حرفة صناعة الخيزران في حلب تقليدية تواكب العصر ذوقاً وإبداعاً
تنتقل أنامل «أبو محمد أبيض» صانع الخيزران بخفة لتحيك شبك كرسي أتم صناعته باستخدام خيوط النايلون وقشّ الخيزران وتحكي قصة مهنة توارثها عن أجداده وكبر معها حتى أبيضّ شعره، لكنه مطمئن عليها بعد إتقان ولده هذه الحرفة اليدوية.
عانى صانع الخيزران المسنّ في محله المتواضع في حي صلاح الدين في حلب الذي عانى ما عاناه من بطش الإرهاب وهو يقوم بصناعة قطع الأثاث المنزلي يدوياً وبمنتهى الدقة والحرفية، حيث قال: «إن حرفة صناعة الخيزران انتقلت في عائلتنا من جيل الى جيل وتطوّرت لتواكب العصر»، موضحاً أنه كان يستخدم خيط القنب أو الخيزران لحياكة أوجه الكراسي وقطع الأثاث أما اليوم فيستخدم خيط النايلون وشبك الرول المصنوع مسبقاً ويثبّته على الكراسي والطاولات وتسمّى عملية التقشيش ما يكسب الخيزران والأثاث المطعّم به جمالاً ورونقاً خاصاً.
وأضاف أبو محمد أن صناعة الخيزران دخلت إلى حلب منذ عام 1945 عن طريق جمعية خيرية لبنانية لرعاية المكفوفين، حيث كان يعمل بحياكة وجدل الخيزران عمال لا يُبصرون عن طريق اللمس وينتجون أوجه الكراسي على نمط شبك القش وانتقلت الحرفة لأهالي حلب وتعلّموها ومنهم جدي الذي نقلها لوالدي.
بدوره تعلّم الشاب محمد المهنة من والده ومارسها بحرفية عالية في ورشته الصغيرة والمتواضعة في حي الحمدانية، حيث أشار إلى أنه رغم حصوله على شهادة جامعية إلا أنه فضّل الاستمرار بهذه المهنة العريقة.
وقال: «كنت أعمل مع والدي بصناعة الخيزران ضمن محله بحي صلاح الدين وبسبب الإرهاب خرجت من المنطقة وتوقفت عن العمل لأكثر من خمس سنوات»، مضيفاً: «إن إرادة الحياة لم تتوقف ما دفعني لبناء ورشتي الصغيرة في حي الحمدانية وبدأت بصناعة الأثاث والكراسي من الخيزران اضافة لصيانة القطع المتضررة».
وذكر الحرفي الشاب أن الخيزران نوع من أنواع الخشب المرن وتحتاج صناعته لممارسة طويلة وخبرة، لافتاً إلى أنه يمكن صناعة مختلف أنواع الأثاث المنزلي من الخيزران مثل غرف الجلوس والنوم والكراسي الهزازة وأسرّة الأطفال.
وتبقى حرفة صناعة الخيزران من الحرف التقليدية والتي تستمرّ اليوم بحلب على أيدي أبو محمد أبيض لتقدّم أجمل الاثاث المنزلي المصنوع بكل دقة وحرفية ومهارة. سانا