مخاوف من تصعيد الوضع الأمني الفرنسي… لتطويق الاحتجاجات حزب الله: الحل يبدأ بتثبيت حق اللقاء التشاوري… وعون يستقبله اليوم
كتب المحرّر السياسيّ
وقع إطلاق النار في ستراسبورغ على الوسط الفرنسي وعبره على الأوروبيين في موضع الريبة، بعدما نشرت معلومات تتحدّث عن قيام أجهزة الأمن الفرنسي بإعطاء الأوامر بإطلاق عمليات تعقب مؤجلة لبعض العناصر المشكوك بخلفيات علاقتها بتشكيلات إرهابية، وأن الحادث هو بنتيجة واحدة من أعمال المطاردة، التي يخشى أن تكون سياقاً أراده الرئيس الفرنسي لإطلاق مناخ تصعيد أمني يبرر الانتقال إلى إجراءات للتضييق على حركات الاحتجاج، بذريعة المخاطر الأمنية الداهمة، وخطورة تحويل الاحتجاجات بيئة مناسبة لتخفي عدد من المطلوبين، وربما لأنشطتهم.
بالتوازي كانت إشارات إيجابية على المستويين الدولي والإقليمي تفتح الأفق لتوقعات تتصل بمسار التسويات المعطل في ملفات الأزمات العالقة، الإشارة الأولى تتصل بمفاوضات السويد حول حرب اليمن، مع إنجاز اتفاق تفصيلي حول تبادل شامل للأسرى والمعتقلين، بمشاركة الصليب الأحمر الدولي، ما استدعى وصول الأمين العام للأمم المتحدة لمنح المفاوضات دفعاً إيجابياً للمزيد من التقدم، وبدا أن الإيجابيات تطغى على المخاوف رغم القلق الذي أبداه رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام بقوله إن «الوفد لم يصل بعد لدرجة اليقين بوجود دعم حقيقي للسلام في اليمن»، لافتاً إلى «استمرار نقاش على مدار الساعة في الأوراق المتعلقة بالحل السياسي»، لكنه لفت إلى أن «اتفاق الأسرى ينص على الإفراج عن جميع الأسرى حتى الموجودين في سجون السعودية و الإمارات «، مؤكداً أن «مبدأ اتفاقية الأسرى المطروحة هو الكل مقابل الكل»، مشيراً إلى أنه «لدينا أسماء الأسرى الموجودين لديهم وفي أي سجون موجودين ولأي جهات هذه السجون تابعة».
واعتبر أن «وجود القوات الأجنبية في اليمن مخالف للدستور اليمني ولقرارات مجلس الأمن «، مشيراً إلى أنه «لا مبرر لوجود قوات أجنبية في اليمن طالما أننا متوجّهون لحل سياسي، والمناطق المحتلة خاضعة لسيطرة خارجية كبريطانيا والسعودية والإمارات لما يسمّى بالشرعية»، بينما أوحى عبد السلام بوجود تقدم في الملفات الاقتصادية، خصوصاً ما يتصل بالمصرف المركزي والرواتب وعائدات الدولة، وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة.
الإشارة الثانية جاءت من أذربيجان مع الإعلان عن لقاء سيجمع اليوم الأربعاء القائد العام لقوات حلف «الناتو» في أوروبا ، كيرتيس سكاباروتي مع رئيس أركان القوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف، في العاصمة باكو.
لبنانياً، الإشارات الإيجابية لا تنتج التفاؤل في الشأن الحكومي، لأن الكثير من التفاؤل سابقاً لم يتوّج بولادة الحكومة، فالحذر يطغى على التعامل مع الإيجابيات التي أعقبت اللقاءات الرئاسية اول أمس، وترجمت أمس بلقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووفد قيادي من حزب الله ضمّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، وسيترجم اليوم بلقاء الرئيس عون بوفد من اللقاء التشاوري، الذي قالت مصادر متابعة إن حزب الله أكد أمام رئيس الجمهورية أن الحل يبدأ قبل التداول بأي صيغ ومخارج، بإبلاغ اللقاء التشاوري بالتوافق الرئاسي على حق اللقاء بالتمثيل الوزاري وفتح باب للتفاوض بينه وبين الرئيس المكلف حول شكل هذا التمثيل وطبيعته، وعندها يمكن للجميع التعاون في بلورة المخارج والحلول ومناقشة الصيغ والفرضيات.
أحيطت بالكتمان الأفكار التي طرحها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقاءاته التي بدأت أول أمس مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، وتواصلت أمس مع حزب الله. فرئيس الجمهورية وأمام تعثر الوضع الحكومي والعجز عن معالجته بالطريقة التقليدية بين الرئيس المكلف وبقية الأطراف، رأى من الواجب أخذ المبادرة للتوفيق بين الجميع لتشكيل الحكومة لأن الأخطار أكبر من قدرة أحد على تحملها، مؤكداً أن مبادرته يجب أن تنجح، وإلا سنكون أمام كارثة.
ولفتت مصادر معنية لـ»البناء» الى وجود نقاش حيوي يتم فيه تداول أفكار وطروحات لتأمين الخروج من المأزق، ملمّحة الى ارتياح الرئيس المكلف سعد الحريري الذي ظهر أول أمس عقب لقائه الرئيس عون، معتبرة أن مرونة الحريري قد تفتح كوة في جدار الأزمة المستفحلة.
وفي تصريح مقتضب يحمل الكثير من الدلالات أطلّ النائب محمد رعد عقب لقائه والمعاون السياسي للسيد حسن نصر الله الرئيس عون، ليؤكد أن «هناك افكاراً قابلة للدرس وأخرى مستبعَدة، وأن الجلسة كانت عصف أفكار بصوت عالٍ بيننا وفخامة الرئيس، وللبحث صلة».
وبحسب ما علمت «البناء» فإن اللقاء كان إيجابياً بين وفد الحزب والرئيس عون، وتخلله نقاش واضح وصريح، حيث أكد وفد حزب الله خلال اللقاء أنه سينقل ما جرى بحثه الى قيادة الحزب على أن يجري التواصل لاحقاً وأن الأبواب مفتوحة دائماً للتواصل بين حارة حريك وبعبدا. وشددت المصادر على ان وفد حزب الله كان واضحاً بضرورة الاستماع الى اللقاء التشاوري والى مطلبه المحق، مؤكداً في الوقت عينه أن حزب الله على موقفه من دعم اي قرار يأخذه اللقاء التشاوري إن لجهة تمثيل شخصية من النواب الستة او اختيار اللقاء التشاوري شخصية من خارجهم يتوافقون عليها.
وفي السياق نفسه، شددت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ»البناء» أن رئيس الجمهورية يجهد لولادة الحكومة قبل الأعياد ومستعد كعادته للتضحية لإنقاذ البلد، لكن تضحيته يجب أن تقترن بتضحية المكوّنات الأخرى للوصول الى تشكيل الحكومة في أسرع وقت، لا سيما أن مبادرته جاءت بعدما شعر أن الأجواء كانت مقفلة وأن هناك من يحاول إغلاق الابواب امام الحلول، داعياً الجميع الى التعاون لتأليف الحكومة، والا فليتحمل كل فريق مسؤولياته. ومع ذلك تنقل المصادر عن الرئيس عون تفاؤله بولادة الحكومة قريباً، مشددة على انه يقوم بحراك جدي لإنقاذ الوضع.
