بيان عمدة الإذاعة في «القومي» بمناسبة عيد التأسيس: المقاومة خيارنا المنتصر بالبعد القومي والعمق الاستراتيجي
لمناسبة عيد تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أصدرت عميد الإذاعة داليدا المولى بياناً موجهاً إلى السوريين القوميين الاجتماعيين جاء فيه:
إنّ حياة الأمم والمجتمعات تبنى بتضحيات أبنائها، من يمتلكون إدراكاً لحقيقتهم ووعياً أنهم ليسوا قطعاناً بشرية بل هم التعبير عن فعالية الأمة بما ترمي إليه في الوجود. هؤلاء أصحاب القوة الفاعلة في تقرير مصير بلادهم بإرادتهم المتأتية من نفس سامية بمراميها ومقاصدها. القوميون الاجتماعيون بما يحملونه من مبادئ ومثلٍ وقيم هم هذه القوة النابضة بالحرية والواجب والنظام، المدركة لحقيقتها الخيرة والجميلة، من وضعوا أنفسهم حتى الشهادة في سبيل فلاح أمتهم.
أراد أنطون سعاده، زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي أن يكون الحزب هو المعبّر عن مصالح الأمة السورية، وهكذا كان. فالقوميون الاجتماعيون يمثلون اليوم حقيقة أمتهم وسمو غايتها، ويؤكدون عند كلّ مفصل أنّ المبادئ المتجذرة في قلوبهم وعقولهم وسواعدهم هي حياة الأمة سواء قبلها أصحاب مشاريع التقسيم والإرادات الأجنبية أم لم يقبلوها. الواقع يعترف بالأمة السورية وهي حيّة بعمل القوميين الاجتماعيين وغايتهم بتوحيدها وبعث نهضتها لاستعادة مكانتها في مسار التاريخ.
أيها السوريون القوميون الاجتماعيون،
حزبكم ابتدأ عهد الصراع والبطولة، وبمحاربته في سبيل مبادئه وضعَ حداً للتخبّط والبلبلة والدعوات الأجنبية والطائفية، وقد تحملتم في سبيل إيمانكم الآلام والصعاب والمشاق من جميع الفئات وأثبتم أنكم حقيقة الأمة الموحدة، القادرة على تغيير تاريخٍ أرادَه المستعمرُ تقسيماً وهيمنة وأردتموه وحدةً واستقلالاً وفخراً لرِفعة سورية وعزّها بين الأمم.
إنّ تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي في 16 تشرين الثاني عام 1932 أتى لينقض مساراً طويلاً من الاحتلال والتخبّط الفكري والنفسي والثقافي، هو بدء تاريخ سورية السيدة، سورية الموحدة، سورية الرائدة، والمستقلة. وكلّ قومي اجتماعي أينما وُجد، يشعرُ بمسؤوليته تجاه بلاده، ومن أجلها يغدو الموت شرفاً ومجداً وحياة.
الحزب السوري القومي الاجتماعي هو إرادة الأمة في تقرير مصيرها وفيه حياتها ولا يمكن أن يَصُدَّ إرادة الحياة شيء في الوجود. ليس الحزب شعارات وتعابير رنانة للتغنّي بها، هو حقيقةٌ سامية، وعملٌ مضنٍ في سبيل هذه الحقيقة. هو إعلانٌ صريحٌ أنّ في المجتمع السوري نهضة فكرية وثقافية واجتماعية أصيلة، ولأجلها مستعدّون لتقديم أية تضحيات، لأننا قوم ما تعوّدنا إلا الحياة بالعزّ ولسنا قطعاناً تساق وراء مشاريع أجنبية تتحكم بمصيرنا ومشيئتنا.
«إنّ الحرية حملٌ ثقيل» على من يضطلع بها، ونحن قوم عهدنا الحرية، وغايتنا ثابتة وواضحة، والأمة المدركة لغايتها وحريتها هي أمة جديرة بالحياة. حياة خير وحق وجمال. أمةٌ ناهضة بإرادةِ أبنائها وفهمهم لهويتهم وقوميتهم التي آمنوا بها. وبهذه الإرادة سنحقق الانتصار.
نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي نفتخرُ بكلّ تاريخنا، لأنه تاريخُ بطولةٍ لا خنوع. نفتخرُ بشهدائنا وأسرانا ومناضلينا ونسورنا ومثقفينا والمبدعين منا.. نفتخرُ بكلّ رفيق وطالبٍ وشبل ينادي بحياة سورية. نفتخرُ بآلامنا كافتخارنا بانتصاراتنا، لذا تمسّكنا بالنهجِ الذي اخترناه بملء إرادتنا، رغم إدراكنا أنّ طريقنا محفوف بالمخاطر. إنّ تاريخ الحزب هو تاريخ واحد منذ تأسيسه حتى الثامن من تموز وإلى اليوم، هو تاريخُ أنطون سعاده، المؤسّس، وتاريخ المؤسّسة التي لا يمكن فصل شخصيتها عن شخصية زعيمها والنهج الذي أرساه في حياته واستشهاده.
أيها السوريون القوميون الاجتماعيون،
إنّ المعركة الآن هي معركة شاملة وواسعة والعدوان يشنّ على كلّ الأمة من بحر بيروت إلى العراق وحتى الأردن وإنْ بدا بعيداً عن النزاعات تبيّن أنه هشّ عند أول مواجهة. بدأت سياسة التفتيت منذ احتلال العراق وتجزئته، وهو أكبر دولة نفطية في العالم، بينما يعيش شعبه تحت وطأة انهيار الخدمات والتعليم والسيادة. وبالتالي ضرب ظهر الأمة أيّ العراق كان الهدف الأول للأعداء.
شكّل ضعف وحدة الأمة وعدم تحصين الشعب والبلاد مدخلاً للعدو حيث كان «الربيع العربي» المدخل الأساسي لتفتيت العالم العربي وإنهاء المسألة الفلسطينية. والحزب السوري القومي الاجتماعي كان واضحاً تجاه ما سُمّيَ «ربيعاً» بأنّ أية ثورة أو تغيير لا تكون بوصلته فلسطين هو مدخل لتمزيق أمتنا وضياع حقوقنا.
وعلى هذا المنوال كان العدوان في الشام، فقد استهدف هيكلية الدولة ووحدة المجتمع لإضعاف سورية الدولة إنما مناعة الشام أدّت إلى صمودها، وكان الخيار بتعزيز عوامل وجودها والتغييرات التي حدثت طيلة هذه السنوات هي لاستيعاب كافة الكفاءات في موكب عملية الإصلاح. من لم يتعاون في هذه العملية كان ولاؤه لدى القطري والتركي والسعودي والأميركي والغرب بشكل عام.
الحزب القومي ثقافته توحيدية وهذه ميزته في المجتمع، شهداؤنا أكدوا توحّدنا وهم من كلّ المتحدات والموروثات الدينية وشكّل أهمّ رسالة عن صورة الوحدة في سورية عموماً والشام خصوصاً. لذلك يجب أن نكون فخورين بتميّز رسالتنا ووحدة مجتمعنا وعلينا واجبات تعزيز الوحدة الوطنية الداخلية في الشام والمساهمة مع مؤسسات الدولة في تطوير فهم المجتمع لهذه الوحدة وليصبح المجتمع قابلاً لمناقشة أيّ تطوير للقوانين بهدي وحدته ومنعته. وعلينا العمل مع كلّ المواطنين لتعزيز عوامل الوحدة لأنّ تداعيات العدوان وآثاره كبيرة. إنّ إنتصارنا اليوم في الشام هو انتصار الشعب لأنّ خياره كان الدولة والوحدة… وهذا كان خيارنا وتوجهنا منذ اللحظات الأولى للعدوان.
انتصرت الشام الدولة المدنية والموحدة الأراضي ورسالة القوميين الاجتماعيين كما دائماً هو العمل على تعزيز وحدة الحياة لتعزيز مواجهة القرارات الدولية والتآمرية عليها وعلى لبنان والعراق وفلسطين والانطلاق لبناء أواصر من التعاون بين كلّ أبناء الامة.
تأتي اليوم سورية الجنوبية فلسطين، في قلب المشهد السوري العام لتثبت، كلما حاول المضللون رسم خطوط فرعية للصراع، أن لا خيار لأمتنا بالاستقرار والنهوض إلاً بالمقاومة ببعدها القومي وعمقها الاستراتيجي، مسقطةً مشاريع التسويات بمسمّياتها المختلفة ومؤكدةً وحدة المعركة في بلادنا ووحدة مصيرها.
إننا اليوم أمام تحدّ جديد يتمثل في تحصين وحدة شعبنا وشدّ أواصر التفاعل بين مختلف بنِيه لتثبيت الانتصار الذي حققه الجيش السوري في الشام ونسور الزوبعة ومعهم قوى المقاومة والبدء بعملية إعادة بناء المجتمع والعمران لتعزيز عوامل المواجهة والوحدة… والقوميون الاجتماعيون هم الأقدر والأفعل في تثبيت هذه الوحدة لأنها في صلب عقيدتهم وعملهم ومبادئهم ونضالهم.
أيها السوريون القوميون الاجتماعيون،
لستم فئة قليلة بل أنتم اللحظة الفارقة في هذا الزمن، أنتم الحق في زمن انتحال الصفة الوطنية ومحاولات أخذ الأمة إلى خارج موقعها في صراع الأمم. بعقيدتكم ونبذكم للتعصّب المذهبي والعرقي والهويات الغريبة عن أمتكم تشكلون نهضتها ولو مرّ على أيّ حزب ما مرّ على الحزب السوري القومي الاجتماعي لما استطاع البقاء، إنما حقيقة مبادئه وصلابة مؤسّسته ونزاهة القوميين الاجتماعيين ومِنعتهم وقوّتهم وتضحياتهم وإيمانهم بمبادئهم صانت الحزب، وستصونه وتُزهق الباطل مهما كان لبوسه.
أنتم من حرّرتم إرادة الأمة السورية من التبعية، وبنيتم بنضالكم نهج استقلال فكري وثقافي وسياسي وهوياتي عن كلّ الطروحات التي كانت سائدة، ومنذ انبثاق الحزب ابتدأنا نهضة حقيقية قائمة على تعريفنا الواضح لمن نحن، تحمل توجهاً ومشروعاً قادراً على إعادة المكانة الطبيعية لسورية الأمة الرائدة، القوية، الهادية بين الأمم. عليكم تقع المسؤوليات الجسام فثقوا بأنفسكم وثقوا بقضيتكم وكونوا عصبةً واحدة يكون الغد لكم.