نظام اقتصادي بدون أميركا
ـ قد تكون السياسة أحد أكبر الأسباب لارتكاب الأخطاء الإقتصادية القاتلة، وهذا ما يصحّ في الإستخدام المفرط لسلاح العقوبات الإقتصادية ويشكل النموذج الإيراني مثالاً عليها.
ـ في الماضي كانت واشنطن تتحفظ في اللجوء لسلاح العقوبات بضمان تقيّد حلفائها الغربيين بأحكامه والسعي لخلق ظروف دولية تتيح تبنيه من الأمم المتحدة كما تقول العقوبات على كلّ من العراق قبل غزوه، وعلى إيران قبل التفاهم معها على ملفها النووي وكوريا الشمالية.
ـ بعد الإنسحاب الأميركي من التفاهم النووي خاضت واشنطن أكبر مغامراتها الإقتصادية خطورة باللجوء في لحظة غير مناسبة دولياً لفرض عقوبات رافقتها حملة إعلامية منحتها صفة التحدي تستهدف مبيعات النفط الإيراني.
ـ وضعت واشنطن الدول الشريكة بالتوقيع على التفاهم وأهمّها أوروبا وروسيا والصين أمام صدقية توقيعهم بغياب بدائل أميركية للتفاهم، كما وضعت في ظروف إقتصادية صعبة كثير من زبائن إيران في سوق النفط والغاز أمام خيارات معقدة خصوصاً أنّ واشنطن سبقت العقوبات على إيران بتصعيد تجاري أصاب الكثير من دول العالم كألمانيا واليابان وتركيا في سوق الحديد والصلب والألمنيوم إضافة للعقوبات على الصين وروسيا لأسباب مختلفة وفي مجالات متعددة.
ـ تشكل العقوبات على إيران إختباراً لا يبشر بنتائج طيبة لمكانة واشنطن الإقتصادية حيث ينشأ بسببها وعلى هامش موقع أميركا كقلب للنظام الإقتصادي العالمي، نظام إقتصادي وتجاري ومالي رديف لا تسيطر عليه واشنطن تشترك فيه أوروبا وروسيا والصين والهند واليابان وتركيا وباكستان، وكلما مرّ الزمن على تجذر هذا النظام ستتسع مجالاته وتتكاثر آلياته وسيكون في العالم نظامان تجاريان وماليان واحد يمرّ بواشنطن والآخر يمرّ من وراء ظهرها.
ـ لذلك تقود إيران سفينتها بوجه العقوبات بعناية وهي تدرك عظمة الفرصة التي تتاح لها وربما يكون الأمثل لها تفاهم نووي بدون أميركا التي أدّت دور المشجع لتوقيع الآخرين وغادرت غير مأسوف على انسحابها، ولهذا يقول الرئيس الإيراني نقوم بالإلتفاف على العقوبات بفخر…
التعليق السياسي