حكاية عمالقة وصراعٍ كرويّ بين الدون والبرغوث

حسين غازي

مرّت سنوات طويلةٌ على صراع عملاقيّ الكرة في العالم، الصاروخ البرتغالي كريستيانو رونالدو ونظيره الفنان الأرجنتيني ليونيل ميسي، قصة توالت أياماً وليالي، تناقلها العالم أجمع، منهم من رجّح كفة الأول على الثاني ومنهم من روى بطولات الثاني ونسي مهارة الأول.

لكن لا بد من أن يكون لكل روايةٍ خاتمة، ومع وصول رونالدو إلى سن الـ29 سنة، يبدأ العد العكسي للاعتزال، أما ميسي صاحب الـ27 سنة، فهو يقترب أيضاً من دخول المرحلة ذاتها. وتبقى حرب ولغة الأرقام، خير دليلٍ على شدّة المنافسة بين اللاعبين. هذان النجمان قدّما أجمل العروض في مختلف المسابقات، وفرضا نفسيهما رقماً صعباً، لا يمكن أن يحطم بسهولة، فحتى أهداف إيبراهيموفيتشش لم تشفع له كي يصنف إلى جانبهما، وكذلك هو حال الرسام إنييستا والجناح الطائر آريين روبين، فجميعهم ممتازون، لكن الدّون وميسي يعتبران من كوكبٍ آخر.

في دوري الأبطال، فتحت معركة ضروس بين اللاعبين في الفترة الأخيرة، فهداف برشلونة التاريخي رفع رصيد أهدافه إلى 71، بعد تسجيله هدفين في مرمى أياكس أمستردام، ليعادل رقم أسطورة ريال مدريد راؤوول غونزاليز الرقم القياسي . في المقابل يتربص صاروخ ماديرا بنظيره الأرجنيتني، إذ بلغ هدفه الـ70 قبل 3 جولات، تاركاً شرف التقدم لميسي، الذي يعتبر أقرب للتسجيل نظراً إلى مستوى أبويل نيقوسيا القبرصي، قبل أن يلتقي ريال مدريد بازل السويسري، في وقت لاحق من هذا الشهر.

وبالعودة إلى الأرقام، يحسب للاعب البلوغرانا خوضه 52 مباراة، وهو عدد أقل من المباريات التي لعبها مهاجم الميرنغي في دوري الأبطال.

ولكن الأرقام لا تصب جميعها في مصلحة ميسي، فمهاجم ريال مدريد احتاج فقط إلى 140 مباراة ليسجل 150 هدفاً في الدوري الإسباني، في حين احتاج ميسي 203 مباراة للوصول إلى الرقم ذاته.

الصراع هنا ليس من يكسر رقم راؤول أولاً، وليس من يتخطى من في هذه الفترة، إذ إن مستوى رونالدو ارتفع في العام الماضي، مقارنةً بانخفاضةٍ لدى ميسي، وقد يعود ذلك إلى مثابرة واجتهاد كريستيانو في التدريبات، بينما ليونيل لم يقدم في المباراة الأخيرة في الدوري، مستوىً يليق باسمه، إذ لعب دور المتفرج في أغلب فترات اللقاء. واستناداً إلى ذلك، فالوضع الحالي، إن دلّ على شيء، يبرهن على مقولة قصر فترة تألق اللاعبين اللاتينيين، وانخفاض مستواهم بعد الوصول إلى القمة، أو مستويات ٍ مرتفعة، مقارنةً مع نجوم أوروبا، وخير مثال على ذلك، توتي مالديني وغيغز مقارنة مع أدريانو ورونالدينيو وروبينيو، مع بعض الحالات الاستثنائية كريفالدو وزانيتي.

وبالتأكيد يتميز كل لاعب منهما عن الآخر، فرونالدو يمتلك السرعة واللياقة، ويتقن الضربات الرأسية والحرة والتسديدات القوية، بينما ميسي يملك الإبداع في المراوغة، ويتفوق على نظيره في التمرير والمحافظة على الكرة، إضافة إلى الدّقة في التسديد.

كل هذه المفارقات تطرح تساؤلاتٍ عدة، فلا يمكن إعلاء وتمجيد لاعب على آخر، اللاعبان ظاهرتان فريدتان لن تتكررا. وستبقى المقارانات قائمةً، إلى حين اعتزال أحدهما، فالأمر سهل هنا على رغم أن فارق العمر يصب في مصلحة ميسي، للانفراد بلقب الهداف التاريخي، لكن البنية الجسدية، واللياقة البدنية في مصلحة رونالدو، لذلك من الصعب توقع هوية اللاعب الذي سيتوقف أولاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى