«واشنطن بوست»: خبراء أميركيون يدلون بآرائهم بشأن مستقبل المساعدات لمصر

استطلع جاستين لينش، من مؤسسة «أميركا الجديدة»، وهي أحد مراكز الأبحاث الأميركية، موقف خمسة خبراء من إمكانية استئناف المساعدات الأميركية لمصر، مع اقتراب إدلاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري شهادته أمام الكونغرس للبت في هذا الشأن.

وفي تقرير له على صحيفة «إيبوك تايمز»، طرح الكاتب سؤالاً: «هل ينبغى أن يشهد كيري أن مصر تقوم بخطوات نحو التحول الديمقراطى، وتُستأنف المساعدات لها؟».

يقول ستيفن كوك، الخبير فيمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، إن أي تحليل موضوعي للموقف في مصر يظهر بشكل واضح أنها لم تقم بخطوات لكي تصبح ديمقراطية، بل إن المسؤولين فيها في محاولاتهم لاستعادة السيطرة على البيئة السياسية المضطربة، استعادوا مستويات متزايدة من القمع والعنف.

وستجادل القيادة المصرية وأنصارها بأن مصر في ظل الظروف الاستثنائية من العنف والإرهاب تمضي في خارطة الطريق، وتستشهد بالدستور الذي أقرّ والانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة.

ويتابع كوك قائلاً: «صحيح أن المصريين سيلتزمون بخارطة الطريق، إلا أن هذا يحدث في ظل تطور استبداد متجدد، وسيكون من الصعب على كيري القول باقتناع أن مصر تستوفي شروط الكونغرس لاستئناف المساعدات».

لكن، يستدرك كوك، في حين أن تعليق المساعدات يمكن أن يكون أمراً مطلوباً قانونياً من الإدارة الأميركية، إلا أنه لا يعني أنه يمثل سياسة حكيمة، فالنفوذ الأميركي الذي كان مستمداً من تقديم المساعدات يتضاءل إلى حد كبير مع سعي المصريين إلى بدائل ومصادر أكثر كرماً للمساعدات، على المدى القصير على الأقل. كما أن قطع المساعدات لن يجعل مصر أكثر ديمقراطية، أو أكثر استقراراً.

أما يشيل دون، الخبيرة في مركز «كارنيغي» تقول إن كيري لا يستطيع أن يشهد بتقدّم مصر نحو الديمقراطية في الوقت الحالي، على افتراض التعامل مع الشروط التشريعية على نحو جدي. لكن كيري يمكن أن يشهد بأن مصر تواصل التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة و«إسرائيل» بما يسمح بمزيد من المساعدات في مجالات مكافحة الإرهاب والمجالات العسكرية الاقتصادية بالتدفق.

لكن الأمر الذي لا يمكن المضي فيه من دون شهادة التقدّم الديمقراطي، هو تقديم أسلحة جديدة ودعم نقدي للعام المالي 2014. فلو استأنفت الولايات المتحدة هذا النوع من المساعدات، سيكون ذلك موافقة على السياسات الحالية.

وترى دون أن على أميركا الانتظار حتى يتضح ما إذا كانت القاهرة ستتراجع عن الإجراءات الاستبدادية التي اتُخذت منذ عزل مرسى.

وتشكك دون في القول بأن استئناف المساعدات سيعيد للولايات المتحدة جزءاً من نفوذها. وأشارت إلى أن أوباما صرّح لـ«سى إن إن» في أغسطس/آب الماضي بأن المساعدات نفسها لا تعكس ما تقوم به الحكومة الموقتة، لكنه يعتقد أن غالبية الأميركيين سيقولون إنهم يجب أن يكونوا حذرين بشأن ما ينظر إليه كمساعدة وأعمال تتعارض مع قيمهم ومثلهم.

وقال ستيفين مكميرني، المدير التنفيذى لمشرع ديمقراطية الشرق الأوسط، إن الإدارة الأميركية أمام قرارين لاتخاذهما، الأول هل ستستأنف المساعدات من العام المالي السابق والتي عُلّقت، والثاني ما إذا كانت ستشهد أمام الكونغرس بأن مصر تتخذ خطوات لدعم الديمقراطية من أجل تسليم 975 مليون دولار في مساعدات العام المالي 2014. وتوضح البيانات السابقة، سواء من الإدارة أو الكونغرس بأن أيّاً من هذه الخطوات ستكون غير ملائمة في هذا الوقت.

ويعتقد الخبير الأميركي أن استئناف المساعدات وسط الخطوات غير الديمقراطية وتزايد القمع في مصر سيؤكد التصور في جميع أنحاء العالم العربي سواء من الحكومات أو الأطراف المستقلة، بأن خطاب أميركا عن الديمقراطية غير صادق وليس مدعوماً بسياسة أو تحرك معين. وهو ما سيقوض النفوذ الأميركي. ولذلك ينبغي أن تستمر الولايات المتحدة في تعليق المساعدات حتى يكون الوفاء بالشروط المحدّدة سابقاً بشكل صادق.

من جانبها، قالت ليلى هلال، من «مؤسسة أميركا الجديدة»، إن مصر هي ثاني أكبر متلقى للمساعدات الأميركية بعد «إسرائيل». ويرتبط مثلث المساعدات مباشرة باتفاقية «كامب ديفيد». ومن دون إعادة التفكير في العلاقات الأميركية ـ «الإسرائيلية» ودور التعاقدات مع الجيش في تحديد أولوية السياسة الخارجية الأميركية، فيكاد يكون مستحيلاً أن تستطيع الولايات المتحدة تغيير مسار المساعدات لمصر سواء في الاتجاه الصحيح أو الخاطئ.

ومع ذلك، وبغض النظر عن عودة السلطوية في مصر، فإن فكرة أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دوراً فعالاً من خلال الاستفادة من المساعدات الأجنبية هي فكرة معيبة. فالإدارات المتعاقبة أظهرت أن الولايات المتحدة لن تخاطر بالشراكات الأمنية في الشرق الأوسط مقابل قيم ديمقراطية، ولن يهم إذا فعلت.

كما أنه لا توجد أدلة كثيرة على مدى فعالية تعليق المساعدات على قرارات الأنظمة الاستبدادية. ويزداد ذلك وضوحاً في ظل المساعدات والدعم الخليجي لمصر. ولذلك، دعت هلال الإدارة الأميركية إلى ضرورة التركيز على بناء الأطر الإقليمية التي تنهي الانقسامات وتساعد على حدوث التقدم والاستقرار بدلاً من التهديد بقطع المعونة الذي لن يحدث فارقاً كبيراً.

وأخيراً، تقول لينا الخطيب، مديرة مركز «كارنيغي للشرق الأوسط»، إن السياسة الخارجية الأميركية تواجه تراجعاً كبيراً في مصداقيتها، لو لم تتعلم شيئاً من الثورات العربية، وبغضّ النظر عمّا إذا كانت هذه الثورات حققت الديمقراطية أم لا، فإنها سلطت الضوء على شكاوى المواطنين العرب، وعلى أميركا أن تظهر وعياً بهذه المطالب التي لأصحابها كل الحق فيها، وتطبق سياسات المساعدات، والتي تدعم المساءلة كأحد الشروط الأساسية للبلدان الحريصة على تلقي المعونة الأميركية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى