حافظ عمار… اللاعب والمدرّب والإعلامي والمستشار

ابراهيم وزنه

من منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، تخرّج العديد من لاعبي كرة القدم المتميزين ، مع معظم الأندية اللبنانية لعبوا وتركوا بصماتهم، منهم من رحل ومنهم لم يزل، وبرج البراجنة على عهدها في تفريخ النجوم.

لعب فريق البرج تحت الأضواء لعدّة مواسم، كللها بانجاز على مستوى الوطن هو «كأس لبنان»، وفي أكثر من موسم شارف الارشاد على الصعود إلى الدرجة الأولى، واليوم يوجد في البرج فريقان، البرج و»شباب البرج» ذلك الذي خرج من عباءة الارشاد، البرج يتصدّر دوري الدرجة الثانية وشباب البرج يقف خلفه في مركز الوصيف، والمعطيات تشير إلى قرب صعودهما معاً للدرجة الأولى، وبعيداً عن المناكفات الدائرة بين أنصار الفريقين، ارتأينا فلفشة الصفحات المضيئة لأحد ابرز لاعبي برج البراجنة من خمسين عاماً، انه حافظ عمّار، ذلك الذي تناديكم روحه من البعيد لتكونوا صفّاً واحداً يا جماهير البرج و»شبابه». اليكم الحكاية

… إعجاب المدرّب هريرا بأدائه

… في العام 1968 قال المدرّب الأشهر في تاريخ كرة القدم اللبنانية الروماني بوغدان لصديقه المدرّب الايطالي العالمي هيريرا «سأريك لاعباً من طراز نادر»… ثم قدّم له حافظ عمار الذي كان قد اصطحبه معه إلى قبرص لمتابعة مباريات فريق انترناسيونالي ضدّ الفرق القبرصية في جولته التحضيرية، يومها نظر هيريرا إلى عمار وتملكته الدهشة، كيف سيكون خارقاً وهو في مقتبل العمر 22 سنة آنذاك وقصير القامة 160 سم ؟!

فدعاه إلى مشاركة فريقة في التمرين، وفي اليوم التالي، سارع إلى بوغدان طالباً منه التخلّي عن عمار لمصلحة فريقه، فوافق بوغدان على الفور طمعاً بالعمولة … لكن حافظ عمار رفض الفكرة من أساسها عندما عرضها عليه مدرّبه في فريق الشبيبة المزرعة، ولم يفصح عن الأسباب التي جعلته يرفض العرض المغري.

اليوم، وبعد مرور 50 سنة على تلك الحادثة، ومع ترجّل «العمّار» عن صهوة الحياة في 12 تشرين الأول من العام 2010 ، وبحكم معرفتي بحافظ الانسان والرياضي، أود أن أذكر الاسباب التي سأله عنها الصحافيون مراراً ولم يجبهم… نعم لقد رفض العرض الايطالي لانه لا يحب العيش بعيداً عن لبنان، وفي قلبه عشق كبير لبلدته برج البراجنة، بالاضافة إلى عدم حاجته للمال وكرهه للسفر وحبّه الزائد للأهل والأصحاب.

البداية من ملعب الرمل

في بيت ارستقراطي، سياسي بامتياز، أبصر حافظ عمار النور في العام 1946 ، فعمّه هو النائب الراحل محمود عمار ووالده علي عمار شغل منصب قائمقام بعلبك الهرمل لسنوات عدّة، وباكراً التحق الشاب الموهوب برفاق الحي الذين كانوا يلعبون كرة القدم على ملعب الرمل العالي، فبرز بينهم رغم صغر سنّه، ومن هؤلاء نذكر : أولاد عمته عباس وسهيل رحال، علي حمود، فاروق الغالي، فؤاد الثابت المعروف بالحصان، عبد القادر خير، فضل السباعي ووفيق الشحيمي وغيرهم. منذ صغره ارتدى القميص رقم 9 وواظب على ذلك مع الفرق التي لعب معها ـ حتى مع منتخب لبنان ـ ، فامتاز بحبّه للتسجيل والتسديد، وساعده على ذلك تمتعه بسرعة فائقة وتمويهه اللافت بجسمه عند مواجهة الخصوم، وبالفعل كما أجمع عارفوه «كان يبيع أكبر مدافع ولا يخاف أحداً» .. «جميع حراس لبنان المشهورين أكلوا غوال بالجملة من حافظ عمار».

الوصول الى الشبيبة المزرعة

قبل انتقاله إلى الفرق الرسمية، برز حافظ عمار في بطولة المدارس مع فريق مدرسته الشويفات الدولية إلى جانب ابن عمته سهيل رحال، ويتذكر ابن عمه الدكتور رياض عمّار: «قبل المباراة النهائية لبطولة المدارس في العام 1965 التي جمعت بين الشويفات الدولية والآي سي اعترض مدرب الآي سي على مشاركة سهيل رحال كونه من لاعبي منتحب لبنان، وحصل جدال كاد ان ينتهي باعلان انسحاب الشويفات من خوض اللقاء، لكن المدرّب صلاح فلاح نجح باقناع المدير بلعب المباراة وعدم الانسحاب، يومها قال له: «بالمقابل عندنا حافظ عمار وعلينا الا نخاف منهم»، وبالفعل أقيمت المباراة وفازت الشويفات 2 ـ 0 وسجّل عمار الهدفين. ومن خلال لاعبي البرج في الشبيبة المزرعة عباس رحال وعبد القادر خير وفاروق الغالي وصل حافظ عمار الى الفريق في العام 1966 ، ويومها لم تسنح الظروف لاشراكه اساسياً نظراً لكثرة اللاعبين وانسجام المجموعة، وفي موسم 1967 أمضى حافظ نصفه احتياطيا، إلى أن جاءت الفرصة على طبق من تحدّي، فبعد اصابة محمود شاتيلا اضطر المدرب بوغدان لاشراك عمّار المتوثب لاثبات ذاته بين الكبار… فشارك في آخر مباراتين من ذلك الموسم وسجّل أهداف الفوز على الهومنتمن 2 ـ1 وعلى الراسينغ 1 ـ0 ليحرز المزرعة بطولة لبنان وينطلق حافظ عمار في رحلته الكروية نجماً وهدّافاً فوق العادة.

والجدير ذكره، ان ادارة نادي الشبيبة اشترت لحافظ سيارة رينو من الشركة مطلع العام 1968 ، فكان أول لاعب في لبنان يقود سيارة من الشركة وأبرزت صحف تلك الأيام الخبر بالخط العريض، وأمضى عمّار مع الشبيبة أجمل أيّامه الكروية، وصارت الأندية تعرض عليه المبالغ لقاء الانتقال إلى صفوفها، وحاول الراسينغ جاهداً مستغلا سطوته على اللعبة في تلك الفترة، لكن حافظ بقي محافظاً على تمسّكه بالفريق الذي أحب وظل يفاخر به حتى آخر أيامه.

مع المنتخب والراسينغ والنجمة

سريعاً، حجز عمار مكانه ضمن تشكيلة المنتخب الوطني، كانت البداية في العام 1968 وامتدت لحين اعتزاله اللعب في العام 1975 ، شارك خلال تلك السنوات في عدد كبير من المباريات وبرز بشكل لافت جعله يتلقى العديد من العروض الخارجية، أبرزها من انترناسيونالي الايطالي وفنار بخشه التركي والأهلي المصري، وجميعها رفضها من منطلق تغليب عاطفته على مصلحته، وهذا ما اعترف به امام اصحابه. كما لبى حافظ رغبات الأندية اللبنانية التي استعانت به في عدد كبير من المباريات ، وفي مقدّمها الراسينغ والنجمة، وكان قد انضم إلى النجمة في آخر موسم كروي لعبه 1974 ـ 1975 ، أما الراسينغ فكان يصرّ على استقدامه بناء لرغبة مدربه بوغدان المنتقل اليه من الشبيبة .. وكالعادة كان يرفض الفكرة .. من منطلق اخلاصه وحبه للفريق الذي أطلقه الى النجومية الشبيبة المزرعة .

المدرّب والصحافي والإداري والمستشار

بعد اعتزاله اللعب والملاعب، وبحكم سكنه في شرقي العاصمة بيروت ابان الحرب الاهلية، أشرف حافظ على تدريب الراسينغ لموسمين كما درّب فريق الاستقلال 1984 ومن وقت لآخر كان يشرف على فريق البرج، وبحكم ان حافظ من بيت علم، وهو الذي انهى دراسته الثانوية ولم يدخل الجامعة بسبب مسيرته الكروية، ولما كان يملك حسّاً أدبياً ونقدياً توجه خلال الثمانينيات الى الصحافة الرياضية فكتب في النهار والانوار والديار العديد من المقالات، وكان صاحب رأي ورؤية، والجدير ذكره ان حافظ انتخب ضمن الاتحاد الكروي لأندية المنطقة الشرقية عام 1985 والذي كان يرأسه رفيق دربه الكروي ادمون عساف، اما دوره الاستشاري فلعبه الى جانب عمه النائب والوزير الراحل محمود عمار حيث عيّنه مستشارا له في وزارة الموارد المائية والكهربائية في مطلع الثمانينيات.

بطاقة تعريف

ـ الاسم : حافظ علي عمار.

تاريخ ومحلّ الولادة: برج البراجنة 1946

ـ الوضع العائلي: متأهل من جمانة قاسم وله منها بنتين زينب 21 سنة وآية 18 سنة .

ـ المستوى العلمي: بكالوريا، لكنه قارىء نهم، وخصوصا للقرآن الكريم ونهج البلاغة.

المركز في الملعب: قلب هجوم.

الفرق التي لعب معها: الشبيبة المزرعة، الراسينغ والنجمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى