أوباما لن يغيّر في سياساته بعد نتيجة الكونغرس

روزانا رمّال

يبقى الاستحقاق الانتخابي في الولايات المتحدة هو الأهمّ في تحديد سياسة الرئيس الاميركي المقبل ومعه سياسة حزبه، كيف اذا كان هذا الاستحاق انتخابات مجلس الشيوخ التي فاز فيها الجمهوريون على الديمقراطيين حزب الرئيس ولو بفارق بسيط، لكنه كاف للتحكم بالسياسات الخارجية التي يلتقي عليها النواب الجمهوريون، بينما يتوزعون الى مجموعة كتل متباينة ومتنافرة عندما يتعلق الأمر بالشؤون الداخلية.

لذلك ينحصر تقييم نتائج الانتخابات الأخيرة في مدى انعكاسها على السياسة الخارجية، وليس على السياسات الداخلية التي يعرف كلّ متابع للسياسات الداخلية الاميركية انّ التصويت عليها عندما تحال الى الكونغرس نادراً ما يكون الجمهوريون في ضفة والديمقراطيون في ضفة مقابلة، حيث في اغلب المرات كان يصوت «مع» خليط جمهوري ديمقراطي ويصوت «ضد» خليط مماثل، والانقسام الحادّ بين الجمهوريين والديمقراطيين لا ينتبه إليه أصلاً المواطن الاميركي الذي لا يهتمّ بالسياسة الخارجية بقدر ما يهمّه موقف النائب الذي منحه صوته من قضية داخلية محدّدة هي موضع اهتمامه، لذلك تشهد السوق الانتخابية الاميركية في الشأن الداخلي انقلابات في مواقف النواب على مواقف أحزابهم أثناء الحملات الانتخابية سعياً إلى كسب الأصوات.

اذاً الخلاصة أنّ الاصطفاف إما جمهوري وإما ديمقراطي ليس موجوداً الا في ما يتعلق بالسياسات الخارجية.

الأمر الثاني الذي يلفت المراقبين هو أنّ حدود اثر الكونغرس على الإدارة ليست في صناعة القرار بل في تعطيل القوانين أو إصدارها أو تشكيل لوبيات الضغط المؤثرة على قرار الرئيس، أما دستورياً فالسياسة الخارجية لها صانع واحد هو البيت الابيض.

الذين يتبنون الرأي القائل انّ هذه الانتخابات ستؤثر على السياسة الخارجية ينطلقون من ان يشلّ الجمهوريون عمل إدارة أوباما في ما تبقى الولاية، وأن يستعدّوا للفوز بالرئاسة والعودة الى البيت الابيض بعد سنة وشهور قليلة، نظراً إلى أنّ ما جرى في الانتخابات مؤشر الى بدء تفكك شعبية الديمقراطيين وعودة الجمهوريين الى الصعود.

لكن هذا التقدير يواجه عقبة رئيسية هي إجماع متابعي السياسات الدولية على أنّ المهم هو العام 2015 وليس ما بعده لأنه العام الذي سيحسم فيه مصير الملفات الثلاثة الحاكمة للوضع الدولي وهي:

ـ العلاقة الاميركية ـ الروسية انطلاقاً من أوكرانيا.

ـ العلاقة الاميركية ـ الايرانية انطلاقاً من الملف النووي الايراني.

ـ العلاقة الاميركية بالملف السوري انطلاقاً من الحرب على «داعش».

فمع نهاية العام 2014 سترسو الأزمة الأوكرانية على حرب أهلية أو على تسوية، وسيرسو التفاوض مع إيران على نعي الحلّ السياسي أو تكريسه، وسيرسو مستقبل ما سُمّيَ «المعارضة المعتدلة» في سورية، والتي يجمع الحزبان الجمهوري والديمقراطي على اعتمادها، على تلاشيها او اعتماد «جبهة النصرة» بديلاً منها.

أما النتيجة فلا سبب لها يتصل بالسياسات الخارجية لأوباما بقدر اتصالها بفشل إدارة اوباما في تحقيق الوعود التي أطلقتها، ذلك انّ الأزمة التي تعصف بأميركيا، والتي استمرت طيلة ولايتي بوش وولايتي أوباما تبدو أكبر من طاقة الجمهوريين والديمقراطيين على الحلّ.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى