الأحمد : الإرث الثقافي السوري هو تحدٍ من الأجداد للأحفاد
رانيا مشوِّح
بمرونتها المعهودة تنسج معادلة البقاء ، تروغ في أزقة الحياة معانقة الحب و الفراق ، الفن و الفناء ، تلهو بالموت لتستميل سخرية الحياة ، هي الجميلة الحانية ، زائرة الشموخ مقيمة الخلود ، تعبث في مقامات العقول فتتناثر الأفكار و الفنون معلنة طول الأمل و غاية الحياة ، سورية بلاد احتضنت الحب و الحرب فسال السلام يروي مسام الأرض ، برغم الدمار و الخراب جلبت الإبداع و الفن متباهية أمام الدنيا بقدرتها على صنع الحياة معلنةً انتصار الحب والجمال ومن هذا المنطلق افتتحت وزارة الثقافة أيام الفن التشكيلي السوري بدار الأسد للثقافة والفنون ضمن خطة مديرية الفنون الجميلة وتضمن الافتتاح فيلماً عن الفن التشكيلي، وتكريم مجموعة من الفنانين وهم : د. إحسان عنتابي، وحيد مغاربة، نشأت الزعبي، نذير إسماعيل، عبد العزيز علون، نزار علوش، وافتتاح معرض الفنانين الرواد.
وقدم وزير الثقافة محمد الأحمد كلمته التي نقل فيها تحيات راعي الحفل رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس وأمنياته بالتوفيق لجميع السادة المشاركين. وأضاف : الاكتشافات التي تقوم بها البعثات الأثرية، تؤكد للمرة الألف العمق الحضاري لسورية والامتداد الموغل في القدم لثقافتها، كما تثبت أن الفنانين التشكيليين لا يبدعون من فراغ، وإنما يستندون إلى إرث عريق بناه الأجداد، وما يزال يشع بنوره عبر آلاف السنين، تلك الاكتشافات ماهي إلا تحدٍ يلقيه إلينا الأجداد عبر عشرة آلاف عام، كفنانين سوريين باعتبارنا أحفادهم المباشرين، وكي يختبروا قدرتنا على مواصلة ما بدأوه، وعلى حفظ ما قدموه للبشرية وتحسينه وتطويره، لأن كونك ابن بلد أنتج أول أبجدية، وأول أثر للفن البصري يرتب عليك مسؤوليات باهظة أمام ماضيك ومستقبلك وأمام نفسك قبل كل شيء.
وتابع الأحمد : إن جوهر هذا التحدي يكمن في أن أسلافنا الذي مروا على هذه الأرض قبل مئة قرن كانوا يعيشون في المغاور والكهوف وينتزع أحدهم لقمة الطعام من فم الآخر، تنهشهم الأوبئة والأمراض ووحوش البرية، وترعبهم الصواعق والرعود وبقية غوامض الطبيعة، ولكنهم كانوا يجدون الوقت دائماً لتذوق الجمال وبهاء العالم المحيط بهم، والتعبير عن أنفسهم بالأدوات الشحيحة المتاحة، فهل نجد نحن، الذين قيض لهم كل وسائل الرفاهية والاتصال والتعبير، الوقت لذلك؟ ، إن جوهر عمل وزارة الثقافة، وخاصة في سنوات الحرب الكونية التي تشن على سورية، هو محاولة الجواب على هذا السؤال ، إن غاية الهجوم الإرهابي الظلامي على سورية هي تدمير ثقافتنا وإرثنا الحضاري، وقطع حاضرنا عن ماضينا، وتحويلنا إلى شعب أعمى، لا تاريخ له، يعيش على ما يلقى له من فتات الحضارة، إن وجود دول عظمى تدّعي التمدن والديمقراطية تدعم بالمال والسلاح والإعلام كل الحثالات الإرهابية التكفيرية التي كانت تسعى لتقويض بلدنا وأمن شعبنا، ضاربة عرض الحائط كل القيم والمبادئ التي كانت تنادي بها في وسائل إعلامها وعلى منابر خطبائها، و الشعب السوري بكل فئاته أعلن رفضه لما يخطط له، والتف حول قيادته وجيشه الذي استبسل في الدفاع عن سورية ووحدة أرضها وشعبها، وحماية إرثها وآثارها وكنوز تاريخها، في الختام أتمنى على الفنانين التشكيلين ألا ينسوا مأثرة الجنود البواسل، وأن يتذكروا ويستلهموا، وهم يرسمون أو ينحتون، وجوههم السمحة وسواعدهم المباركة وجباههم المرفوعة ودمهم الذكي، كما أتقدم بالشكر إلى السيد الرئيس بشار الأسد على اهتمامه الشخصي الكبير بكل مفاصل وتفاصيل حياتنا الفكرية والفنية وعملنا الثقافي، وإلى السيد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس على رعايته الكريمة للاحتفالية.
بدوره مدير الفنون الجميلة عماد كسحوت قال عن لفعالية: لأول مرة يحدث في سورية مهرجان يضم جميع أنواع الفنون ضمن هذا الأسبوع، وتضم هذه الفعالية حفل افتتاح، ومعرضاً للفنانين الرواد المؤثرين في الحركة التشكيلية السورية، بالإضافة إلى معرض الخريف الذي سيقام في خان أسعد باشا الذي يتجدد بشكل دائم، بالإضافة إلى معرض الخط العربي والتصوير والخزف بمكتبة الأسد الوطنية بدمشق، وفعاليات ضمن مديريات الثقافة في المحافظات الأخرى، وفعاليات فنية أيضاً في صالات العرض الخاصة.
كما تحدث الفنان إحسان عنتابي أحد المكرمين في الفعالية علق على التكريم بالقول: هذه الفعاليات تؤكد على أننا رغم الظروف الصعبة لازلنا نفكر في الفن وجماليته محاولين إبرازه بشكل دائم، ولدينا إيمان كبير بجيل الشباب التشكيلي القادم كوننا نرى أنهم يحملون ذات الرسالة الفنية بعراقتها وأصالتها كما اعتدنا عليها.
وتضمن حفل الافتتاح عرض فيلم وثائقي استعرض فيه تاريخ الحركة التشكيلية السورية منذ بداياتها وأهم روادها ومبدعيها الذين عملوا في جميع المدارس التشكيلية.
بعدها افتتاح وزير الثقافة معرض الفنانين الرواد والذي ضم ما يقارب من 32 عملاً فنياً من مقتنيات وزارة الثقافة للفنانين الرواد من مدارس مختلفة.
وتستمر فعالية أيام الفن التشكيلي السوري لغاية ٢٠ كانون الأول في جميع المحافظات السورية وتضم مجموعة كبيرة من المعارض وورش العمل والندوات.