هدوء حذر يسود مخيم «المية ومية» بعد اتفاق على وقف النار برعاية حزب الله
ساد الهدوء الحذر مخيم المية ومية مساء أمس، بعد أن تجدّدت فيه الاشتباكات، ظهراً، في وقت تواصلت فيه المساعي من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وتنفيذ بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه على أثر الاجتماع الذي عقد في مقر المجلس السياسي لحزب الله في الضاحية الجنوبية، وحضره ممثلون عن فتح وأنصار الله، وأسفرت الاشتباكات عن وقوع 3 قتلى ونحو 6 جرحى، فيما تسببت بأضرار جسيمة في الممتلكات.
ولم تسلم البيوت والسيارات في بلدة المية ومية من الرصاص الطائش والقذائف التي تساقطت فيها، الأمر الذي أدى إلى تضرر عدد من هذه البيوت والسيارات، وسط مناشدة الأهالي وضع حد لهذا الوضع، وأن يمسك الجيش اللبناني بزمام الأمور.
وكان اجتماع موسع عقد في مقر المجلس السياسي لحزب الله جمع وفدي حركتي «فتح» و»أنصار الله»، وحضره مسؤول العلاقات الفلسطينية في حزب الله النائب السابق حسن حب الله ومعاونه الشيخ عطالله حمّود ومسؤول منطقة صيدا الشيخ زيد ضاهر.
وحضر عن حركة «فتح»: أمين سر منظمة التحرير وحركة فتح في لبنان اللواء فتحي أبو العردات، وقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب، واللواء منذر حمزة، واللواء منير المقدح، واللواء حسين فياض والعميدان ماهر شبايطة وناصر أسعد، وعن حركة «أنصار الله»: نائب الأمين العام ماهر عويد ومسؤول العلاقات السياسية إبراهيم الجشي وأحمد خليل.
وفي نهاية اللقاء، تمّ الاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار وإزالة المظاهر المسلحة فوراً، تأكيد الالتزام ببنود ورقة العمل الفلسطيني المشترك القاضية بتسليم أي مطلوب أو متهم أو مخل بأمن المخيمات إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية ورفع الغطاء عنه، العمل على إعادة الحياة في مخيم المية ومية إلى طبيعتها بشكل تدريجي تمهيداً لعودة الأهالي إلى منازلهم وأرزاقهم. كما تمّ الاتفاق على آلية تنفيذية لتلك البنود بين الحركتين.
من جهة أخرى، اعتبر رئيس بلدية المية ومية رفعات بو سابا الذي تفقد الأضرار، أنّ «هذا الوضع لم يعد مقبولاً، وهو يتسبب بالذعر والخوف لدى الأهالي»، مطالباً بـ «سحب السلاح وبأن يدخل الجيش إلى المخيم لإنهاء هذه الحال»، وقال: «نحن نعلم أن السلاح وظيفته محاربة العدو الاسرائيلي، لكن عندما يتحول لأن يستخدم في معارك داخلية والتقاتل بين الإخوة وإلحاق الضرر بالجوار فلم تعد له أي وظيفة ويجب سحبه».
من جهته، قال راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران إيلي حداد «إذا طالت مدة المعارك، هناك خوف لدى الأهالي من أن تتوسع رقعة الاشتباكات لتطال بلدتهم، الأمر الذي يؤدي الى تهجيرهم، وهذا أمر غير مقبول».
وأضاف: «ستكون لنا زيارة قريبة لقائد الجيش العماد جوزاف عون للبحث في هذا الوضع المستجد وللمطالبة بإجراءات من أجل ضبط الوضع وإعادة الأمور إلى طبيعتها. ونأمل بتعاون الجميع، أن ننهي هذه الحال من اللااستقرار وعودة الأمن والهدوء».
وزار المدير العام لوكالة «أونروا» في لبنان كلاوديو كوردوني، يرافقه مدير منطقة صيدا إبراهيم الخطيب ومدير خدمات «أونروا» في المية ومية حسن أيوب، بو سابا في حضور رئيسي بلديتي عين الدلب ومجدليون، وشكره على منح البلدية رخصة لـ «أونروا» لبناء مدرسة نموذجية وتسهيله عمل الوكالة في المنطقة.
