وقف النار في الحديدة يدخل التنفيذ… ورقابة أممية لضمان الالتزام الأزمة الحكومية في «العناية الفائقة» في عهدة «إبراهيم»… وآمال بالحلحلة
كتب المحرّر السياسيّ
استقطبت الزيارة المفاجئة للرئيس السوداني عمر البشير لدمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، كأول زيارة على مستوى القادة من دولة عربية إلى سورية منذ ثماني سنوات، اهتمام المعنيين إقليمياً ودولياً، وسط تقاطع التحليلات والمقاربات عند نقطتين، الأولى أن الزيارة رغم الأسباب الذاتية التي قد تكون في حسابات الرئيس السوداني تتمّ في ظل مناخات جديدة تحيط بالعلاقات العربية مع سورية بعد انتصاراتها من جهة، والشعور من جهة موازية، بحجم الخسائر المترتبة على الابتعاد عنها واعتماد خيار القطيعة معها. وهذا ما قاله وزير خارجية البحرين في تفسير مصافحته العلنية المتعمّدة لوزير الخارجية السورية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، واصفاً المصافحة بالترجمة الملموسة لقرار في مجلس التعاون الخليجي باستعادة العلاقات مع سورية، والثانية أن التبدّلات المحيطة بالعلاقات التركية السعودية من جهة، ومن جهة مقابلة بالمبادرات التركية تجاه سورية تشكّل عاملاً حاضراً بتزاوج علاقة الدور التركي بحضور تنظيم الأخوان المسلمين في المنطقة، وهو ما يشكّل عامل حضور في السياسات السعودية والمصرية، تتقاطع مع تشجيع روسي لكل الدول العربية من مواقعها بضرورة التقدّم نحو سورية بدلاً من التباكي على تنامي الحضور التركي والإيراني فيها، وقال مصدر دبلوماسي عربي لوكالة سبوتنيك الروسية «إن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق قد تحرك قضية عضوية سورية المعلّقة في جامعة الدول العربية ».
مصادر متابعة توقعت أن تفتح الزيارة الباب لمبادرات تتصل باستعادة سورية مقعدها في الجامعة العربية وتحدثت عن اجتماع مرتقب في أول العام ربما يشهد بحث توجيه الدعوة لوزير الخارجية السورية للمشاركة في الأعمال التحضيرية للقمّتين العربيتين المرتقبتين، القمة الاقتصادية في بيروت أواخر الشهر المقبل، والقمة الدورية في تونس في الربيع المقبل.
وفي الاتجاه ذاته للتأقلم مع نهايات الحروب الفاشلة في المنطقة، أسوة بالحرب على سورية، تدخل تفاهمات السويد حول اليمن حيز التنفيذ مع سريان وقف النار في الحديدة منذ ساعات الفجر الأولى اليوم، وظهور درجة مقبولة من التقيّد بوقف النار وفقاً للمراقبين، الذين سجلوا اشتباكات عنيفة سبقت موعد وقف النار، أعقبه هدوء تدريجي يتوقع أن يترسّخ اليوم مع بدء أعمال بعثة المراقبة الأممية لأعمالها بشكل عملي.
لبنانياً، دخل الملف الحكومي في العناية الفائقة، مع تسلم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مهمة الحلحلة برسم خريطة طريق وافقت عليها الأطراف المعنية، وباتت عناوينها واضحة، وتتصل بتسليم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بحق اللقاء التشاوري بالتمثيل الوزاري، وتسليم اللقاء بخيار التمثيل من خارجه إذا طلب الرئيس المكلف ذلك تسهيلاً لعملية التأليف، واستعداد رئيس الجمهورية لتقديم المقعد الوزاري من حصته إذا ترك له أن يختار اسماً من لائحة مرشحين يتقدّم بهم اللقاء التشاوري لتمثيله.
التتمة ص8
اجتماع إبراهيم – «اللقاء» اليوم يُحدّد مصير الحكومة
ارتفع منسوب التفاؤل بولادة الحكومة في الأيام المتبقية من العام الحالي، حيث حققت مبادرة رئيس الجمهورية خلال اليومين الماضيين تقدماً ملموساً بجهود من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مفوضاً من الرئيس ميشال عون للتواصل مع أطراف العقدة السنية.
