فتّوحي لـ «البناء»: مبادرتنا لإعادة النازحين السوريين تلقى ترحيباً وتجاوباً كبيريْن وجهدنا ينصبّ لكي تكون كسروان على خارطة العودة ووضع حدّ لمحاولات العرقلة
رمزي عبد الخالق
عبّر رئيس الحزب اللبناني الواعد فارس فتّوحي عن الارتياح الكبير للصدى الإيجابي الذي تلقاه مبادرة حزبه بشأن عودة النازحين السوريين إلى بيوتهم وقراهم ومدنهم في سورية، وخصوصاً لدى النازحين المقيمين في كسروان الفتوح، حيث تخطّى عدد الذين تقدّموا بطلبات للعودة الـ 500 نازح، وهذا عدد كبير إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ المبادرة انطلقت قبل فترة زمنية وجيزة، علماً أنّ الدفعة الأولى من العائدين توجّهت إلى سورية قبل نحو عشرين يوماً، وقد اطمأنّ منسّقو الحزب إليهم بعد وصولهم إلى بلداتهم وقراهم عبر التواصل معهم بشكل مباشر.
وأكد فتّوحي في حديث لـ «البناء» أنّ العمل مستمرّ في البلدات الكسروانية لتشجيع النازحين على العودة وتسهيل كافة الإجراءات القانونية واللوجستية المطلوبة.
وأشار فتّوحي إلى أنّه التقى عدداً من رؤساء البلديات الكسروانية لوضعهم في صورة «المشروع الوطني لإعادة النازحين السوريين» ولعرض التعاون معهم لمسح النازحين في بلداتهم، وقد أبدى معظمهم اهتماماً وتعاوناً، فيما تلكّأ حتى الآن البعض الآخر، متمنياً على الجميع التفاعل مع هذا المشروع، خصوصاً أنّ الرأي العام تلقّف المبادرة بإيجابية كبيرة.
أضاف: لقد استطعنا خلال وقت قصير جداً تأمين عودة مجموعة غير قليلة العدد من كسروان إلى سورية، الأمر الذي نعتبره إنجازاً كبيراً لأنّ الوضع الاجتماعي للنازحين المقيمين في كسروان أفضل بكثير من وضع النازحين في المخيمات، كون لديهم بيوت وعمل وكلّ شيء مؤمّن لهم، ولذلك نرى أنّ هذا الأمر إنجاز بحدّ ذاته، خصوصاً أننا مستمرّون بهذا العمل الذي نعتبر أنه يصبّ في خانة المصلحة العليا للبنان ولسورية في الوقت نفسه.
النازحون راغبون بالعودة
وفي هذا السياق أشار فتّوحي إلى الرغبة الكبيرة لدى النازحين بالعودة، وهو ما يلمسه منسّقو الحزب اللبناني الواعد خلال عملهم المباشر مع هؤلاء النازحين في مختلف القرى والبلدات الكسروانية، لافتاً إلى أنّ هناك محاولات دؤوبة لتضليل الرأي العام من قبل بعض الأطراف السياسية التي تريد أن تقول إنّ النازحين السوريين لا يريدون العودة ويرغبون بالبقاء حيث هم حتى إيجاد الحلّ السياسي الشامل في سورية!
وأكد فتّوحي أنّ كلّ ذلك لا أساس له من الصحة إطلاقاً، فنحن نلتقي بأعداد كبيرة من النازحين يومياً ونعرف أنهم يرغبون بالعودة، بل أكثر من ذلك نلاحظ أنّ الجميع يركزون على توفير الظروف اللوجستية للعودة، فيما اختفت اللغة التي سادت لفترة من الزمن حين كانوا يقولون هذا مع النظام وذاك ضدّه، حيث ترسّخت القناعة لدى الجميع، نازحين وغير نازحين، بأنّ النظام باق، وبأنّ الحرب على سورية وفيها أصبحت في أواخرها، وهذا أمر إيجابي جداً على أكثر من صعيد، وتحديداً على صعيد تنامي الرغبة لدى النازحين بالعودة.
لا تعقيدات مقصودة
وعن زيارته للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي قال فتّوحي: «إنّ السفير السوري يبرهن لكلّ من يلتقيهم كيف أنهم كدولة سورية يريدون ويرغبون بشدّة بعودة أبناء سورية إلى بيوتهم وقراهم ومدنهم، لأنّ السوريين في النهاية هم الذين سيعمّرون سورية. كذلك نلاحظ أنّ جميع القوانين والمراسيم التي صدرت مؤخراً في سورية هي لتحفيز النازحين على العودة، وهذا يظهر كم أنّ الدولة السورية راغبة بل تعمل لعودة أبنائها دون تفريق بين معارض أو موال، لأنّ الهمّ الأكبر هو عودة السوريين إلى تضامنهم وتكاتفهم لكي يبنوا سورية من جديد.
وفي الموضوع اللوجستي نفى فتّوحي أن يكون هناك أيّ تعقيدات مقصودة تعيق عودة أيّ نازح، ودليلنا على ذلك أننا تقدّمنا في المرحلة الأولى بـ 103 طلبات فجاءت الموافقة على 98 منها، أما سبب عدم الموافقة على الطلبات الخمسة الأخرى فهو نقص في الأوراق الشخصية لأصحاب الطلبات، وقد عالجنا المشكلة بعد أيام قليلة، وهذا الأمر جعلنا نتأكد من أنّ بعض وسائل الإعلام تزيّف الحقائق وتقلب الوقائع لغايات وأسباب سياسية.
وإذ شدّد فتّوحي على أهمية التنسيق بين الدولتين على كلّ المستويات، رأى أنّ الأمر الخطير هو المتعلق ببعض المتهمين الذين يتمّ الحديث عنهم، موضحاً أنّ «هناك بعض النازحين عليهم أحكام كإرهابيّين أو غيرها، هؤلاء عندما يتمّ الإمساك بهم وانتهاء مدة حكمهم في أيّ دولة من دول العالم إنْ كان الشخص مغترباً أو غير مواطن في هذه الدولة، حينما تنتهي محكوميته يرحّل إلى بلده، هنا ماذا نفعل في هذه الحالة إذا كان غير راغب بالعودة، فهل يعود الأمر له إذا أراد أن يبقى أو يجب ترحيله إلى سورية، لأن لا شيء حالياً يجبره على العودة، إنما لو كان هناك تنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية لتوجّب عليهما معاً حلّ هذه المعضلة في أسرع وقت، علماً أنّ هناك اتفاقيات ومعاهدات بين الدولتين تشمل هذا المجال وغيره والمطلوب تفعيل هذه المعاهدات والاتفاقيات واستئناف تنفيذها لما فيه مصلحة البلدين.
وسائل تسريع العودة…
ولفت فتّوحي إلى أنّ «الأمن العام أعلن قبل أيام أنّ عدد النازحين الذين عادوا إلى سورية عن طريقه بلغ نحو 60 ألفاً. هذا أمر جيد جداً، ونحن نؤيده ونضع كلّ إمكاناتنا للمساهمة في هذا الجهد الوطني الكبير، لكن عدد النازحين كبير جداً ويصل إلى نحو مليون ونصف المليون على الأقلّ، وإذا بقينا على الوتيرة الحالية فإنّ إنجاز العودة يتطلب سنوات، ولذلك لا بدّ أن نجد الوسائل اللازمة لتسريع العودة وزيادة أعداد العائدين، وفي مقدمة هذه الوسائل تأتي الخطوة الضرورية التي لا غنى عنها وهي المتمثلة بالتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، ووضع استراتيجية لعودة النازحين لتجاوز هذه الوتيرة البطيئة بالرغم من كون الكثير من النازحين يعودون متجاوزين تلك الإجراءات المعقدة لأنهم راغبون بالعودة.
مبادرتنا تتوجه إلى اللبنانيين أيضاً
ولفت فتّوحي إلى أنّ مبادرة الحزب اللبناني الواعد لا تتوجه فقط إلى النازحين السوريين، بل أيضاً إلى اللبنانيين الذين لا يسائلون بعض قادتهم السياسيّين الذين لا يكتفون بالقول إنّ عودة النازحين السوريين لم يأت أوانها بعد، بل يحاولون وضع العراقيل في طريق الذي يعملون لإعادة النازحين، وإذا طلبت منهم تفسيراً لذلك لا يملكون الإجابة كونهم وجدوا أنّ من يعتبرونه زعيماً سياسياً لهم يقول ذلك فهم تبنّوا قولهم دون معرفة الأسباب والمبرّرات.
وتابع فتّوحي: نحن نتبع استراتيجية تغيير الرأي العام وإظهار الموضوع بحيثياته وأسبابه، ووجدنا تجاوباً مع المبادرة لأنّ السوريين الخائفين مثلاً من العودة شاهدوا وعرفوا وسمعوا أنّ هناك الكثير من النازحين يعودون وهم بحالة جيدة ولم يتعرّض لهم أحد، وهذا أمر يشجعهم ويدفعهم إلى تهيئة أنفسهم مع عائلاتهم للعودة. كما أنّ اللبنانيين يزدادون قناعة بأنّ مسيرة العودة انطلقت ويرون أنّ الذين عادوا وجدوا كلّ ترحيب وعناية، ما يعني أنّ أقوال بعض السياسيين المعاكسة لذلك غير صحيحة ويجب طرح علامات استفهام حولها كونها تأتي على خلفية مصالحهم الشخصية وتنفيذاً لأجندات إقليمية وخارجية لا علاقة لها بمصلحة لبنان واللبنانيين.
الكلام شيء والفعل شيء آخر
وكشف فتّوحي أنّ «الأمر الأهمّ في كسروان أننا نرى أحزاباً ومسؤولين سياسيين يتحدثون في الإعلام عن تشجيعهم لعودة النازحين، لكنهم على الأرض لا يفعلون شيئاً حتى لا نقول إنهم يحاولون عرقلة عمل الآخرين، بينما نجد في مناطق أخرى عملاً فعلياً كالذي يقوم به حزب الله على سبيل المثال لا الحصر.
وعن وجود أسباب معينة لعدم التعاون قال فتّوحي: لن أقول إننا ننتظر التعاون، هناك بلديات تتعاون معنا وأخرى لم نلق منها أيّ تعاون، بل ترفض ذلك بطريقة أو بأخرى، لكنها في نهاية الأمر ستخضع للأمر الواقع، لأنّ الحملة التي بدأنا بها لن تتوقف وليست كما ظنّوا بأنها حملة مؤقتة وتنتهي… ولكن حينما يدركون أنّ العودة تكبر وتنتشر بين المناطق أعتقد أنهم سيجدون أنفسهم مضطرين للرضوخ لحكم الأمر الواقع، وقد أبلغت كلّ البلديات أننا سنقوم بعملنا حتى لو أنّ البعض رفض التعاون معنا، ولن يكون أمام هذا البعض عندها إلا أن يواجه الرأي العام وأهالي بلداتهم والتبرير أمامهم وإقناعهم بالأسباب التي تدفعه لعرقلة عودة النازحين!
وكشف فتّوحي أنّ شرطة إحدى البلديات قامت بطرد منسّقي الحزب اللبناني الواعد من البلدة، بحجة أننا لا نستطيع القيام بأيّ عمل من هذا النوع قبل أن نستحصل على موافقة من البلدية المعنية، علماً أنّ هذه الأخيرة لا تعطينا موعداً وترفض اللقاء معنا. سأتحفظ في هذه المرحلة عن ذكر الأسماء إنما سيأتي يوم وأعلنها إنما الآن ننتظر حتى يعوا مصالح بلدتهم على الأقلّ.
المبادرة الروسية فتحت الأبواب
وعن لقائه مع السفير الروسي ألكسندر زاسيبكين قال فتّوحي «إنّ المبادرة الروسية هي التي فتحت الباب أمام المبادرات المحلية وأضاءت عليها، ولكن رغم أهميتها إلا أنها جامدة في هذه الفترة، ولقائي مع السفير الروسي كان لعرض مشروعنا ولأخبره بأنّ الهدف من مبادرتنا أن تكون عاملاً مساعداً بقدر ما نستطيع للمبادرة الروسية، لكننا مع الأسف لا نرى أيّ تسهيل أو تعاون من قبل الدولة اللبنانية مع المبادرة الروسية، بل نرى العكس أحياناً، وتحديداً من خلال ما يفعله أو يصرّح به وزير الدولة لشؤون النازحين الذي يعلن يستمرّ في إعلان مواقف وإصدار بيانات فيها الكثير من التهويل والتخويف للنازحين، كأنه مكلف بعرقلة العودة…!
أضاف فتّوحي: خلال لقائي مع السفير الروسي استفسرت أيضاً عن بعض تفاصيل المبادرة الروسية، وسألت عما إذا كان النازحون المقيمون في منطقة كسروان هم ضمن الـ ـ900 ألف نازح الذين تحدثت عنهم المبادرة، أم أنّ المعنيين بالأمر هم فقط النازحون المقيمون في المخيمات في البقاع والشمال وغيرهما.
وتمنّيت على السفير الروسي أن تأخذ المبادرة هذا الأمر في الحسبان، لأنّ النازحين المقيمين في منطقة كسروان يعيشون في أوضاع جيدة نسبياً على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسكنية وغيرها، وقد يتبادر إلى الأذهان أنّ هؤلاء لا يريدون العودة لأنّ أوضاعهم جيدة نوعاً ما، فيما الحقيقة هي غير ذلك، فنحن لمسنا عن كثب أنهم يريدون العودة اليوم قبل الغد، ولذلك لا بدّ أن يكونوا في عداد النازحين الذين سوف تتوجه إليهم المبادرات وفي مقدّمها المبادرة الروسية.
وإذ نوّه فتّوحي بالدور الروسي في لبنان، اعتبر أنّ المبادرة الروسية فتحت الأبواب أمام الحلول الجديّة ولولاها لكان المجتمع الدولي تمادى بالمحاولات الوقحة لإبقاء النازحين في لبنان سعياً لتوطينهم.
وختاماً قال فتّوحي إننا منذ إطلاقنا لهذه المبادرة طالبنا وسنبقى نطالب كلّ الاتجاهات السياسية والاجتماعية وكلّ المواطنين بأن نشبك الأيدي جميعاً لننجز هذا الملف الكبير بأسرع وقت ممكن، لأنّ فيه مصلحة وطنية كبيرة جداً للبنانيين وللسوريين على حدّ سواء.
كما دعا فتّوحي المجتمع المدني والجمعيات المهتمة إلى ملاقاة الحزب اللبناني الواعد في مشروعه الوطني، للسير سوياً والتعاون على توفير السبل الكفيلة بتشجيع أكبر عدد ممكن من النازحين السوريين على العودة الآمنة والطوعية، خصوصاً أنّ الوقت اليوم هو للعمل وليس لإطلاق الشعارات، فبالعمل وحده يتمّ إنجاز المشاريع وتحقيق النتائج المرجوّة، وقد بيّنت التجربة أنّ عودة النازحين قابلة للتحقيق شرط أن نقرن القول بالفعل.