تترقب واشنطن، رسمياً وشعبياً، نتائج الانتخابات التشريعية النصفية ولبعض حكام الولايات على أحرّ من الجمر، نظراً لاستشراء مشاعر العداء وتجذر الانقسامات في المجتمع، عمودياً وأفقياً، نتيجة الترويج الرسمي من قبل الرئيس ترامب والحزب الجمهوري لسياسات إقصائية لقطاعات شعبية وازنة.
تترقب واشنطن، رسمياً وشعبياً، نتائج الانتخابات التشريعية النصفية ولبعض حكام الولايات على أحرّ من الجمر، نظراً لاستشراء مشاعر العداء وتجذر الانقسامات في المجتمع، عمودياً وأفقياً، نتيجة الترويج الرسمي من قبل الرئيس ترامب والحزب الجمهوري لسياسات إقصائية لقطاعات شعبية وازنة.
ولا يزال الجدل الحادّ يميّز المشهد السياسي في بعد السياسات الخارجية على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي، واصطفاف الرئيس دونالد ترامب وما يمثله من امتدادات إلى جانب «الرواية الرسمية السعودية» بتناقضاتها والتي لم تعد تقنع الكثيرين وما سيترتب عليها من تعديلات في بوصلة السياسة الأميركية في الإقليم.
تصاعد ظاهرة العنف السياسي في الولايات المتحدة سيكون محط اهتمام قسم التحليل للتقرّب من حقيقتها إنْ كانت ظاهرة شعبية عفوية مؤقتة ضلّت طريقها أم محطة في سياق أبعد وأشمل للأزمات المزمنة للنظام الرأسمالي، والتي قد تتضمّن نشوب عصيانات مدنية، في أدنى تجلياتها.
تداعيات مقتل الخاشقجي
في سياق إدانة عملية الاغتيال اعتبرت مؤسسة هاريتاج انّ السمة العامة لكلّ من شارك او تورّط فيها «كان سوء الأداء، انْ لم يكن مخزياً»، موضحة أنّ الرئيس ترامب «اتخذ موقفاً أرضى به الطرفين: مع وضدّ السعوديين بينما تظاهرت تركيا بحرصها على الضحية في حين لا زالت تعتقل الصحافيين والأعلى عدداً من أيّ بلد آخر». ولم يسلم شخص الخاشقجي من انتقاد المؤسسة نظراً «لعلاقته مع تنظيم الإخوان المسلمين والتي تجاوزت غزل الصبا، لا سيما لمطالبته القيادة السعودية العام الماضي البدء بالتعاون معهم.. لكن ذلك لا يبرّر قرار اغتياله».
العلاقات الأميركية السعودية، وفق معهد كاتو، كانت تمرّ بأزمة قبل فترة طويلة من اغتيال الخاشقجي والتي «شكلت علامة فاصلة بينهما». وأوضح انّ النخب السياسية الأميركية انتهزت فرصة الاغتيال لتعيد الأنظار إلى «حقيقة النظام السعودي الذي لا يختلف أداؤه عن ايّ من الممارسات الدموية لنظم ديكتاتورية في الشرق الأوسط، بعد تجاهلها الطويل لذلك واعتباره صديقاً وشريكاً» للولايات المتحدة. وأشار المعهد إلى ترجمة حالة الغضب بين النخب الإعلامية والفكرية عبر «إعادة بعض مراكز الأبحاث التبرّعات السعودية التي تلقتها احتجاجاً». وشخّص المعهد حالة عدم الرضى الأميركي الراهنة عن التحالف مع النظام السعودي «كعلاقة زوجية فاشلة.. فمصالح البلدين متباينة، وتهوّر السياسة الخارجية للسعودية ترك بصماته على مسقبل العلاقة».
من بين أكبر المستفيدين من «الأموال السعودية»، برز مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ليلقي في خطابه ظلالاً من الشكّ حول «التقارير الإعلامية المنقحة وتفاصيلها المروعة.. الصادرة عن الاستخبارات التركية» لما جرى داخل جدران القنصلية السعودية في اسطنبول، موضحاً أنّ ما تمّ تداوله للآن لم يأتِ على ذكر ما قد توصله إليه المحققون من دلائل. وأضاف محذراً أنّ «بعض ما نودّ معرفته راهناً من تفاصيل سيتنيّن لنا لاحقاً عدم صحته.. لا سيما انّ عناصر الجريمة ممثلة بالنية المبيّتة والهدف ستكون من أصعب القضايا لإطلاق حكم الجزم بشأنها».
ندّد معهد كارنيغي بجريمة اغتيال جمال الخاشقجي بعد طول انتظار لصدور تصريح رسمي سعودي حول الأمر والذي أتى لينكر معرفته لمصيره في البدء «مما أثار غضب الولايات المتحدة» التي استغلت الحادثة «لتوجيه نقد لاذع ومباشر لقيادة المملكة.. ولجوء ولي العهد لاحقاً لطرح إمكانية إجراء تحقيقات بقيادة وإشراف بلاده بالتعاون مع الحكومة التركية». كما سخر المعهد من «نشر وكالة الأنباء السعودية الرسمية تصريحاً لأحد المسؤولين يحذر فيه من تطبيق عقوبات دولية على السعودية مما سيقود إلى تفعيل إجراءات عقابية رداً عليها». وأوضح المعهد أنّ «التهديد لم يكن موجهاً للولايات المتحدة فحسب، بل للسعوديين في الداخل والخارج».
ركز معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى على التحوّلات البنيوية منذ تولي الملك سلمان العرش في اتخاذ القرار على إذ كانت «تصدر القرارات بناء على توفر إجماع داخل أوساط العائلة الحاكمة المختلفة، واختيار الحاكم عبر مفاضلة توفر الخبرة وكبر السن». موضحاً أنّ صعود الملك سلمان للعرش، مطلع عام 2015، أطاح بتلك الصيغة لصالح نجله محمد بن سلمان. واضاف أنّ ما عبّر عنه الأخير من «طموح لتحديث الاقتصاد والمجتمع والخطاب الديني.. لم يواكبه بخطوات عملية لتخفيف القيود على النشاطات السياسية المفروضة على السعوديين العاديين بل لجأ لتقليص نفوذ العائلة الحاكمة بشكل كبير، وتهميش آلاف الأمراء».
في سياق مماثل، حث معهد واشنطن صناع القرار الأميركي بضرورة «معاقبة» السعودية لمسؤوليتها عن عملية الاغتيال، قراراً وتنفيذاً «والخطأ الفاحش الناجم عن سياستها لإسكات المنشقين أو المنتقدين»، ومعرباً عن اعتقاده بأن يشكل «مقتله فرصة هامة لمستقبل السعودية أكبر بكثير مما كان يتوخى من مقالاته في صحيفة واشنطن بوست». وأوضح أنّ سياسة الاستخفاف من قبل ولي العهد وتضارب وعوده وطموحاته مع إجراءاته اليومية لكمّ الأفواه «تستدعي اتخاذ إجراءات عقابية وتدفيعه ثمن سلوكياته».
أفغانستان
حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية من تجاوب الولايات المتحدة مع الدعوات المستمرة، داخلياً وخارجياً، لسحب قواتها العسكرية من أفغانستان «بحجة تدهور الأوضاع الأمنية هناك». وأوضح أنّ انسحاب القوات الأميركية «كثمرة تسوية تفاوضية مع حركة طالبان.. ينطوي عليها مخاطر جدية، أبرزها عودة النشاطات الإرهابية وتدهور الحقوق الإنسانية بما فيها حقوق المرأة ـ نتيجة انتصار طالبان».