إبراهيم: نحن مع مقاومتنا وهي فخر لنا
اختتمت المديرية العامة للأمن العام أعمال مؤتمرها، الذي افتتحته أول من أمس بعنوان «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الأفريقية»، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وألقى المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم كلمة في الجلسة الختامية، شكر فيها كل من شارك في المؤتمر، وقال: «لفتني خلال الجلسات أن الدكتورة ليلى نقولا قد أوردت كلاماً عن لسان وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية «أنّ أفريقيا هي المستقبل». وانطلاقاً من هذا أقول لكل الإخوة الأفارقة عليكم أن تقلقوا من هذا القول فهذا شعار مقلق، فمستقبل أفريقيا لمن؟ مستقبل أفريقيا لشعوب أفريقيا أو مستقبل أفريقيا لشركات النهب؟ هذا السؤال بحاجة إلى جواب، وهذا الجواب تحدّده شعوب أفريقيا الشقيقة».
ورأى أنّ ضياع تعريف الإرهاب في أروقة الكرة الأرضية، مقصود، مشيراً إلى أنّ «هناك نوعين من الإرهاب: إرهاب ترهب به عدوك وهذا حق لك لا بل واجب عليك، وإرهاب ترهب به الناس الأبرياء وهذا أدنى مستويات الانحدار الأخلاقي والانحطاط العقائدي». وقال: «نحن مع الإرهاب الأول، نحن مع مقاومة أي عدو أينما وجد، وهذا شرف ندعيه، وكل من يحاول أن يخضع لبنان وشعبه. نحن مع مقاومتنا وإرهابنا هذا، ولكم أن تسمّوا أو تستعملوا كل المسميات، فهي فخر لنا».
وأضاف: «لاحظت في اللقاءات الجانبية مع كل وفد على حدة، أن لديكم قلقاً على مستقبل أفريقيا، وأفريقيا هي القارة الأخيرة التي تختزن الكثير من الثروات، وهذا ما سبب لكم جميعاً القلق».
وتابع: «أنا بكل تواضع، وكما طلب البعض منكم، أضع جميع إمكانات المديرية وخبراتها بتصرف أي زميل في أي دولة أفريقية، وكل خبرات المديرية وخبراتي الشخصية نضعها بتصرفكم للحفاظ على أمنكم واستقراركم، وهذا ليس منّة أو كرماً، بل هذا واجب. هناك حوالى 400 ألف لبناني ينتشرون في بلدان أفريقيا، ومن أدنى واجباتنا كلبنانيين أن نحافظ على أمن واستقرار البلدان التي تحتضن المغتربين».
وختم إبراهيم: «أما أن نرهب الناس الأبرياء ونعتدي على حقوقهم وعلى أولادهم في المدارس، وعلى العمال في المعامل، ونقتلهم لمجرد القتل أو لمجرد الاختلاف الفكري والعقائدي فهو قمة الانحطاط الاخلاقي، فالإرهاب تعريفه ضائع لأنه يستعمل في أجندات الدول الكبرى».
وفي ختام الجلسات، أصدر المؤتمر توصيات على مستويات عدة، فعلى الصعيدين المحلي والدولي، دعا إلى إرساء أسس العدالة الدولية وتحقيق المساواة في الحقوق السياسية والإنسانية بين مختلف الدول والشعوب، بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الإتني أو المعتقدات الدينية.
كما دعا إلى احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وتجريم اللجوء إلى القوة المسلحة في حل النزاعات الدولية، وتحديد مفهوم موحد للإرهاب والتنظيمات الإرهابية بين الدول ومناقشة مسببات نشأتها وتناميها ودوافعها وخلفياتها وآلياتها واستقطابها وأماكن وجودها وتحليل منهجية اختيار تبني مبدأ العنف في المطالبة بالحقوق.
وشدّد على دعم المبادرات التي تؤسس إلى تبني أساليب حكم تؤمن بالتعددية والتداول السلمي للسلطة وسيادة القانون والحكم الرشيد، وبناء السياسة المحلية والدولية لمكافحة الإرهاب على خطط استراتيجية وتكتيكية وتنفيذية، بعيداً عن أي مساومة في اتخاذ القرارات الناجعة لمكافحة الإرهاب.
وعلى الصعيد القانوني، أكد المؤتمر أهمية تفعيل الصكوك الدولية المتعلقة بالإرهاب المصادق عليها ووضع آليات لوضعها قيد التطبيق. ومكافحة الجرائم المنظمة العابرة للحدود لارتباطها الوثيق بالإرهاب، لا سيما الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والجرائم البيئية.
وشدّد على تجريم «الإرهاب الإلكتروني» وتعزيز الأمن والدفاع السيبراني، وحماية البنية التحتية الرقمية للمؤسسات العسكرية والأمنية. وعدم مرور الزمن تقادم الزمن على الجرائم الإرهابية وسائر الأنشطة غير الشرعية للتنظيمات المتطرفة.
وحثّ على تحقيق العدالة الجزائية وإنزال أشد العقوبات بحق الإرهابيين، وعدم الاحتماء خلف الحصانات، وتحت سقف مبدأ شرعية الإجراءات واحترام سيادة الدول وحماية الشهود والمتعاونين وإرساء مبادىء العدالة التصالحية والترميمية لإعادة انخراط المجرمين في المجتمع وإيلاء أهمية خاصة إلى الضحايا، لا سيما النساء والأطفال.
ودعا إلى مكافحة دعم الإرهابيين وتجفيف مصادر الإرهاب وتمويله وتبييض الأموال، بما لا يعيق التدفق الحر للأموال الشرعية.
وعلى الصعيد التنفيذي، أوصى المؤتمر بتفعيل آليات تعاون أجهزة انفاذ القانون في إطار الملاحقات الجزائية المحلية والدولية وعبر المساعدة القضائية المتبادلة، والاسترداد، وتبادل المعلومات والبيانات الاستخباراتية والخبرات والمستندات والتسليم المراقب، مشدّداً على أهمية الأمن الاستباقي والتدابير الوقائية وتعاون أجهزة إنفاذ القانون.
ودعا إلى دعم المجتمع الدولي في تجهيز المؤسسات العسكرية والأمنية بأحدث وسائل التقنيات الحديثة، وإصلاح السجون والتزويد بالبرامج التطويرية والمعلوماتية والتدريية، وإدراج مادة مكافحة الإرهاب الإلكتروني في المناهج التعليمية وفي الكليات العسكرية والمعاهد الأمنية وشجيع البحث العلمي في هذه المواضيع.
كما أوصى ببناء القدرات وتعزيز المهارات القانونية والفنية والتقنية والإدارية واللغوية والميدانية لإدارات الأزمات ومسارح الجريمة المعقدة… وتنظيم ورش عمل متخصِّصة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
أمّا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والفكري والثقافي، فقد أوصى المؤتمر بالحفاظ على مقومات الأمن الاقتصادي وحماية الاغتراب اللبناني وتعزيز الديبلوماسية الاقتصادية لتأمين المصالح الاستراتيجية والقومية.
ودعا إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وفق أجندة 2030 وضمان التوزيع العادل للثروات وتأمين فرص العمل ومكافحة الفساد بكل أنماطه وتحفيز الاستثمار في العقول الشابة والابتكار، وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، لا سيما مكافحة الجهل والفقر والبطالة وتعزيز الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.
وشدّد على دور المؤسسات الدينية في مكافحة التطرف والتعصب والتزمّت والتمييز العنصري، وكذلك المساهمة في تطوير الفكر الديني، داعياً إلى تعزيز دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية لتوعية وترشيد الرأي العام لزيادة الوعي حول مخاطر الإرهاب.
وأملت المديرية العامة للأمن العام في بيان من هذا المؤتمر «تشخيص الوضع القائم وتقديم هذه التوصيات والمقترحات إلى صانعي القرار حول مخاطر الإرهاب في المنطقة والمساعدة في دعم الاستقرار والتعايش السلمي بين مكونات شعوبها وإرساء استراتيجية عامة لمكافحة الإرهاب وتعميم ثقافة السلام».