..ولكنها تمطر أكاليل ورود!!
عندما يبشر سحر الفجر بصباح غمامي مطير تبتهج الأرض فتلد لإنسانها حياة وحياة..
ليهمس بعضنا إلى بعض بصباحات الخير والنور والعطاء.. قائلين:
صباحكم شرفات شاعرة مشرقة بالورد والرياحين.. تغرّد من خلالها قصائد شامية!!
شرفات شعب شريف مقاوم يطلّ بأبطاله على مشارف
الوطن الغالي يفيض بهم ولهم كرامة وعزة وإباء!
صباحكم أناشيد حور انفلتت من طلل الغمام.. تغرّد بدورها للأرواح الماطرة!!
.. في كل مجالس الحياة .. في كل لغاتها يحضر الورد بألوانه وأشكاله، بروائحه
العبقة الفواحة ليكون جسراً لدربي الحياة: فإما درب وجود، وإما درب خلود!!
وما أجمل ما يعبر عنه حتى ذلك الشاعر الجاهلي عنترة
بن شداد قوله الأكثر وضوحاً حتى من رموزنا المعاصرة:
الورد بين مبهج ومفوح
ومبهرج ومهرج ومجلل
يزهو بأحمر كالعقيق وأصفر
كالزعفران وأبيض كالسنجل
ويحضر الورد عند الأدباء وخاصة منهم الشعراء القدامى عندما يتغنون ويبدعون في
وصف من يحبون فيزيدون الجمال جمالاً إذ يستعيرون حياء الصبية للورد ويستعيرون
مال الورد لخد الصبية – ولكن نرى أكثر وصفهم / للورد الأحمر/، عبر مصارعة الورد نفسه على نفسه حسداً من جمال وجنة هنا وسحر استحياء خد هنالك.. فإذا الورد ساحة حرب وحب..
يصفه الأخطل الصغير بقوله:
قتل الورد نفسه حسداً منك..
وألقى دماه في وجنتيك
وقد يقول بعضنا إن السماء حالة ما هي التي علمتنا ما الورد؟!!
لنتأمل قوله تعالى: فإذا انشقت السماء فكانت وردة.. ، وإننا سنجد
عراء آخرين يرون شوك الورد سلاحاً والرياحين جيوشاً.. نتأمل
في ذلك ما تغنى به العماد الأصفهاني في وصف الطبيعة من حوله:
«قلت للورد ما لشوكك يدمي
كل ما قد سوقه من جراح
قال لي هذه الرياحين جند
أنا سلطانها وشوكي سلاحي.
ذلك العماد الأصفهاني..
فماذا قدم لنا عماد الشعر الشامي في ذلك فلنتأمل من قصيدته «محكمة الورد»:
«أيها الورد مالك..
تمنح العطر قاطفك
لو رأى ما أرى لك
سافك العطر ما سفك».
ثم إذا كانت ودة الجوري من رموز بلاد الشام فإن زهرة
الياسمين هي الأخرى ترمز ببياضها لحمامة سلام.. لحب ووئام!!
فكيفك بالورود والزهور الشامية البرية التي تقّدمها فطرة الأرض الشامية!!؟
كشقائق النعمان الأكثر نصيباً في الأساطير – فلونها الأحمر القاني وظهورها على الفطرة
بالبراري جعلها اليوم تكرم أن تكون رمزاً للشهادة.. وخاصة عبر «لغز عشتار» وجميل
أن يكون الرمز من ألغاز عشتار الناعمة الحديقة الخضراء، فإذا هي النعمان الأخضر!!
اللهم أفضنا من زهوه في أرض بلادنا الخصيبة المعطاءة.. فهو رمز لخصوبتها الدائمة..
وليكن فرح الأرض ونعمتها دماء الشقائق المقدس.
نعم فالورد وكما قالوا عنه نور كل شجرة وزهر كل نبتة..
كيف لو كان وردة نقية تذكيها دماء الأطهار الأحياء..
فهل لذلك ارتفعت «حكمة الورد» عند جبران خليل جبران قوله:
«وردة واحدة لإنسان على قيد الحياة أفضل من باقة كاملة
على قبره لكن كل الورود محجوزة في انتظار الراحلين؟».!
تعالوا يا أخوتي.. يا أخواتي.. نجمع ورود العالم بأجمعه لأبطال
ونسور حراس الفجر جنود المقاومة.. حماة الديار في أرض سورية
الحبيبة وهم من عاهدوا على أنفسهم أن يكونوا مشاريع شهادة..
ذلكم الذين يدافعون عن كرامة العالم الشريف من كل
دب وصوب لتصبح شقائق النعمان رمز نعمة حمراء!!
تعالوا نصنع إكليل غار النصر
بأبهى الزهور الشامية البيضاء
وورودها الغمامية الحمراء!!
د.سحر أحمد علي الحارة