جبور: لجعل اليوم العالمي للغة العربية في 27/9 تاريخ وفاة المتنبي
لا يملّ كبيرٌ من علمائنا ومفكرينا الدكتور جورج جبور، عن الحفر في التاريخ والتوجّه إلى المستقبل الذي يليق بأمة حيّة ترفض أن يكون قبر الماضي مكاناً لها تحت الشمس، حيث تفقد فيه سيادتها على نفسها وروحها.
ولا جدال في قيمة اللغة لصقل هذه الروح ومنعتها، وبخاصة أن لسورية وللسوريين درّة التاج في اللغة العربية وبهم صارت كونية ولغة الفلسفة والفكر والأدب والتاريخ والعلم وقدمت للعالم أعظم المبدعين طراً يما يكاد يُعجز العقول، من المتنبي إلى أبي العلاء المعري إلى ديك الجن الحمصي وغيرهم..
جبور يتابع مقترحه الأثير إذ يحمله إلى الجامعات والمحافل الفكرية والأدبية السورية فالعربية، مع الأمم المتحدة لتعدل توقيت اليوم العالمي للغة العربية ليصبح ذا دلالة وقيمة نفسية وقومية، ويقترح تاريخ اغتيال الشاعر السوري أبي الطيب المتنبي، صاحب الإعجاز الشعري والحكمي، توقيتاً جديداً..
فهل يُسمِع مَن بهم صممُ، كما أسمعهم شعر المتنبي العظيم..؟
هنا رسالة من جبور إلى المديرة العامة لليونسكو مجدداً ضرورة النظر في مقترحه الآنف الذكر..
«صاحبة المعالي السيدة المديرة العامة لليونسكو الموقرة،
بعناية اللجنة الوطنية السورية لليونسكو،
وبعناية مكتب الأمم المتحدة بدمشق.
أطيب التحية وبعد:
أكتب بصفتي الشخصية مهتماً بالأمم المتحدة ولغاتها، وأيضاً بصفتي أول من نادى بضرورة إحداث يوم للغة العربية، وطوّره لاحقاً، في آذار 2012، ليُسمّى يوماً عالمياً للغة العربية.
حددت اليونسكو يوم 18/12 من كل عام يوماً عالمياً للغة العربية. في مثل ذلك اليوم من عام 1973 قبلت العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة. هي اللغة الوحيدة التي اضيفت الى قائمة اللغات التي أقرها الميثاق عام 1945. كذلك جاء القبول بعد شهرين فقط من حرب تشرين التي أرادها العرب تنفيذاً للقرار 242. يوم الاعتراف الدولي بمكانة العربية تاريخ هام لا ريب.
إلا أن مقارنة يوم اللغة العربية العالمي بالأيام العالمية للغات الاخرى تظهر عدم انسجامه معها.
ثم أن يوم 18/12 لم يكن، على حد ما أوصلني اليه الاستقصاء، موضع نقاش في البلاد العربية، بين المهتمين باللغة العربية.
وكما قلت في رسالة الى السيدة المديرة العامة السابقة، بتاريخ 2 5 2016، ومن المؤسف أنني لم أتسلّم إجابة مباشرة عنها، فإن «الأيام العالمية للغات الأخرى ذات دلالات ثقافية وتاريخية مرتبطة بإنجازات قام بها أبناء تلك اللغات، وليس هذا شأن يوم اللغة العربية العالمي».
أثرت هذا الأمر علناً، وعلى نحو واضح، في الندوة الافتتاحية ليوم العربية عام 2016 في مقر اليونسكو، وقد دعاني إليها من دمشق، السفير رئيس الخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية الذي كان قد قرأ مقالاً لي فيه احتجاجي على يوم 18/12، فهاتفني ودعاني ولبّيت. في ختام الندوة أعلن السيد السفير انه ليس في النية تغيير موعد 18/12 إذ «أصبحت له تقاليده»، بحسب التعبير الذي استخدمه. ولم يكن في لحظات ختام الندوة متّسع للنقاش.
الخبرة الباريسية المكتسبة اواخر عام 2016 أمدتني بمزيد من العزم على متابعة المطلب الحق الذي أدافع عنه منذ حدّدت اليونسكو مواعيد الأيام العالمية. وتحظى متابعتي بتأييد واسع من قبل المثقفين العرب، وقد تبنّى العمل لتغيير موعد اليوم العالمي اتحاد الكتاب اللبنانيين، كما أقيم مؤخراً حفل تكريم لي في مدينة جونية في لبنان، أشاد فيه المتحدثون بمقترحي في أن يكون يوم 27/9 من كل عام. وهو تاريخ وفاة المتنبي عام 965 هو اليوم العالمي للغة العربية. اليس هذا شأن اغلبية الأيام العالمية: الصينية والإنجليزية والروسية؟ ثم: ألا يشير اليومان الفرنسي والاسباني الى تميّز ذاتي فرنسي وإسباني؟
أنضّد هذه الكلمات وأرسلها قبل ثلاثة أسابيع من يوم 18 12 2018. من المناسب الإعلان بمناسبة احتفالية هذا العام أن اليونسكو تفتح باب النقاش واسعاً في موعد يوم اللغة العربية العالمي: هل نبقي الموعد على حاله، أم نغيّره لينسجم مع الدلالات الثقافية والتاريخية الذاتية التي تشير اليها الأيام العالمية للغات الرسمية الأخرى؟
وبالطبع، يحسن إشراك المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة في هذا الأمر، فلها فيه دور.
وفي الختام أودّ التعبيرعن مشاعر التقدير لمنظمة شغفت بعملها منذ تعرّفت عليه طفلاً إثر مؤتمرها الثالث في بيروت عام 1948، كما أشرت الى ذلك في كتيب صنفته بمناسبة اشتراكي في احتفالية العربية عام 2016 وأهديت نسخة منه الى مكتبتكم وعنوانه: «يوما اللغة العربية العربي والعالمي».
ولك، يا صاحبة المعالي، التقدير والاحترام.