عون: سنحلّ مسألة النازحين مع سورية بمعزل عن المؤسسات الدولية
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن الحكومة يجب أن تكون وفق معايير محددة ولو رضي الجميع بأحجامهم لما حصلت أي مشكلة، معتبراً أن العراقيل في مسألة تمثيل سنة المعارضة غير مبررة، واستعمال التأخير كتكتيك سياسي يضرب الاستراتيجية الوطنية التي نحن في أمسّ الحاجة اليها، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة، مشيراً الى أنه يجب أن يكون رئيس الحكومة قوياً لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة.
مواقف الرئيس عون جاءت خلال حوار إعلامي مفتوح ومباشر عبر محطات التلفزة والإذاعة، في الذكرى الثانية لانتخابه، وقال: «نحن بلد ديموقراطي متعدّد أكثر من اللازم، و الحكومة يجب أن تكون وفق معايير محددة فلا تهمش لا طائفة ولا مجموعة، ولو رضي الجميع بأحجامهم لما حصلت أي مشكلة. ولقد تبينت أخيراً مسألة تمثيل السنة المستقلين. إن العراقيل غير مبرّرة، واستعمال التأخير كتكتيك سياسي يضرب الاستراتيجية الوطنية التي نحن في أمس الحاجة اليها، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة».
وتحدّث عن «اقتراب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التضييق المالي»، وقال: «كل دقيقة تأخير تكلفنا عبئاً كبيراً».
ورداً على سؤال عن العقدة السنية وعدم حلها وتأثير ذلك، قال: «هم أفراد وليسوا كتلة. لقد تجمّعوا أخيراً وطالبوا بتمثيلهم، نحن يهمنا ان يكون رئيس الحكومة قوياً لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة. ويجب أن يدركوا ألا ثغرة في الوحدة الوطنية، ولا يجوز أن يحصل ما يحصل اليوم».
وسئل عما إذا كان بالإمكان بذل المساعي لحل العقد، قال: «الوضع ليس سهلاً، وأنا أقدره جيداً. أما حكومة الامر الواقع فلا اعتقد أنها تحترم».
وعن التقاتل بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، قال: «هذا ليس تقاتلاً، وانما اختلاف في وجهات النظر. نحن مختلفون في السياسة، وليس على الوطن».
وعن الخدمات للناس والتحقيق في معاناتهم، قال: «هناك قضايا لا إمكانات لتنفيذها، وأخرى فيها تقصير، والتقصير سنعمل على معالجته».
وأشار إلى «ضرورة ملء الفراغ في المؤسسات، وهناك مَن يعمل على مقاومة ذلك»، مطالباً الحكومة المقبلة بـ «العمل»، وقال: «هناك حاجة إلى تشريعات في مجلس النواب، وهناك ما يقع على مسؤولية الحكومة. أما وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد فيجب أن نضع بتصرفه أجهزة رقابية».
وعن أزمة الكهرباء، قال: «بالنسبة إلى الكهرباء هناك مشاريع تحتاج الى سنتين، والمشكلة أن هناك فراغاً في الوقت يجب أن يملأ بانتظار إنشاء محطات الإنتاج. ونأمل من مجلس الوزراء الجديد أن يقوم بتسهيل العمل».
وتحدّث الرئيس عون عن الإنجازات التي حققها، وقال: «أخذنا قرار فتح تلزيم لجميع المتعهدين، ومنعنا الاتفاقات بالتراضي. لقد سبق وتحدّثت في افطار رمضاني عن مكافحة الفساد وموضوع النازحين السوريين والوضع الاقتصادي، والأمر الأول الذي قمنا به هو تلزيم النفط، الذي يشكل ثروة للبنان، كما وضعنا خطة ماكينزي الاقتصادية».
وعن القضاء، قال: «نحضّر لمؤتمر في مطلع السنة المقبلة يتعلق بالقضاء يكون المتكلمون فيه، القضاة والهيئات التي تهتم بحقوق الإنسان، وهذا يعطينا فرصة لإصلاح القوانين بناء على الاقتراحات والتوصيات التي سيخرج بها». وأعلن عن «التحضير لمؤتمرات تُعنى بالإنتاج لنقل لبنان من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد الإنتاج»، مشيراً إلى وضع الزراعة.
وعن الأجهزة الأمنية، قال: «التنسيق قائم في ما بينها. أما الاشكال الذي حصل في المطار بين جهازين أمنيين، فالتحقيق فيه قائم وسيتحمل المسبب به المسؤولية، ولن تذهب هذه القضية من دون محاسبة».
ورداً على سؤال عن احتمال ولادة «وسيط الجمهورية» وعن حصانة هيئات الرقابة، لفت إلى أن «مجلس الشورى يبت في القضايا المتنازع فيها»، واعداً بـ «وضع وسيط الجمهورية مستقبلاً على جدول الأعمال».
وعن الوضعين المالي والاقتصادي والمخاطر حولهما، قال: «لست قلقاً حالياً، ولكن إذا أكملنا هكذا فالخطر أكبر. إن الوضع الاقتصادي سيئ، لكنه موروث، ولم يحصل الآن».
وعن العقوبات الاميركية على «حزب الله» وبيئته، قال: «كل لبنان سيتأثر بها، المصارف أحياناً لا تقبل ودائع إذا كان لديها شكوك» ووصف هذه العقوبات بـ «الاستعمار المالي لأنها تحد من تصرف أي شخص بأمواله».
وعن تقرير البنك الدولي، قال: «نعمل على تشريعات. لدينا عجز كبير. لقد صرف اللبنانيون 5 مليارات ونصف مليار في الخارج على السياحة، مقابل 3 مليارات أتت الى لبنان من السياحة هذا العام».
وعن رؤية العهد للإصلاح المالي، قال: «بقي البلد 12 سنة بلا موازنة، فهذا أمر لم يكن مقبولاً. في عام 2011، فرض تكتلنا أن يحصل قطع حساب، فوجدنا أنه لم يحصل منذ عام 1996».
وتحدث عن «تخطي الوزراء موازناتهم»، وقال: «تجري مساءلتهم عن ذلك، وسنرى القضاء ماذا سيفعل. وفي حال تطبيق القوانين، يمكننا مساءلة من كان مسؤولاً في السابق في القضايا المالية».
وطالب «المؤسسات التي تهتم بالنازحين بأن تقدم المساعدات إليهم في سورية، وليس في لبنان»، وقال: «سنصل إلى مرحلة نعالج فيها مسألة النازحين بالتفاهم مع سورية، وبمعزل عن المؤسسات الدولية. وإن الوفود الدولية التي تزورنا تشكرنا بأجمل الكلام على استقبالنا للنازحين، ولكن عندما نطلب منها مساعدتنا على إعادتهم إلى بلدهم، تتراجع ويتبدل موقفها».
أضاف: «سورية هي في مجلس الأمن وفي الامم المتحدة، والكل أكد بقاء الرئيس بشار الأسد، ونحن لدينا مصالح معها». وأشار إلى أن «المبادرة الروسية في مجال عودة النازحين السوريين تعرقلت»، لافتاً إلى أن «الامين العام للامم المتحدة لا يمكنه اتخاذ القرار وحده»، متسائلاً: «هل يمكنه التأثير على اميركا؟».
وعن احتمال لقائه بالرئيس الاسد قال «هذا مرهون بالأمور»، وقال: «هناك من يتهمنا بالعنصرية، لكن لا نستطيع أن نتحمل أكثر مما نتحمل، فالأحوال لا بد ستتغير، وهناك آلاف ممن عادوا الى سورية، ولم يتعرّضوا لضربة كف».
ورداً على سؤال عن معبر نصيب، اعتبر أن «هذا المعبر هو مصلحة لبنانية اقتصادية»، متسائلاً: «كيف يمكن أن ندير ظهرنا له؟». أضاف: «لقد عبرت في المحافل الدولية عن موقف لبنان من كل التطورات والأحداث بكل استقلالية وشجاعة مع التزامنا الكامل بالنأي بالنفس».
وعن موقفه من المقاومة، قال: «لا يمكن أن ننكر واقعاً تاريخياً في بلدنا. السبب في نشوء المقاومة كان الاحتلال الإسرائيلي، والتهديد الاسرائيلي ما زال قائماً، وهناك قسم من ارض لبنان ما زال محتلاً».
وعن زيارة الوفود الاسرائيلية الى بعض الدول العربية، قال: «إن ضعف المواقف العربية ادى الى عدم الحديث عن قضية فلسطين، باستثناء لبنان».
وجدّد دفاعه عن وجود المقاومة، بالقول: «إن شرعة الأمم المتحدة تسمح بذلك».
وقال: «يمكننا ان نقاوم بوحدتنا الوطنية». وحمّل «المجتمع الدولي عدم المساعدة في ايجاد حلول للمسألة الفلسطينية وإرجاع الارض اللبنانية المحتلة».
وعن دعوة سورية لحضور القمة الاقتصادية المتوقع عقدها في لبنان، قال: «لا شيء مضموناً، فالجامعة العربية هي من توجّه الدعوات».
وعن سر الكيمياء بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري، قال: «إن نياته طيبة لبناء لبنان، رغم أننا نختلف أحياناً في الرأي، فهو الأقوى في طائفته، علماً أن عدد نوابه انخفض في الانتخابات الأخيرة».
وفي مجال آخر قال عون: «هناك سعي لإنشاء أكاديمية لحوار الأديان في لبنان ليتعرّف الانسان على الآخر المختلف عنه دينياً او عرقياً او أتنياً، وهذه المعرفة هي الخطوة الأولى نحو ثقافة الحوار والابتعاد عن التطرف والتعصب».
وعن كيفية الخروج من المأزق الحكومي الحالي، جدد الرئيس تأكيده أن «التكتيك السياسي قد يضرب الاستراتيجية الوطنية ويفتح ثغرة في الوحدة الوطنية»، وقال: «هنا، أضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فالجميع ضحّى في مكان ما وتنازل، ونأمل ان تحل العقدة الأخيرة في القريب العاجل».
وعما يعد به اللبنانيين، قال الرئيس عون: «أعرف معاناتهم فحاجاتهم كبيرة والموارد قليلة والمطلوب التقشف. هناك صدامات ستحصل بسبب مكافحة الفساد، وسأعمل على تنفيذ ذلك. فالمسألة ليست سهلة، والتحديات كبيرة. وإذا وضعت العراقيل أمامي فأنتم الإعلام والشعب مدعوون لمساندتي في هذه المعركة».
وأعلن أنه «سيطالب بمحكمة خاصة للجرائم المالية».
وختم متوجها إلى اللبنانيين بالقول: «وصلت بدعمكم ومحبتكم وثقتكم. لن أصدمكم، فستبقى الثقة بيني وبينكم، وهذا من خلال الوعود التي أعطيتكم إياها».