نقاط على الحروف تحية للمبادرة الشيوعية… إلى الأمام
ناصر قنديل
– لبنانيون كثر لا يشاركون الحزب الشيوعي اللبناني الكثير من مواقفه ونظرته للكثير من الملفات أثلجت صدورهم مبادرة الشيوعيين للخروج المنظم إلى الشارع لرفع البطاقة الحمراء للنظام السياسي والاقتصادي أمام أزمة اجتماعية خانقة، تدقّ أبواب الفقراء وذوي الدخل المحدود والشباب العاطلين عن العمل، بيد قاسية مع اقتراب مواسم البرد والشتاء. والفرح بالمبادرة الشيوعية نابع من عوامل عدة على الشيوعيين الانتباه إليها والاستثمار عليها، للمضي قدماً وصولاً لتحقيق غايات لا يجهضها خروج الحكومة إلى النور، ولا تجعل صرختهم مجرد ومضة عابرة.
– في البلد يقين بأن المعالجات للشأن الاقتصادي والمالي والاجتماعي منحازة بقوة إلى جانب حيتان المال، ويقين بأن الفساد يخترق أغلب القوى السياسية الممثلة في السلطة، بما فيها تلك التي هي قيد الولادة، وبأن التقاسم للمغانم والمكاسب والمناصب، في خلفية أغلب الخلافات السياسية، بما فيها تعقيدات ولادة الحكومة المنتظرة منذ شهور، ويقين بأن شيئاً جذرياً لن يتغير بولادتها سوى الحركة التي يمكن أن تدب نسبياً في آلة الدولة الصدئة والمعطلة، يقابل ذلك قلق من أيّ تحرك تقوده قوى غامضة، ربما تنتهي في أحضان المسؤولين سياسياً أو اقتصادياً عن الأزمة برشوة هنا أو مكسب فئوي هناك، أو تنتهي بفوضى تجعل كل حراك واسع صندوق بريد للرسائل في الداخل والخارج، أو تنتهي بتصنيف طائفي أو فئوي للحراك يقيد انفتاحه على كل الشعب اللبناني. وهذه مخاوف لا يطمئنها لكون التحرّك بقيادة الشيوعيين، الموجودين خارج جنة الحكم والمصالح.
– المطلوب من الشيوعيين وقد حازوا من الذين لم يشاركونهم تحرّك الأمس، لكنهم صفقوا لهم بقلوبهم، إدراك الحاجة للمواظبة والمثابرة، كل أحد على حراك مشابه، سينضم إليه المزيد فالمزيد كلما أظهر الشيوعيون قدرة على إثبات ما ينتظره منهم اللبنانيون، طغيان لبنانيتهم على شيوعيتهم، اي العلم اللبناني والنشيد الوطني اللبناني، والهتافات الجامعة للبنانيين، والترفع عن الحزبية العصبية، وكلما أظهروا استعداداً للانفتاح على قيادة جماعية للتحرّك تسعى لضم كل من يبدي استعداداً للمشاركة، وخصوصاً الخصوم العقائديين والسياسيين للحزب، فالكثير من العقائديين القوميين والإسلاميين والكتائبيين كانو أمس يصفقون للشيوعيين عدا الكثير من القيادات النقابية والشعبية ومنظمات مدنية. وهذا لم يحدث من قبل، والتقاط اللحظة يستدعي توجيه دعوة منزهة عن الكسب الضيق للجميع، الجميع دون استثناء وبأسمائهم، وقياداتهم، ليكونوا قبل الأحد المقبل في لقاء تشاوري جامع واسع عنوانه: كيف نطلق حراكاً هادفاً للتغيير الاقتصادي والاجتماعي لا يخضع لمساومات وصفقات جانبية مع النظام السياسي والاقتصادي، وتحديد المطالب الواضحة والفعالة التي لا تراجع دون نيلها، والدعوة بنهاية اللقاء وفقاً لبيان يحمل تواقيع الحضور، لأحد لبناني يجمع الساحات من 8 و14 آذار، تحت العنوان الاجتماعي، حيث الشيوعيون ضمانة عدم الانقسام كما عدم التطييف وعدم التسييس، والأهم عدم الذهاب إلى خراب الفوضى.
– الفرص التاريخية تأتي مرة واحدة ولا تنتظر، وقد دقّ الحزب الشيوعي باب فرصة تاريخية أمس، ستجعل له مكانة في كتابة تاريخ جديد للبنان، إن أحسن التعامل معها، وأول شروط التقاط الفرص التاريخية، السرعة والترفع والتواضع والصدق، وتلك ميزات لا ينقص الشيوعين إدراكها أو توفيرها، فهي بعض مما يُنتظر منهم.