وبحث كوردوني مع بو سابا في الوضع الإنساني للاجئين الفلسطينيين في مخيم المية ومية والمناطق المجاورة، وأعرب عن كامل تضامنه مع بلدة المية ومية بسبب الأحداث الأليمة التي تحصل جانب البلدة.
وفي سياق ردود الفعل على الاشتباكات، غرّد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد على تويتر قائلا:» المخيمات. سياسة السلطة اللبنانية العقابية ضيعت أولويات الشعب الفلسطيني.السلاح العبثي هدّد أمن اللبنانيين والفلسطينيين. كلاهما السياسة والسلاح فتحا الطريق لتشرد جديد. بحساب المصالح الإسرائيلية وبالمقاييس الطائفية والمذهبية حققت السياسة مع السلاح إنجازات مهمة».
وقد أرفق سعد ما كتبه بصورة لمدخل مخيم المية ومية.
من ناحيته، سأل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمّود في موقفه الأسبوعي: «لماذا بعد كل معركة تفتح السفارات أبوابها وتعطي التأشيرات للجميع وتسهل مهمات سماسرة التسفير، هل هذا هو الهدف الرئيسي أم هو بديل عنه؟ لماذا يحاسب الأفراد على إطلاق الرصاص في الهواء وفي الأعراس مثلاً، ولا يحاسب آخرون على السلاح الثقيل والتدميري والمعارك العبثية، سواء كان الحساب سياسياً أم قضائياً أم غير ذلك؟ من أين يأتي هذا الحجم من السلاح وما هو دوره؟ ولماذا تستعمل أسلحة الميدان بين البيوت الصغيرة والفقيرة؟ وكيف يصل هذا السلاح والذخائر المكدسة؟ ما هو المشروع: التهجير أم التوطين، أم كلاهما معاً، أم الإبادة؟».
وقال: «أي مشروع يمكن أن يسقط لو كان الفرقاء وحملة السلاح واعين لخطورة ما يحصل، ولكن للأسف، كل فريق يرى انتصاره على الآخر غاية عظمى، ما يجعل الجميع، بشكل أو بآخر، مشتركا في تنفيذ المؤامرات».
ورأى أنّ «أي مؤامرة على القضية الفلسطينية ستبوء بالفشل، وكلما سقط فريق أو تراجع أو تخلى سيظهر فريق آخر يحمل القضية إلى نهاياتها السعيدة».
من جهته، شجب الدكتور عبد الرحمن البزري تجدُّد الاشتباكات في مخيم المية ومية، معتبراً «أنّ تكرار مسلسل الأحداث الأمنية وازدياد وتيرة عنفها دليل على غياب الرؤية الواضحة في التعامل مع هذا الملف الحساس المتعلق بواقع المخيمات وضرورة حمايتها والحفاظ على خصوصيتها وتأمين سلامة محيطها».
وأضاف: «مع تقديرنا للجهود التي بذلت للتفاهم حول وقف إطلاق النار الا أننا نعتبر أن هذا الموضوع يحتاج إلى مقاربة مختلفة تعالج الأسباب، ولا تتعاطى بصورة طارئة وعاجلة مع النتائج».
وطالبت «جبهة العمل الإسلامي» في لبنان، الجميع ببذل أقصى الجهد من أجل وقف إطلاق النار وسحب فتيل التفجير وسحب المسلحين من الشوارع والزواريب وعودة الأمور إلى سابق عهدها مع معالجة الذيول والأسباب التي أدت إلى ذلك معالجة جذرية تمنع تجددها.
وشدّدت «على رفض الاقتتال الداخلي بين الأخوة، ودعت إلى تحكيم لغة العقل والمنطق وتحمل المسؤولية من قبل الجميع ووأد الفتنة وإطفاء نارها والاحتكام في كل الأمور المختلف عليها إلى لغة الحوار والعقل والوعي وعدم تعريض شعبنا الفلسطيني وسكان المخيمات إلى مزيد من التهجير ومزيد من القتل والخراب والدمار الذي لا طائل منه».