أبعاد عملية الدرع الشمالية للجيش «الإسرائيلي»

احمد عادل

أعلن الجيش «الإسرائيلي» أنه يقوم حالياً بعملية سماها «الدرع الشمالية» على الحدود اللبنانية مع كيان الاحتلال تهدف إلى هدم الأنفاق التي حفرها حزب الله وتصل الأراضي اللبنانية بالأراضي المحتلة. وبحسب إعلان الجيش «الإسرائيلي» فإنه يقوم بتلك العملية من أجل منع حزب الله من استخدام تلك الأنفاق التي حفرها في الهجوم على المستوطنات الصهيونية والمقيمين في كيان الاحتلال. والسؤال هنا ما هي الأهداف الحقيقية لـ»إسرائيل» من الإعلان عن عملية ما يُسمّى «الدرع الشمالية» على الحدود اللبنانية مع كيان الاحتلال؟

أحد أهداف حكومة نتنياهو من تلك العملية هو إلهاء الرأي العام الإسرائيلي عن قضايا الفساد التي تطال نتنياهو وتطال زوجته. فنتنياهو يريد حشد الإسرائيليين خلفه عبر الإعلان عن عملية الدرع الشمالية ضدّ الأنفاق التي يُقال إنّ حزب الله حفرها على الحدود اللبنانية مع كيان الاحتلال، ويريد نتنياهو إخبار «الإسرائيليين» بأنّ حزب الله كان سيستخدم تلك الأنفاق من أجل الهجوم عليهم وقتلهم وأنّ عملية الدرع الشمالية التي قام بها الجيش «الإسرائيلي» هي من حَمَت «الإسرائيليين» ومنعت تعرّضهم للخطر المُقبل عليهم من لبنان عبر حزب الله، فيتحوّل نتنياهو في نظر الرأي العام الإسرائيلي من زعيم فاسد هو وزوجته إلى زعيم استطاع حماية «إسرائيل» من خطر الأنفاق التي حفرها حزب الله على الحدود اللبنانية مع كيان الاحتلال.

ومن أهداف نتنياهو من تلك العملية المسمّاة الردّ على منافسه المقبل على منصب رئاسة الوزراء ليبرمان. فليبرمان قال إنّ قوة الردع الإسرائيلية تآكلت في حقبة نتنياهو، وإنّ حماس انتصرت على «إسرائيل»، وإنّ آخر نصر حققته «إسرائيل» كان في حرب الأيام الستة عام 1967، وليبرمان أدلى بتلك التصريحات من أجل الضغط الإعلامي والسياسي على حكومة نتنياهو والإيحاء للإسرائيليين بأنّ قوة «إسرائيل» في ردع خصومها انهارت بسبب سياسات نتنياهو الفاشلة ضدّ حماس وحزب الله وإيران، وتصريحات ليبرمان هدفها تقليص شعبية نتنياهو في الشارع الإسرائيلي حتى يتمكّن ليبرمان من تحقيق هدفه وهو تولي منصب رئيس الوزراء في «إسرائيل». وهو ما يفسّر دعوة ليبرمان المتكرّرة لإجراء انتخابات مبكرة، لذلك أراد نتنياهو من عملية الدرع الشمالية الردّ العملي على ليبرمان وكسب الرأي العام الإسرائيلي لصالحه عبر تصوير نفسه أنه ما زال قادراً على ردع خصوم «إسرائيل» وحفظ أمنها. والدليل على ذلك هو العملية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية مع كيان الاحتلال ونتنياهو تعمّد ان يقوم الجيش الإسرائيلي بعملية لا يواجه فيها حزب الله مواجهة عسكرية مباشرة لأنّ نتنياهو يعلم انّ حدوث مواجهة عسكرية بين حزب الله وكيانه ستؤدّي إلى تدمير غير مسبوق للجبهة الداخلية في كيان الاحتلال لم تتعرّض له منذ عام 1948، لذلك اختار نتنياهو عملية دفاعية لا تؤدّي إلى مواجهة عسكرية مع حزب الله حتى يتمكّن من تحقيق أهدافه السياسية الداخلية بدون هزائم عسكرية جديدة تقضي على مستقبله السياسي.

وأحد أهمّ أهداف نتنياهو من تلك العملية هو تحقيق أيّ انتصار حتى لو كان إعلامياً ووهمياً على أرض الواقع للجيش الإسرائيلي، فنتنياهو يعاني من فشل استراتيجي ذريع على الجبهات كافة، فـ»إسرائيل» تعرّضت لهزائم عسكرية ومخابراتية في حربها الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفشلت في إخراج قوات محور المقاومة من سورية وتحديداً من هضبة الجولان وفشلت في منع محور المقاومة من بناء بنية تحتية عسكرية في الجولان تمكن محور المقاومة من فتح جبهة الجولان في أيّ وقت وجعل جبهة الجولان جبهة عسكرية ثانية يتمّ فتحها ضدّ «إسرائيل» مع جبهة جنوب لبنان، فضلاً عن تدهور العلاقات الروسية الإسرائيلية، وفشل «إسرائيل» في منع تسلّم الدولة السورية منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة أس 300.

كلّ هذا الفشل الاستراتيجي الإسرائيلي في صراعها مع المقاومة الفلسطينية وحزب الله وسورية وإيران، جعل «إسرائيل» تبحث عن ايّ شيء عسكري تستطيع إنجازه بدون أية إخفاقات جديدة والتباهي بتحقيقه وإظهاره أمام داخل كيان الاحتلال والرأي العام العالمي للتعويض عن فشلها الذريع والشامل في مواجهة محور المقاومة، لذلك أراد نتنياهو من عملية الدرع الشمالية تحقيق أيّ إنجاز لـ»إسرائيل» حتى لو كان إنجازاً صغيراً أو وهمياً أو إعلامياً بعد خيباتها الاستراتيجية المتتالية عسكرياً وأمنياً في الفترة الأخيرة امام محور المقاومة.

لذلك، فالخلاصة انّ العملية التي يقوم بها الجيش «الإسرائيلي» حالياً على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، تهدف إلى تحقيق عدة أهداف منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، الأهداف الداخلية هي إلهاء الرأي العام الإسرائيلي عن فساد نتنياهو وزوجته، وردّ من نتنياهو على اتهامات ليبرمان له بأنّ «إسرائيل» خسرت في غزة في إطار الصراع المستقبلي بين نتنياهو وليبرمان على منصب رئاسة الوزراء، أما الأهداف الخارجية لتلك العملية فتحقيق أي إنجاز عسكري ولو وهمي او إعلامي للجيش الإسرائيلي بعد الفضائح العسكرية والأمنية التي تعرّضت لها «إسرائيل» في صراعها مع محور المقاومة في غزة ولبنان وسورية.

إعلامي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى