ميركل: التنحّي عن رئاسة الحزب يتيح لي التعامل مع القضايا الأخرى
رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «المخاوف من أن استقالتها من رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي سيتركها في مأزق ويجعلها غير قادرة على التعامل بكفاءة مع قادة العالم مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان».
وقالت في مؤتمر صحافي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الموجود في برلين لحضور قمة بشأن افريقيا «إن قرارها عدم السعي لرئاسة الحزب في الانتخابات المقبلة سيتيح لها المزيد من الوقت للتعامل مع القضايا الأخرى».
وقالت أمس، «لا أعتقد أن أي شيء سيتغير بشأن الوضع التفاوضي في المفاوضات الدولية – بل يمكن القول إنه سيتاح لي المزيد من الوقت للتركيز على مهامي كرئيسة للحكومة».
فيما أعطى إعلان أنجيلا ميركل المفاجئ نيتها التخلي عن منصب المستشارة الألمانية لدى انتهاء ولايتها الحالية في 2021 الضوء الأخضر لانطلاق سباق خلافتها الذي يحظى بالاهتمام داخل ألمانيا وخارجها.
لكن الفترة الانتقالية التي حددتها ميركل تعد طويلة بالحسابات السياسية حيث يشكك حتى كبار الشخصيات في حزبها علناً في «مدى قدرتها على البقاء في السلطة حتى انقضاء ولايتها».
وقال رئيس مجلس النواب الألماني ووزير المالية السابق فولفغانغ شويبله لإذاعة «دويتشه فيله» «لا تزال هناك ثلاث سنوات ضمن المدة التشريعية. سنرى إن كان الحال سيكون هكذا حقاً».
وأضاف «لم تعد اليوم بالقوة التي كانت عليها في أوج فترة نجاحها، هذا واضح من نتائج التصويت».
وأشارت وسائل إعلام ألمانية عدة كذلك إلى «إمكانية انقضاء حقبة ميركل قبل المتوقع».
وقالت مجلة «دير شبيغل» الأسبوعية «لم يعد الأمر يعود إلى ميركل وحدها في تقرير إن كانت ستحكم كمستشارة حتى العام 2021 ومن ثم تعتزل السياسة كما وعدت أم أن الأمور ستخرج فجأة عن سيطرتها».
وستشكل هوية الشخصية التي ستخلف المستشارة المخضرمة التي صعدت إلى السلطة قبل 13 عاماً وتولت قيادة حزبها منذ 18 عاماً عاملاً رئيساً في تحديد مصيرها.
وبعدما أبلغت كبار المسؤولين في حزبها بنياتها، ذكرت تقارير «أن ثلاثة مرشحين أشاروا إلى رغبتهم الترشح لتولي المنصب وهم أمين عام حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي انغريت كرامب – كارنبوير ووزير الصحة ينس سبان وزعيم مجموعة الحزب البرلمانية السابق فريدريش ميرز».
وأوردت وسائل الإعلام الألمانية كذلك اسم «آرمين لاشيت»، الذي يشغل منصب رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا.
لكن لاشيت أكد أول أمس، «أنه لم يعلن ترشحه»، حيث اعتبر أن «الأهم في هذا الوقت هو التفكير ومعرفة ما الذي تعنيه مغادرة ميركل الحزب والكيفية التي يمكن من خلالها إبقاؤه موحداً».
ولفتت «دير شبيغل» إلى أنه «في حال فازت مرشحة ميركل المفضلة انغريت كرامب – كارنبوير في كانون الأول، فستكون فرص ميركل في البقاء في السلطة جيدة، بينما إذا حصل أحد منتقديها على غرار سبان أو ميرز على المنصب فسيعني ذلك على الأرجح انتهاء مستشارية ميركل بشكل أسرع».
لكن ما لا شك فيه هو أن «أسماك القرش» تحوم حول المنصب. فبحسب صحيفة «بيلد»، يتآمر خمسة من كبار الشخصيات في الاتحاد المسيحي الديمقراطي ضد ميركل منذ أسابيع.
وكانت المجموعة تخطط لـ»عقد محادثات لإجبار ميركل على المغادرة في حال لم تبادر هي بذلك بعد الانتخابات التي جرت في مقاطعة هيسن»، بحسب «بيلد» التي لم تسم مصادرها.
إلا أن المستشارة استبقت الأمور وأعلنت قرارها غداة النكسة الانتخابية التي مني بها حزبها في مقاطعة هيسن.
وأكدت أنها «لن تدعم أياً من المرشحين»، مؤكدة أنها «ستقبل بأي قرار ديمقراطي يتخذه حزبها».
يذكر أنّ وصول أعداد كبيرة إلى البلاد، خلف هوة عميقة في المجتمع الألماني وغذّى صعود حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، ما أعاد رسم الخريطة السياسية للبلاد.
وإلى جانب الصراع الداخلي على السلطة ضمن صفوف الاتحاد المسيحي الديمقراطي والذي بإمكانه تحديد مستقبلها، قد يعجل شريكها الصغير في الائتلاف الحكومي «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» خروج ميركل في حال أطاح بالحكومة قبل 2021.
وأدّى تراجع شعبية الاشتراكي الديمقراطي إلى انقسامات داخلية في صفوف الحزب بشأن البقاء في الحكومة.
وبعد سقوطين في انتخابات محلية خلال أسبوعين، أشار الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى «احتمال مغادرته في حال لم يلبّ ائتلاف ميركل اليميني الوسطي بين الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحلفائه البافاريين من حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي مطالبه».
وقالت زعيمة الحزب الاشتراكي الديموقراطي اندريا نالس «إن حزبها سيقرر بحلول ايلول 2019 إن كانت هذه الحكومة لا تزال المكان المناسب بالنسبة لنا».