وبينما يلتقي الرئيس عون اليوم عند الرابعة من بعد الظهر اللقاء التشاوري للبحث مع نوابه في إيجاد حل للأزمة، أشارت مصادر اللقاء التشاوري لـ»البناء» الى أن اجتماع اليوم سيكون بمثابة استماع لما سيطرحه الرئيس عون علينا من أفكار من دون أن يعني ذلك أننا قد نوافق على ما يُسمّى بالحلول التسووية التي تبقينا خارج الحكومة، بيد أن المصادر نفسها لم تقفل الباب أمام إمكانية ان توافق على تسمية شخصية من خارج النواب الستة، قائلة في المبدأ نحن على موقفنا بضرورة تمثيل شخصية من اللقاء التشاوري، لكن الأمور تبقى في خواتيمها وهي رهن الساعات المقبلة ليبنى على الشيء مقتضاه، لا سيما أننا كنا قد تبلغنا موقف الرئيس عون عبر الوزير جبران باسيل أنه لن يتخلى عن الوزير السنّي لمصلحتنا.
وفي هذا الإطار اشارت معلومات «البناء» الى ان لقاء حزب الله الرئيس عون تناول إمكانية تمثيل اللقاء التشاوري بشخصية من خارج النواب الستة، وتمنى الرئيس عون على الحزب العمل معه في هذا الإطار، لا سيما في ظل ما تردّد أن الرئيس المكلف أبلغ المعنيين أنه لا يمانع تمثيل سنة 8 آذار لكن بشخصية من خارج اللقاء التشاوري، ولفتت المصادر إلى أن حزب الله قد يساعد في تركيب الحل وفي الضمانات السياسية التي قد تقدّم.
أكد الرئيس نبيه بري أن «الرئيس عون بالمشاورات التي أجراها استغنى عن رسالته الى المجلس النيابي، ولكن لم نتناول هذا الموضوع اول أمس وكنا قد بحثناه أنا ورئيس الجمهورية منذ حوالي ثلاثة اشهر». وقال: العقل اللبناني دائماً خلاق وبالإمكان ان يتوصل فخامة الرئيس الى حلول سريعة. وردا على سؤال «هل ستكون هناك حكومة قبل الأعياد؟». قال بري «ان شاء الله».
وبينما شكلت المستجدات الحكومية محور لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في لندن. أكدت كتلة المستقبل ان مبادرة رئيس الجمهورية خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، تطوي ما سبقها من دعوات وفتاوى دستورية، وتعيد الحوار السياسي الى جادة الصواب المطلوب الذي لا بديل عنه للوصول الى المخارج الممكن.، لكنها غمزت من قناة صلاحيات الرئاسة الثالثة وأكدت ان صلاحيات الرئيس المكلف غير قابلة للمساومة والمساس تحت أي ظرف من الظروف، وأن كافة المحاولات التي تجري في هذا الشأن، سواء من خلال إما ابتداع أعرافٍ جديدة أو عبر فرض شروط سياسية على عملية تأليف الحكومة، ستؤول حكماً الى الفشل بحكم الدستور، الذي ينص على استشارات نيابية ملزمة غير قابلة للنقض والتراجع، لأي سبب من الأسباب.
الى ذلك لم يحجب الملف الحكومي وتطوراته التهديدات الإسرائيلية المتواصلة للبنان بزعم وجود أنفاق لحزب الله من الجنوب الى فلسطين المحتلة، عن لقاءات الرئيس عون، حيث شكل ما سبق محور لقاء عون وقائد القوات الدولية الجنرال ستيفان دل كول. فقد أكد عون تمسك لبنان بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 انطلاقاً من حرصه على المحافظة على الأمن والاستقرار في الجنوب ورفضه أي ممارسات يمكن أن تؤدي الى توتير الوضع على الحدود. وكان الوضع جنوباً محور لقاء الرئيس عون ووفد حزب الله.
وفي السياق الأمني عينه كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أن «اتصالات لمنع إسرائيل من خرق القرار 1701 تجري على قدم وساق»، وطمأن من أن «الوضع على الحدود تحت السيطرة». وأكد اللواء ابراهيم في حديثٍ للـ»ان بي ان» ان «الجانب اللبناني على الجهوزية التامة لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي»، وأوضح ان «الأنفاق موجودة منذ زمن ولم يخترعها أحدٌ، ولكن توقيت استخدامها من قبل جيش العدو الإسرائيلي يُسأل عنه».