أزمة خاشقجي تهدّد طموحات الصندوق السيادي السعودي
أشار تحليل اقتصادي إلى أنّ أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول تهدّد بتباطؤ مشاريع الصندوق السيادي السعودي وطموحاته التوسعية.
وأشار التحليل، الذي أجرته وكالة «رويترز»، إلى أنه قبل عام كان صندوق الاستثمارات العامة السعودي، صندوق الاستثمار السيادي للمملكة، نجماً صاعدا بين الصناديق المدعومة من الحكومات.
وبرز الصندوق، الذي يرأسه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كأكثر شريك قادر على البقاء للمستثمرين الأجانب بعد حملة استهدفت رجال أعمال ومسؤولين وأمراء بتهمة الفساد العام الماضي.
وضخّ الصندوق مليارات الدولارات في صندوق التكنولوجيا لمجموعة سوفت بنك التابعة لقطب الأعمال الياباني ماسايوشي سون وذراع البنية التحتية التابعة لشركة الاستثمار المباشر الأمريكية بلاكستون وكان يراكم أرصدة مالية لتمويل صفقات في الخارج.
وبحسب التحليل، فإنّ هذا الأمر تغير الآن بعد الضجة بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول مطلع هذا الشهر، والتي تسببت في عزوف بعض الشركات الغربية عن التعامل مع صندوق الاستثمارات العامة، مما يهدّد بتباطؤ بعض مشاريعه الضخمة واستثماراته العالمية.
وقال ستيفن هيرتوغ، الباحث في الشأن السعودي بكلية لندن للاقتصاد: «الشركات في القطاعات التي تتسم بمستوى أقوى من حيث المسؤولية الاجتماعية، بما في ذلك شركات التكنولوجيا التي مقرها الولايات المتحدة، ستواجه أوقاتاً أكثر صعوبة في قبول أموال صندوق الاستثمارات العامة».
وأوضح هيرتوغ أنه سيكون من الصعب «ضخ رؤوس أموال على نحو أكبر وأكثر بروزا، من النوع الذي قد يمنح صندوق الاستثمارات العامة مقعدا في مجلس الإدارة».
وقد نأت العديد من الشركات بنفسها عن الصندوق وعلقت مناقشة بدء استثمارات جديدة مع صندوق الاستثمارات العامة بعد مقتل خاشقجي، بينما قاطعت عشرات الشركات الكبرى ورجال الأعمال والمسؤولين حول العالم مؤتمر مبادرة الاستثمار الذي عقد في الرياض هذا الأسبوع. من هؤلاء:
ـ الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون قال في وقت سابق من الشهر الجاري إن مجموعة فيرجن التابعة له ستعلق مناقشاتها مع صندوق الاستثمارات العامة بشأن استثمار مزمع بقيمة مليار دولار في المشاريع الفضائية للمجموعة. ونقلت رويترز عن متحدث باسم فيرجن قوله إنّ تصريح برانسون ما زال قائماً.
ـ دارا خسروشا هي، الرئيس التنفيذي لشركة أوبر، قال الثلاثاء الماضي إن الشركة تنتظر الحقائق الكاملة بخصوص مقتل خاشقجي قبل أن تقرر ما إذا كان هذا سيؤثر على استثمار صندوق الاستثمارات العامة البالغ 3.5 مليار دولار في شركة خدمة نقل الركاب.
ـ مجموعة سوفت بنك، التي حصل صندوق رؤية التابع لها والبالغ حجمه 93 مليار دولار على نحو نصف أمواله من السعودية، التزمت الحذر في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض والذي قاطعه عشرات المسؤولين ورؤساء البنوك والمسؤولين التنفيذيين بالشركات الغربية.
وقد ألغى ماسايوشي سون، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوفت بنك، كلمة كان من المقرر أن يلقيها لكن مسؤولين تنفيذيين آخرين في سوفت بنك انضموا إلى الجلسات النقاشية.
ونقلت رويترز عن مصدر مطلع أنّ ماسايوشي سون حضر إلى الرياض للاجتماع مع مسؤولين سعوديين على مستوى عال، بمن فيهم ولي العهد السعودي، ليشرح بشكل شخصي السبب وراء عدم حضوره المنتدى ويعبر عن قلقه بشأن مقتل خاشقجي.
ورغم التداعيات الفورية لمقتل خاشقجي فإنّ صندوق الاستثمارات العامة لم يُظهر أي مؤشرات على تغيير استراتيجيته، مشيراً إلى تصريح ياسر الرميان مدير الصندوق خلال مؤتمر الاستثمار السعودي الأسبوع الماضي أن نحو 10 في المئة من أصول الصندوق هي أصول دولية وإنه يهدف إلى زيادة تلك النسبة إلى 50 بالمئة بحلول 2030.
وبحسب الوكالة فإنه حتى قبل الأزمة السياسية، كانت الطموحات الدولية لصندوق الاستثمارات العامة معرضة لخطر أن تنحرف عن مسارها بسبب الحاجة إلى تمويل مشاريع محلية في إطار مسعى للإصلاح الاقتصادي.
وقد تمّ العام الماضي الإعلان عن ثلاثة مشاريع كبرى للصندوق، وهي مدينة نيوم العملاقة ومشروع البحر الأحمر السياحي ومنطقة القدية الترفيهية، لكن خطط التمويل لا تزال يكتنفها الغموض.
وقال الرؤساء التنفيذيون للمشاريع الثلاثة في مؤتمر الاستثمار السعودي إنهم يمضون قدماً، لكنهم لم يكشفوا عن أي مستثمرين أو تفاصيل عروض أو الكيفية التي قد يتم بها تمويل المشاريع.
وتقدر السلطات السعودية أنّ مشروع نيوم ستبلغ تكلفته 500 مليار دولار، فيما لم تُنشر تقديرات لمشروعي القدية أو البحر الأحمر، لكنّ هذه المشاريع جميعا خسرت شريكها الأجنبي الوحيد حين علًق برانسون عمله فيها جراء قضية خاشقجي.
المجلس الاستشاري لمشروع نيوم خسر هو الآخر أعضاء من بينهم سام ألتمان، رئيس واي كومبيناتور، ووزير الطاقة الأميركي السابق إرنست موينز.
وتوقع التحليل أن تواجه مساعي الصندوق للمساهمة في استثمارات دولية مزيداً من الاختبارات إذا واجهت المملكة ضغوطاً لفترة طويلة بشأن أزمة خاشقجي التي تسببت في توتر علاقتها مع حلفاء غربيين بما في ذلك الولايات المتحدة.