د. فايزة حلمي

يقول ألكسندر غراهام بيل: «عندما يُغلق أحد الأبواب، يُفتَح باب آخر، لكننا غالباً ما ننظر طويلاً ونأسف للباب المغلق، بحيث لا نرى ما يُفتَح لنا». وتقول هيلين كيلر: «عندما يُغلق باب واحد مِن السعادة، يُفتح آخر لكن في كثير من الأحيان، ننظر إلى الباب المغلق بحيث لا نرى ذلك الذي فُتِح لنا».

قد تُغلَق الأبواب، ولكن هناك دائماً، عدد غير محدود من الأبواب، تُعْتبر فرص جديدة. فالعالم مليء بالفرص، إذا استطعنا فقط رؤيتها. وإن القوة اللانهائية لا حدود لها، وبالتالي فإن الاحتمالات بدون رقم، إلّا أن معظم الناس مرتبطون جداً بالماضي، بما هو مألوف لدَيهِم مِن معرفة، وبالتالي يضَيّعون الفُرَص التي تقف أمامهم مباشرة.

مِن الطبيعي أنّه ليس كل خطة تعمل، ففي بعض الأحيان، هناك خسائر وإخفاقات، ومشاكل في العلاقات، وقد يفقد الناس أموالهم أو وظائفهم، أو غيرها مِن الأشياء غير السارة، وغالباً لا نتحكم في الأحداث، ولكن يمكننا التدرّب على التَحَكّم في عقولِنا ومواقفِنا.

عندما يحدث واحد من هذه الأحداث، ونركّز اهتمامنا على الخسارة «الباب المغلق»، لا نرى سوى باب مغلق مع الإحباط الناجم عن ذلك والتعاسة، فإذا استطعنا فقط تحريك نظرنا واهتمامنا بعيداً عن الباب المغلق، فقد نفاجأ باكتشاف أبواب جديدة ومفتوحة، مع العِلْم بأنّه قد لا يكون من السهل تحريك أعيننا في مكان آخر، بسبب التعلق بالأشياء القديمة والمألوفة، والخوف من الجديد والمجهول، فيستمر ذهنك في التركيز على الخسارة والفشل والإحباط «على الباب الذي أغْلق» فهل ستساعدك هذه الأفكار بأي شكل من الأشكال، أم أنها سوف تخلق المعاناة وتمنع التغيير والتحسين؟

قد تتفق مع ما يقال هنا، ولكن كيف يمكنك أن تحرر نفسك من المألوفات السابقة وترى الفرص الجديدة؟ كيف يمكنك أن تقنع نفسك لترى، وتَدْخل خلال الأبواب الجديدة المفتوحة لك؟

قد تحتاج إلى بذل بعض الجهد: أن تكون أكثر وعياً بأفكارك. الرغبة في تحرير نفسك من الأفكار التي تبقيك عالقًا في مكان واحد. تطوير درجة معينة من الانضباط الذاتي. تطوير درجة معينة من القدرة على التركيز والتحكم في عقلك.

ودرجة معينة من السلام الداخلي ستكون مفيدة، لأن تصبح أكثر انفتاحاً وإيجابية وسعادة، لأنّه عندما يكون عقلك في سَلاَم، سيكون من الأسهل لكَ فَصْل نفسك عن الماضي، والحفاظ على عقل مفتوح، وبالتالي، يُتاح رؤية الأبواب الجديدة التي تُفتح لك بوضوح أكثر.

ولكي تكون مبدعاً، عليك أن تكون منفتحاً على فِكْرِة أن أفكارَك، هي طريقة تفهّمك للعالم ومحدّدة بخبراتِك، والطريقة البسيطة هي: إذا لم تَفتح الباب، لا تستطيع الأفكار الدخول، وهذا تذكير جيد بأهمية الانفتاح في الوقت الآني، لتعرِف كيف يُمْكِن أن تَعيق التفكير الإبداعي، لكَوْنك مقيداً بفِكرك المُغلَق أو بمعتقداتك.

يقول Tanner Christensen : «حين كنت أتحدث إلى الطلاب حول كيفية أن يعيش الفرد حياة أكثر إبداعاً، حيث إنني كنت أكتب عن الإبداع لمدة 10 سنوات، واجهت عددًا مِن الأشخاص البالغين، وجدوا أنفسهم يناضلون مع فكرة الانفتاح الفِكْرِي كوسيلة لجمع المزيد من النقاط التي يمكن من خلالها تكوين أفكار، أرادوا أن يكونوا أكثر إبداعًا، أرادوا أن يُلهِموا الآخرين ليكونوا أكثر إبداعًا أيضًا، لذا سألوني عن كيفية القيام بذلك، فأخبرتهم بما تعَلّمته، عن مساعدة الطلاب على الانفتاح على أشياء جديدة ومختلفة لتغيير الروتين، مع أخْذ الوقت الكافي للتفكير في التجارب، لقد ذَكَرت لهم الفشل وأهمية حدوث إخفاقات صغيرة وكيفية التغلب على النكسات من أجل الكشف عن أفكار جديدة ومفيدة.

عندما شرحت كل هذا، نَظر إليّ بعض الأشخاص الذين تحدثت إليهم بنوع من الشك، وكأن لا شيء مِن الأشياء التي تحدثْت عنها من شأنه أن يُحْدِث أي فرق، ولا أستطيع أن ألومهم على شكوكهم، فمن الصعب سماع أي شيء قد يقف في طريق معتقداتك، أو الكيفيّة التي تفكر بها دائمًا في الأشياء.

والآن حين تقرأ.. ربما هذه مشكلتك هنا، أنت لست على استعداد للتفكير في وجهات نظر مختلفة حتى تغيّر طريقة تفكيرك الموجودة حالياً، فأنت موجود داخل فقاعة صغيرة قمت بإنشائها لنفسك باستخدام تفكيرك الخاص، لذا عندما يأتي أي شيء حاد، سواء رأي مختلف أو شخص، ليقول كمثال: «أنه يجب عليك تجربة الشيء الذي فشلت فيه ذات مرة حينئذ ستجري بعيداً.

لذا لا عجب أن يكافح الكثير من الناس للكشف عن فكرة ثاقبة، أو يفشلون في تَعلُّم وسائل للتغلب على الانتكاسات أو الصعوبات في الحياة، لذا فهي تظلّ عالقة بطريقهم، ولا يستطيعوا أن يروا أن أسهل طريقة للخروج من التعقيدات، أو الروتين، أو العقبات، هي الانفتاح على وجهات نظر جديدة ومختلفة، لأن أسرع طريق للتفكير بطريقة إبداعية لا تكون بحماية أفكارك أو طريقة تفكيرك، إنّما بِتقبّل حقيقة أن أفكارك، ووجهات نظرِك حَول العالم، هي مجرد نقطة واحدة صغيرة في المخطط الكبير للأشياء.

فإذا كنت تريد طريقة للخروج من رَتابة طريقة تفكيرك القياسية، حاول التقاط كتاب لم تفَكّر أبداً في قراءته وأبدأ قراءته، تحدّث إلى الناس على الجانب الآخر من العالم وهذا أسهل الآن من أي وقت مضى أن تفعله بفضل الإنترنت ، أو إذا كنت تستطيع تَحَمّل تكلفة ذلك: إذهب إلى الجانب الآخر من العالَم وتحدّث وجهاً لِوَجه مَعَهم، جرب دخول مطعم لم تَدْخله سابقاً في الجوار، افعل أي شيء لتوسيع وجهات نظرك.

وتَذَكّر قَوْل جان جيرو: «الحياة الحقيقية هي الكثير من الأبواب الصغيرة التي يجب أن تمر خلالها… لِخَلْق شيء جديد».

مستشارة نفسية وتربوية/ مصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى