الخطيب: التوصل إلى بيئة سليمة يتطلب تضافر جهود كلّ القطاعات والمجتمع الأهلي

أشار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب إلى «أنّ الموضوع البيئي اليوم، بات شأناً أساسياً في كل نواحي الحياة، ومؤشراً لمدى رقي الشعوب وتطورها، وتمتعها بحياة طبيعية ونظيفة».

وقال الخطيب خلال المؤتمر البيئي الأول حول «واقع وإدارة النفايات الصلبة في لبنان»، في الجامعة اللبنانية الدولية: «حرصنا منذ تولينا وزارة البيئة واطلاعنا على حجم المشاكل البيئية، على تحديد أولويات المعالجة الأساسية، مع الأخذ في الحسبان كل ما يطرأ والعمل لمعالجته. وها نحن اليوم نعالج ملفاً قديماً ومزمناً، هو ملف النفايات الصلبة، ونسعى في إطار هذا الملف إلى وضع أطر الحل الشامل والوطني والدائم، وفقاً لأنجع الطرق المستخدمة عالمياً والتعاون مع مختلف الجهات المعنية في هذا الخصوص، كون مشكلة النفايات الصلبة تشكل تحدياً كبيراً للبنان نتيجة التدهور البيئي الذي يسببه سوء إدارة هذا القطاع والمقدر كلفته بحوالي 66,5 مليون دولار أميركي لمحافظتي جبل لبنان وبيروت ما يشكل حوالي 0,2 من إجمالي الناتج المحلي في العام 2012، ناهيك عن أزمة النزوح السوري التي أدت إلى تفاقم الآثار البيئية لهذه المشكلة حيث ازدادت كميات النفايات الصلبة إلى ما يعادل 15,7 في المئة من إجمالي النفايات الصلبة في لبنان قبل الأزمة، استناداً إلى التقرير الذي أصدرته وزارة البيئة بدعم من الاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام 2014 وحدثته في العام 2015».

أضاف: «منذ تشكيل هذه الحكومة، عملنا بتوجيهات فخامة الرئيس العماد ميشال عون على إعداد سياسة مستدامة للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة. وقد تم إنجاز هذه السياسة وإقرارها في جلسة مجلس الوزراء في 11 كانون الثاني الفائت. ولعل أبرز أهداف هذه السياسة تأمين حل مستدام لإدارة النفايات الصلبة ومتكامل لجهة تضمنه النفايات الخطرة وغير الخطرة، وشمول هذا الحل كل المناطق اللبنانية، والعمل على استرداد اكبر نسبة ممكنة من النفايات للاستفادة منها كمورد عوض التخلص منها في مطامر صحية أو مكبات عشوائية كما هي الحال اليوم، كما اعتمدنا اللامركزية الإدارية في إدارة النفايات على قاعدة جعل الإدارات المحلية مسؤولة عن معالجة نفاياتها ضمن مشاريع مجدية اقتصادياً وبيئياً وفي تعميم ثقافة المسؤولية المشتركة لهذه الإدارة من خلال عقد 6 مؤتمرات لجميع الشركاء من البلديات واتحاداتها، القطاع الأكاديمي والقطاع الخاص والقطاع الأهلي لمناقشة هذه السياسة والاستفادة من هذه النقاشات في بلورة خطة العمل لهذا القطاع».

وأوضح «أنّ السياسة المستدامة لإدارة النفايات الصلبة تشدّد على أهمية احترام السلم الهرمي للنفايات الذي يبدأ بالتخفيف من إنتاج النفايات، إعادة الاستخدام، ومن ثم ضرورة فرز النفايات ما يساهم في التخفيف من كلفة التخلص النهائي من النفايات، وتضمنت السياسة تشكيل لجنة مشتركة من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، برئاسة وزارة البيئة، لمتابعة تنفيذ هذه السياسة».

وأشار الخطيب إلى أنّ وزارة البيئة «وضمن إطار التخفيف قدر الامكان من كميات النفايات المعدة للتخلص وتسهيل إدارتها وتشجيع تدويرها وإعادة استعمالها، أصدرت لائحة محدثة بالمراكز التي تستخدم المواد القابلة لإعادة التدوير وعناوينها بغية تسهيل عملية التواصل معها في هذا الخصوص. وذلك ضمن تعميم أصدرناه المتعلق ببعض الارشادات بشأن الإدارة المتكاملة للنفايات المنزلية الصلبة للبلديات واتحادات البلديات والقائمقامين والمحافظين».

ومن الناحية التشريعية، لفت الخطيب إلى أنّ المجلس النيابي «أقرّ قانون الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة في 10 تشرين الأول 2018 الذي أعدته وزارة البيئة الذي يشكل نقلة نوعية على صعيد تأمين إدارة أفضل لقطاع النفايات بالاستناد إلى مبدأ الاستدامة والتوعية والشفافية وخلق حوافز لتشجيع المحافظة على البيئة».

وأشار إلى أنّ «القانون يهدف إلى وضع خطة متكاملة لمعالجة جميع أنواع النفايات الصلبة ابتداء من مصدرها وحتى التخلص منها، تأخذ في الاعتبار تشجيع تخفيف وتدوير واعادة استعمال واسترداد الطاقة الموجودة في النفايات الصلبة وذلك لحماية المصادر الطبيعية وتفادي سوء استعمال الأراضي». ولفت إلى أنّ «التطبيق الكامل لهذا القانون يتطلب عملاً جماعياً على مستوى الحكومة، والتزاماً على مستوى الوزرات المعنية، والسلطات المحلية. والتقاعس عن تطبيقه، يبقي مشكلة النفايات سيفاً مصلتاً على صحتنا وسياحتنا، وبيئتنا».

وقال: «إنّ وزارة البيئة بصدد إعداد استراتيجية للإدارة المتكاملة للنفايات المنزلية الصلبة، استناداً إلى هذا القانون وإلى سياسة إدارة النفايات التي وافق عليها مجلس الوزراء في بداية هذا العام، والتي تعتبر خارطة طريق أساسية تنبثق عنها خطة استراتيجية تنفيذية شاملة متكاملة مفصلة لمعالجة النفايات، علماً أن كافة المشاريع الإنشائية من فرز ومعالجة والتخلص النهائي من النفايات تخضع حكما لدراسات تقييم الأثر البيئي توافق عليها وزارة البيئة وقبل الترخيص لها من قبل الجهات المختصة، تحدّد هذه الدراسات آثار المشاريع المحتملة على البيئة والتدابير التخفيفية اللازمة».

وختم وزير البيئة: «إنّ التطلع إلى بيئة سليمة لا يجد طريقه إلى التنفيذ، إلا بتضافر جهود القطاع العام والخاص والقطاع الأكاديمي وهيئات المجتمع الأهلي، فضلاً عن اعتماد الحوار ونشر الوعي البيئي. وإن وزارة البيئة انطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية في سبيل معالجة أي مشكلة بيئية، بطريقة علمية وموضوعية، تمد يدها إلى كافة الجهات المعنية وتضع كافة إمكاناتها في خدمة المصلحة العامة والبيئة في لبنان، كما نؤكد أنها على استعداد دائم للتعاون الحثيث مع الجميع لتحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات المنشودة في سبيل بيئة سليمة نظيفة ومعافاة، هي ثروة أجيالنا ومن أعز حقوقهم الوطنية والانسانية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى