وهّاب: دماء محمد أبو دياب وحدت 8 آذار ولا فتنة في الجبل

محمد حمية

ما بات مسلماً به لدى معظم الأطراف في لبنان أن عملية «السبت الأسود» في الجاهلية أبعد بكثير من تنفيذ مذكرة جلب قضائية بحق الوزير السابق وئام وهاب، بل إنّ المعلومات والأدلة وتحليل الوقائع والأحداث التي تجمعت خلال اليومين الماضيين لدى وهاب وحارة حريك تؤكد بما لا يرقى للشك أن ثمة من أفتى وأمر باغتيال رئيس حزب التوحيد العربي في عقر داره وجلب رأسه الى موائد اللئام في السفارة السعودية في بيروت، حيث كان السفير السعودي في سفارة بلاده في لبنان ينتظر خبر مقتله، بينما كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في بيت الوسط ينتظر مرور جثته، هذا ما يؤكده وهاب الذي أشار لـ»البناء» الى أنّ معركته مستمرة ضدّ الرئيس المكلف سعد الحريري في ملفات الفساد وفي قضية قتل الشهيد محمد أبو دياب إذ أنه ذاهب حتى النهاية في حربه القضائية مع مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود والمدير العام للأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.

بدا وهاب أمس كـ «المنتصر» بعد أن نفض عن وجهه غُبار المعركة، فالرجل نفذَ من قرار كبير باغتياله أبعد من حدود لبنان، يعرفُ وهاب بأنّ عمراً جديداً قد كُتِبَ له، لكن في الوقت عينه يُدرك أيضاً أنّ مرحلة سياسية جديدة ارتسمت في الأفق، فما قبل اجتياح الجاهلية لن يكون كما قبله، فوهاب بات في قلب معادلة الصراع بين محورين يتصارعان على امتداد المنطقة: محور المقاومة ومحور العمالة في الخارج والداخل كما يُعبّر وهاب في حديثه لـ»البناء»، ويدرك ايضاً أنّ حضانة حزب الله للجاهلية والفريق الذي ينتمي اليه من مختلف الأحزاب والطوائف، يُرتب عليه مسؤولية كبيرة في خوض غمار تثبيت أقدامه في الجبل وما يترتب عن ذلك من مواجهة شرسة تنتظره مع «بيك المختارة».

يجلس المعارض لـ»الزعامة الدرزية التقليدية» في دارته مُحاطاً بوفود المُعزين من كلّ جانب ومن مختلف المناطق اللبنانية، فعلى رغم المأساة التي أصابت بلدة الجاهلية وحالة الحزن التي تلفّها لكن من يقصدها يلاحظ حجم تضامن أهلها مع «ابنها البار» واستعدادهم للدفاع عن قريتهم وتقديم مزيد من التضحيات، فصُوَر وهاب ومرافقه الشهيد في القرى المجاورة للجاهلية تشكل الى جانب أشجار السرو والسنديان سوراً كبيراً ممتداً الى دارة وهاب و«بيت الضيعة». فـ «الضربة التي لا تقتل تقوّي»، كما يقول المثل القروي المعروف، فوهاب القادم من بيئة متواضعة تمكن من بناء قوة سياسية عبر تحالفاته المتنوّعة تنامت مع مرور الزمن وتقلّب المراحل وشكّلت مصدر قلق للزعامة الجنبلاطية في المختارة، أما بعد اجتياح الجاهلية تمدّدت مساحة شعبيته لتشمل الشارع الدرزي في الجبل ولو أنّ أسباباً عدة تحول دون التعبير عن ذلك، فكأنّ خطيئة خصمه اللدود كانت فرصة له على التقدّم والتأهّل خطوات كبيرة نحو الزعامة في الجبل في مراحل مقبلة…

ويُحدّثُ وهاب زائريه المجتمعين في صالون الاستقبال في السياسة والفساد ويتلقى شكاوى بعضهم وما يعانون ويقاسون في حياتهم اليومية وتجاربهم مع إدارات الدولة عند تخليص أيّ معاملة، ويتحدث بعض الموظفين السابقين عن الرشاوى والصفقات المشبوهة والتدخل السياسي في مفاصل الدولة.

ويُعيد وهاب على مسامع زواره حادثة ملف الفساد في مناقصات الكهرباء مع قاسم حمود وكيف أرسل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الحاج محمود قماطي لإبلاغ وهاب بأن تابع في ملفك حتى النهاية، ويقول وهاب: «هكذا يتصرف الشرفاء».

لا يخفي وهاب عتبه الشديد الممزوج بشيء من المرورة على وزير الداخلية نهاد المشنوق، وينظر الى جدران منزله للإيحاء بأنها تعرف زائر الدار جيداً وتلك الليالي الخوالي، ويكشف أنّ سبب خلافه مع المشنوق هو مناقصة الميكانيك فيقول وهاب: «هل المطلوب أن أسكت عن فساد في الميكانيك لأنني صديق للمشنوق؟» ويصف بيان وزير الداخلية بالفارغ من مضمونه»، ويكشف وهاب أنّ «السفير السعودي في لبنان قال لضيوفه على الغداء ومنهم المشنوق قبيل حادثة الجاهلية بيوم واحد: «غداً سنتخلص من وهاب»، فصُدِم الحاضرون بما يقول فكرّر كلامه ثانية على مسامعهم.

وما إذا كان يربط بين غزوة الجاهلية وزجر حزب الله المسؤولين عنها ومنع تغيير المعادلة الداخلية، وبين التصعيد الإسرائيلي على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، يقول وهاب: «فريق 14 آذار أدوات للمشروع الأميركي الإسرائيلي في لبنان ويحاولون استخدام أجهزة الدولة الأمنية والقضائية لتحقيق مآربهم ولذلك المعركة واحدة بين عملاء الداخل والخارج».

وعن مفاجآت حيفا وما بعد حيفا القضائية أضاف وهاب: «كلّ يوم سنفجر قنبلة، المحامون سلموا الوثائق التي استندوا اليها للقيام بمثل هذه العملية الأمنية الإجرامية»، وعما إذا كان حزب الله سيقف معه في معركته مع مثلث الحريري – عثمان – حمود؟ أجاب: «من يسمع اليوم الحاج حسين الخليل يعرف موقف حزب الله جيداً وهذا السؤال لم يعد منطقياً…

وعما إذا كانت حادثة الجاهلية وصمود وهاب قد وحّد فريق 8 آذار، لا سيما رأب الصدع بين وهاب والوزير طلال أرسلان، وبين وهاب والسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي يعتبر بأنّ «دم محمد أبو دياب وحد 8 آذار وكلّ قوى المقاومة وأسقط المشروع الذي كان يُحاك ضدّنا وضدّ المقاومة». ويجزم رئيس حزب التوحيد بأن لا فتنة في الجبل وقال: «لن نسمح بها حتى لو على دمي وليس فقط على دم محمد أبو دياب».

وعما يريد قوله للحريري أجاب: «لن أقول له شيئاً لأنني أقول لأحد قادر على الاستيعاب ولديه عقل وبس يصير يستوعب ببقى بقلّه كتير».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى