… وأخيراً أوباما يفاوض روحاني كممثل لخامنئي مسقط عاصمة للسياسة الإيرانية
روزانا رمّال
تتعالى أصوات ومواقف منظمة تتوزع بين تقارير ومحاضرات تنشر عن قصد أو غير قصد في كبرى الجامعات الدولية الغربية ولدى أبرز المحللين السياسيين الغرب والعرب لإشاعة فكرة من الواضح أنها حملة حقيقية تستهدف مكونات النظام الإيراني في محاولة للفت النظر إلى تفاوت مفترض بين أعلى رأس في الجمهورية الإسلامية مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي والرئيس الحالي حسن روحاني.
الترويج للخلاف بين خامنئي وروحاني والتركيز على انفتاح روحاني الكبير بالمقارنة بما سمّي خط أو تيار خامنئي المتشدد أبرز في أكثر من موضوع، خصوصاً لناحية إظهار تشدد خامنئي وأحاديته في رسم السياسة الإيرانية وحسم الأمور الاستراتيجية، واعتبار الرئيس منفذاً وليس مقرراً وصولاً إلى اعتبار أن الشارع الإيراني على وشك الانفجار نتيجة التململ الحاصل وأن الرئيس روحاني في اشتباك ضمني مع خط تيار خامنئي في إيران وبالتالي فإن خامنئي غير راضٍ عن انفتاح روحاني على الولايات المتحدة منذ الاتصال الأول الذي جرى بين أوباما وروحاني على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
«الرئيس السوري بشار الأسد» هو أحد القضايا التي أشيع حولها كلام يعزز الانقسام المفترض أو المرجو بين روحاني وخامنئي حتى اضطر روحاني أكثر من مرة إلى إطلاق مواقف تؤكد الوقوف إلى جانب سورية بشخص رئيسها.
اتضح بعد فترة من الصراعات المتطرفة التي اجتاحت المنطقة بسياسات استخبارية دقيقة أن التصويب كله موجّه نحو «كرسي» المرشد الأعلى للسياسة الإيرانية شخصياً أي إلى هوية إيران ما بعد الشاه المنبثقة من ثورة إسلامية قادها الإمام الخميني الراحل، خصوصاً أن مجرد الإعلان عن أن خامنئي يخضع لعملية جراحية في المستشفى حتى سارعت التقارير إلى التحدث عن مرض خطير لتصل الأمور إلى نشر تقارير تؤكد أن لا مرشد بعد الخامنئي بمعنى آخر… إنه المرشد الأخير لإيران أي أن تغييراً جذرياً آت على البلاد.
الصحافة «الإسرائيلية» بدورها أخذت على عاتقها إبراز تغيير النفس في الشارع الإيراني بمجرد وصول روحاني للرئاسة، واعتبرت صحيفة «هآرتس» أن فوز روحاني بمثابة «إشارة تحذير لخامنئي» على حد تعبيرها، وأن الفوز الساحق والمفاجئ الذي حققه المرشح روحاني يشير إلى تآكل وتراجع شعبية المرشد الأعلى خامنئي الذي بات من الواجب عليه أن يقرر في ما إذا كان سيمنح الفرصة للرئيس الجديد الذي يشكل خصماً أيديولوجياً له.
هذه الأيديولوجية هي التي فتحت جدالاً واسعاً بالغنى عنه خصوصاً أن بفوز روحاني فإن المجتمع الإيراني اختار أحد أهم المؤيدين والمؤسسين للثورة الإسلامية الإيرانية.
اليوم وبعد الرسائل بين خامنئي وأوباما تبقى الأسئلة المطروحة على الولايات المتحدة هي التالية:
أولاً: هل لا تزال أميركا مقتنعة بأن روحاني هو الاعتدال ولذلك تذهب إلى مسقط لتحاور وزير خارجيته محمد جواد ظريف؟
هل لا يزال خامنئي بنظر أميركا سبب تطرف الرئيس السابق أحمدي نجاد وأن الرئيس حسن روحاني انتصر عليه؟
هذان السؤالان كان جوابهما سهلاً قبل الرسالة الرابعة من أوباما للخامنئي.
فكان أسهل قول «نعم» حينها عليهما.
أما الآن فماذا يفترض أنه سبب ليتنازل الرئيس الأميركي الفرح بانتصار الاعتدال الإيراني على المرشد المتطرف ليخاطبه برسالة يفترض أنها تعوم مكانته المنهارة أمام المعتدل روحاني وتضعه مفاوضاً رديفاً؟
يخاطب أوباما اليوم في رسائله الأربع ممثل الثورة الإسلامية في إيران وهو نفس المرشد المتشدد الذي صوبت نحوه ونحو صلاحياته وهو عدو «إسرائيل» الأول والذي دعا الرؤساء المفترض أنهم من تياره بحسب التصنيف نفسه وأبرزهم الرئيس السابق أحمدي نجاد إلى الدعوة لإزالتها عن الخريطة صبح مساء، وهو المرشد الداعم لحزب الله وأبرز حركات المقاومة وحركات التحرر المعادية للغرب في المنطقة.
يعرف أوباما جيداً أن التفاوض في مسقط اليوم هو تفاوض مع نفس النظام هذا الذي لم يعد ممكناً بالنسبة لواشنطن اليوم تجاهل تواجده في العملية السياسية أو استبعاده عن التأسيس لأي حل في المنطقة لكثرة الملفات المشتركة معه والنفوذ التي ساهمت الأزمات المفتعلة أميركياً وغربياً في الشرق الأوسط بحصوله عليها.
مسقط اليوم عاصمة جديدة للحلول والتسويات بين الأميركيين والإيرانيين وهي التي تعتبر من أصدقاء إيران الخليجيين الذين يقيمون علاقات جيدة مع الأميركيين على عكس الدوحة أو أنقرة أو الرياض التي تشوب علاقتهم بإيران التباسات واختلافات واصطفافات متعددة.
مسقط قادمة بدل أنقرة أو الدوحة أو الرياض وطهران أصيل مباشر بدل أنقرة وكيل غير مباشر عن إيران لإدارة التفاوض بينها وبين الأميركيين.
إنها مؤشرات المرحلة الجديدة من العلاقة الإيرانية الأميركية المباشرة تلوح في الشرق الأوسط.
وفي مسقط سقطت طموحات الحلفاء.