الحريري وجنبلاط مهّدا للاقتحام سياسياً… وحزب الله تدخّل لمنع الفتنة وهاب يحيّي أرسلان: سنطلب تنحّي المدعي العام… والعملية لاغتيالي بطلب «الخواجة»

كتب المحرّر السياسيّ

كاد لبنان يذهب ضحية طيش سياسي وسوء حسابات أمني وتجاوز لحدود السلطة في استخدام القضاء، مع دماء الشهيد محمد أبو دياب مرافق رئيس حزب التوحيد الوزير السابق وئام وهاب، إثر الحملة العسكرية التي نظّمها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي لاقتحام بلدة الجاهلية في الشوف، بذريعة تبليغ وهاب بدعوة المثول أمام القضاء في دعوى قدح وذمّ بحقه على خلفية كلام، اعتبر مسيئاً بحق الرئيس رفيق الحريري، واعتذر عنه وهاب وأعلن استعداده للمثول أمام القضاء، فيما قال حزب الله إنه يستنكر ويرفض كل كلام خارج أصول التخاطب السياسي، لكن الحملة على وهاب ومحاولة شيطنته تصاعدت رغم ذلك وكان مستغرباً تنظيم التحرّكات في الشارع من قبل تيار المستقبل، لتظهر حملة الجاهلية أن التحضير الشعبي والسياسي هو تمهيد لعمل كبير، كما كان مستغرباً قيام النائب السابق وليد جنبلاط بزيارة مفاجئة للرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري وطمأنته من أمام منزله أن لا مشكلة في استهداف وهاب شعبياً وأمنياً، ليفسّر المشهد نفسه في الحملة المستغربة بعشرات الآليات ومئات العناصر الأمنية يداهمون بلدة الجاهلية، ويطوّقون منزل وهاب ويسقط أبو دياب شهيداً.

تدخّل حزب الله برسائل سريعة للمعنيين جميعاً من الرئيس الحريري إلى مدّعي عام التمييز ومدير عام قوى الأمن الداخلي، مضمونها أن ما يجري مشروع حرب أهلية، وعلى الجميع الانتباه إلى أين يأخذون البلد. وجاء انسحاب الوحدات الأمنية من الجاهلية، ليجمّد الأخطار فيما تواصلت الاتصالات السياسية لاحتواء التوتر وفتح الباب لمعالجات تحفظ التوازنات ولا تكسرها وتحول دون الذهاب إلى الأسوأ، فيما ربطت مصادر في قوى الثامن من آذار بين العملية وتعطيل الحكومة ضمن مشروع عنوانه إقصاء حلفاء المقاومة في الطائفتين السنية والدرزية عن المشهد السياسي.

الوزير السابق وئام وهاب كشف عن مراجعة قضائية سيتخذها شخصياً مع أسرة الشهيد أبو دياب، مضمونها المطالبة بتنحية المدعي العام سمير حمود بعد اتهامه بتجاوز حد السلطة، واصفاً ما جرى بمحاولة لاغتياله شخصياً بالرصاصات التي أصابت مرافقه، معتبراً أن الرئيس سعد الحريري يقف شخصياً وراء القرار لحساب رجل الأعمال علاء الخواجة الذي قال وهاب إنه طلب رأسه، لأنه قام بفتح ملف المشاريع التي ينفذها خواجة والتي وصفها وهاب بالمشبوهة، متوقفاً أمام ما قاله الوزير طلال ارسلان في التعليق على ما شهدته الجاهلية، موجهاً له تحية خاصة له ولموقفه الذي وصفه بالكبير والذي لا يُنسى، بينما خصّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي قال إن دينه على الدروز والجبل واللبنانيين لا يُنسى.

حزب الله أنقذ الجبل من فتنة كبيرة…

بينما نجا لبنان من فتنة مذهبية كادت تقع في بيروت بسبب ممارسات تيار المستقبل المتنقلة في الشوارع، عاشت منطقة الجبل خلال عطلة نهاية الأسبوع على فوهة فتنة نتيجة قرار متهوّر اتخذه الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط باغتيال رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب بعدما عمد فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الى اقتحام بلدة الجاهلية بمئة آلية عسكرية ومدرّعات وأسلحة حربية محاولاً الدخول الى منزل رئيس حزب التوحيد بالقوة خارقاً الأصول القانونية والتقاليد والحرمات ما أدّى الى استشهاد مرافق وهاب محمد أبو دياب.

ووفق معلومات «البناء» فإنّ تدخل حزب الله في اللحظات الدقيقة جنّب الجبل مجزرة وفتنة كبيرة كادت تقع نتيجة تمادي المعلومات في التقدّم الى داخل منزل وهاب، وقد أبلغت قيادة الحزب كلّ من الحريري وجنبلاط بأنّ العبث بأمن البلد غير مسموح كما أشارت معلومات «البناء» الى أنه وبعد اصابة الشهيد أبو دياب بطلق ناري أصرّت قيادة الفرع وقوى الأمن على المسؤولين عن العملية العسكرية في الجاهلية الاستمرار بمهمتها واعدة بتأمين المؤازرة العسكرية لها، إلا أنّ موقف حزب الله كان الفيصل لإيقاف العملية فضلاً عن قرار قيادة الجيش اللبناني التي أبلغت قيادة الأمن الداخلي بأنها لن تجاري أو تغطي هذه العملية»، وأشارت المصادر الى أنّ «الحزب يعمل على إيجاد مخارج قضائية مناسبة تحفظ ماء وجه حليفه وهاب وهيبة القضاء معاً على أن تتبلور اليوم»، وبحسب المصادر فإنّ «الخطة كانت تهدف الى اغتيال وهاب او اقتياده الى مبنى فرع المعلومات في قيادة قوى الأمن الداخلي وإبقائه في السجن حتى نهار الاثنين لإذلاله وانتزاع تعهّد منه بعدم التعرض للحريري لا من قريب ولا من بعيد لا على المستوى الشخصي ولا السياسي وذلك كخطوة استباقية لوقف حملاته على الحريري في ملف الفساد والصفقات التي ينوي تمريرها في الحكومة العتيدة».

وتذهب المصادر أبعد من ذلك للقول بأنّ «الخطة كانت حلقة في إطار قرار تصفية حلفاء حزب الله ظناً بأنّ الحزب لن يقف مع وهاب ويصاب بالإحراج الشديد باعتبار أنّ دفاعه عن الكلام المسيء بحق الحريري يثير حساسية مذهبية فيخسر وهاب غطاء حارة حريك أو على الأقل يترك الحزب للقضاء أن يأخذ مجراه قبل اتخاذ موقف كما فعل في حالات سابقة فيجري استغلال هذا الوقت الضائع للاستفراد بوهاب وتوقيفه احتياطياً ليومين بحجة مصادفة العطلة الرسمية».

وإذ أشار بيان مديرية قوى الأمن الداخلي الى أن إطلاق مرافقين لوهاب النار على دورية المعلومات أدّى الى مقتل أبو دياب، حمّل وهاب مسؤولية اغتيال بو دياب الى الحريري وللواء عماد عثمان، واصفاً بيان قوى الأمن الداخلي بالكاذب، موضحاً، أنّ «تقرير الطبيب الشرعي يقول إنه سقط «برصاصة M16 أو M4»، ووصفت مصادر عسكرية لـ «البناء» بيان قوى الأمن بالركيك وبعيد عن أيّ منطق أمني، إذ أنّ تقرير الطبيب الشرعي واضح»، مستغربة كيف يستبق بيان التحقيق القضاء، بينما حاول وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق تغطية عثمان وجريمة الجاهلية، مؤكداً أنّ «التحقيق القضائي سيحدّد المسؤولية عن الوفاة ولا يترك الأمر لاجتهادات سياسية فتنوية». وحاول المشنوق كعادته اللعب على وتر الفتنة وصبّ الزيت على النار، قائلاً: «الشهيد رفيق الحريري هو ضميرنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا ومن يتعرّض له يتعرّض لكرامة كلّ أهل السنة وكلّ الشرفاء اللبنانيين». مشيراً الى أنّ «الحريري سيظلّ على صلابته الدستورية في تشكيل الحكومة ولن يعتذر عن مهامه ولو وصلت الضغوط إلى قمم الجبال». ولفت غامزاً من قناة حزب الله الى وجود «قرار بالتعطيل الفعلي مرات بالسياسة وأكثر بالتهديد والوعيد وسياسة الأصبع المرفوع، وأخيراً بالتغطية الكاملة للخروج عن القانون والدولة».

أما القانون الذي يتحدث عنه المشنوق فانعكس في الشارع عبر قيام استمرار المستقبل في مسلسل قطع الطرقات وتقطيع أوصال الوطن وإرهاب المواطنين عبر قطع طريق العبدة باتجاه طرابلس بالإطارات المشتعلة لبعض الوقت تضامناً مع المعلومات.

أما وزير العدل فأعلن أنّ «تحقيقاً كاملاً سيجري في القضاء لأحداث الشوف وصولاً إلى ما جرى في الجاهلية وأنّ المساءلة القانونية والقضائية لن تستثني أحدا».

وفي حوار على قناة الجديد مع الزميل جورج صليبي شنّ وهاب هجوماً واسعاً على الحريري وأشار الى أنّ الأخير «فار من العدالة في السعودية وتركيا وليس أنا»، وقال: «سيكون هناك مفاجأة قضائية من العيار الثقيل، وسيطالب المحامون بتنحية القاضي سمير حمود ». وأضاف: «لدينا مئات المقاتلين لذلك لسنا بحاجة إلى حزب الله للدفاع عنّا ونحن أولاد قرى وأبناء طائفة مقاتلة، وأنا شخصياً أقاتل»، مشدّداً على انّ «للسيّد حسن نصرالله دين كبير على الجبل لن نستطيع أن نوفيه إيّاه لأنه حجب الدماء عنه». ورد على المشنوق بالقول: «أستمرّ بزيارة سورية بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في العام 2005 وحتى العام 2011»، لافتاً الى ان «المشنوق طلب مني في مكتب اللواء محمد ناصيف في سورية تأمين 5 مليون دولار شهرياً من إيران لقيادة السنة بلبنان»، مضيفاً: «أقول للمشنوق لا تدفعني للحديث عن رأيك الحقيقي بسعد الحريري». وكشف أيضاً أنّ رسالة تأنيب وجهها الرئيس عون الى المسؤولين عن جريمة الجاهلية.

وفي حين خيّم صمت مطبق على بيت الوسط والمختارة، كان لافتاً دخول رئيس حزب القوات سمير جعجع على خط الأحداث عبر إيفاد الوزير ملحم الرياشي الى وادي ابو جميل للقاء الحريري ونقل رسالة للحريري «لتأكيد حرص القوات على استقرار البلد وان يكون الجميع تحت سقف القانون»، بحسب الرياشي.

ردود فعل مستنكرة

وتوالت ردود الفعل المستنكرة لاستباحة المعلومات الجبل والاعتداء على مختار البلدة وعلى المواطنين وقتل أبو دياب، فيما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الاستنكار والتأييد لوهاب، وقد برزت إحاطة مشيخة العقل الطائفة الدرزية لرئيس التوحيد والالتفاف الشعبي والسياسي حوله، ودعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ ناصر الدين الغريب في تصريح إلى «مقاربة الأمور بالهدوء والحكمة ».

بينما أعلن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان دعمه لوهاب متهماً جنبلاط باستباحة قرى الجبل، وقال: «مبروك لفرع المعلومات على هذه العراضة المعيبة التي حصلت في الجاهلية بالأمس ومبروك على الذي أصدر الأمر الهمايوني، ومبروك للنائب السابق وليد جنبلاط على استباحة الجبل والقرى تحت شعار تطبيق القانون القائم على الصيف والشتاء تحت سقف واحد». وأكد أرسلان في تصريح آخر، أنّ «وهاب لم يكن هارباً لكي يُصار إلى تبليغه بهذا الأسلوب الأرعن. عائلاتنا وأعراضنا في الجبل ليست مستباحة لأحد وعلى الدولة تحمّل مسؤوليّتها»، مشدّداً على أنّه «إذا كان جنبلاط هو حامي الجبل فعلى أمن الجبل السلامة».

وقد أكدت مصادر 8 آذار لـ «البناء» على أنّ «كل أحزاب وقوى 8 آذار داعمة لوهاب في وجه كسر حليف المقاومة»، ووصف النائب جميل السيّد المعلومات بـ «زلمة الحريري».

وفي أول تعليق لحزب الله قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: « نحن لا نقبل بهذا الفحش ولا الشتيمة ولا التعرّض بالشخصي، لا للأحياء ولا للماضين، لكن ما نقبله لفلان لا نقبله لأحد ممن يتطاول على الآخرين، لا يبقي مقدساً عند الآخرين إلا ويهتكه ويتعرّض له ولا يحترم كبار الآخرين ولا صغارهم ويلقى التصفيق من بعض رجالات السلطة». ولفت رعد الى انه «ما حصل بالأمس من إرسال قوة مؤللة تحت حجة تبليغ دعوى للحضور إلى المحكمة، هذا أمر فيه تجاوز للقانون وأمر كان يخفي نية اعتقال لإذلال الشخص المطلوب وسوقه خلال أيام العطل ليبقى محتجزاً حتى يبيت ليوم الإثنين والثلاثاء. هذا الأمر في الحقيقة يجب على ساحتنا والمسؤولين أن يتجاوزوه ويترفعوا عن مثل هذه الأساليب، وخصوصاً أنهم ما زالوا يقدّمون أوراق اعتمادهم. حتى الآن لا يستطيعون أن يشكلوا حكومة ».

أما ما بدأ يدور في الأوساط السياسية فهو هل للأحداث الأمنية الأخيرة تداعيات سلبية أم ايجابية على مسألة تأليف الحكومة؟ مصادر في 8 آذار تشير لـ«البناء» الى أنّ «الكرة في ملعب الحريري، فإما يعود الى رشده ويقلع عن هذه الممارسات الميليشياوية واللجوء الى المعالجة السياسية والقضائية بقضية وهاب والتنازل حكومياً وإما يتشبّث بموقفه وبالتالي يفتح بيده باب اعتذاره واختيار البديل له»، وتُذكر المصادر بخطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير بأنّ زمن التواضع والتنازل قد ولى».

وعن علاقة حارة حريك بالمختارة كشفت المصادر بأنّ «العلاقة باردة جداً لكن لا قطيعة، إذا أنّ إبلاغ جنبلاط يتمّ منذ فترة طويلة عبر مستويات دنيا وبالتحذير والإنذار، حيث بادر الحزب أمس الى إبلاغ جنبلاط والحريري معاً بعدم الانجرار الى هذه اللعبة الخطرة».

وأشارت مصادر سياسية لـ«المنار» الى أنّ «حراك باسيل لم يتوقف والعمل مستمرّ لتطويق الثغرة الحكومية قبل سدّها ويملك عدة خيارات بديلة وقد تظهر ملامحها بالأيام المقبلة». واضافت المصادر «العقدة الأساس هي بالتصلب الذي يبديه الحريري ، الأمر الذي لمسه باسيل خلال لقائه بالحريري يوم الجمعة الفائت، اذ لم يتفاعل الحريري ايجاباً مع نقاط وزير الخارجية بل أعاد تأكيد رفضه استقبال النواب السنة المستقلين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى