجيش من شأنها ان تمنع أي اعتداء على البلدة وسكانها»، مؤكدا ان «الوضع داخل المخيم هو ايضاً قيد المعالجة».
خوري يهدّد بالقضاء…
على جبهة وزارة الاقتصاد – مولدات الكهرباء، هدد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري أصحاب المولدات المخالفين للقانون بالقضاء، ولفت الى أن «مخالفات أصحاب المولدات تشمل فرض تأمين 100 ألف ليرة، بعض الحالات يفرضون قطع الكهرباء أو الاشتراك بـ15 أمبير بدل 5 وهناك مخالفات منها إساءة أمانة واحتيال»، مؤكداً أن «القانون ينص على السجن بهذه الحالات».
وجزم خوري في حديث تلفزيوني أنه «تم التثبت من هذه المخالفات بالدلائل وسنحوّلها الى النيابة العامة »، مشيراً الى «أننا درسنا القانون والنيابة العامة يمكن أن تلاحق من يغش الناس ويهددهم. وهذا رادع لأصحاب المولدات».