وعلمت «البناء» أن اللواء إبراهيم يجري اتصالات ومشاورات بعيدة عن الأضواء مع المعنيين لمحاولة اجتراح الحل التوافقي بين الرئيس المكلف سعد الحريري من جهة واللقاء التشاوري للسنة المستقلين من جهة ثانية، إلا أن الحلّ لم يُفصح عنه «المفوض الرئاسي» بل أُحيط بكتمان شديد لحمايته من إطلاق النار السياسي وبالتالي اجهاضه، على أن يُبصر النور بعد إنضاجه وانتزاع موافقة جماعية عليه، إذا يعقد اليوم اجتماع حاسم بين نواب اللقاء التشاوري ومدير الأمن العام سيحدّد مصير الحكومة العتيدة».
أما مبادرة اللواء ابراهيم فتستند الى تنازل ثلاثي الأطراف المعنية بأزمة التمثيل السني، أولاً اعتراف الرئيس المكلّف بوجود مكوّن سياسي داخل الطائفة السنية خارج تيار المستقبل وله حق التمثيل في الحكومة بعدما حظوا باعتراف واستقبال رئيس الجمهورية لهم، وثانياً موافقة اللقاء التشاوري على توزير شخصية من خارج النواب السنة الستة على أن يسلموا الرئيس عون لائحة بأسماء عدّة ليختار من بينها، أما رئيس الجمهورية فيتنازل عبر تمثيل هذا الوزير من حصته.
وتحدّثت مصادر «البناء» عن إيجابية طغت على بعبدا وبيت الوسط فيما أبدى اللقاء التشاوري استعداده لتلقف أي مبادرة ينال خلالها اعترافاً من المعنيين بالتأليف بحقهم في التمثيل»، بينما أشارت مصادر اللقاء التشاوري لـ»البناء» الى أننا «ننتظر ما سيعرضه علينا اللواء إبراهيم وندرسه ونبدي رأينا فيه، لكن أي حل يجب أن يبدأ من الاعتراف بحقنا أما شكل وطبيعة تمثيلنا فهذا أمر آخر وقابل للبحث والنقاش ومستعدون للتنازل، لكن ليس إلغاء حقنا لما نمثل من شريحة واسعة من الطائفة السنية في أن نتمثل بوزير مستقل وليس تابعاً لأي كتلة نيابية»، إلا أن المصادر أوضحت أن استقبال الحريري لنا ليس شرط الاعتراف بنا». ونفت المصادر وجود خلاف داخل أعضاء اللقاء، مضيفة: «فليقدموا لنا الحل الذي يعطينا التمثيل بوزير ويتركوا لنا حق اختيار الإسم». غير أن مصادر مطلعة لفتت لـ «البناء» الى أن «الحريري لن يستقبل نواب اللقاء في بيت الوسط بل ربما يتم اللقاء في بعبدا برعاية رئيس الجمهورية ويتخلله اعتراف من الحريري بهذا المكوّن، أو المخرج الآخر فهو أن يستدعي عون الرئيس المكلف الى بعبدا ثم يخرج الحريري ويعلن في تصريح موافقته على تمثيل سنة اللقاء».
كما كشفت المصادر أن «اللواء إبراهيم وبعد إبلاغ اللقاء التشاوري اليوم موافقة الحريري على تمثيلهم وموافقة عون على منحهم الوزير الـ 11 سيطلب منهم لائحة من ستة أسماء على أن يسلّمها الى رئيس الجمهورية ليختار منها اسم لا يستفز الرئيس المكلف».
معلومات تقاطعت مع أجواء إيجابية عبرت عنها أوساط نيابية في تيار المستقبل، مشيرة الى أن هناك صيغة يعمل على إنضاجها خلال أيام قليلة، مؤكدة أن الحريري منفتح على الحل ويريد حكومة قبيل نهاية العام الحالي.
وقد سجلت زيارة للواء إبراهيم الى عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث أطلعه مشاوراته في الملف الحكومي، وقد برز تصريح لنائب بيروت فؤاد مخزومي بعد لقائه الرئيس بري، حيث تمنّى على الرئيس الحريري الاجتماع مع النواب الستة، للخروج من هذا الوضع «لأنه لا يمكن لنواب ستة أعضاء في المجلس النيابي ان لا يستطيعوا الاجتماع مع رئيس الحكومة المكلف».
وكان «اللقاء التشاوري» عقد اجتماعاً في دارة النائب عبد الرحيم مراد. وأكد الصمد في بيان أن «أي مبادرة لا تقر بحقه كلقاء بالمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية من باب احترام نتائج الانتخابات النيابية واحترام الشرعية الشعبية التي لنا شرف تمثيلها، لن يكتب لها الحياة وبذلك يبقى الوضع على ما هو حتى إشعار آخر». بينما اشترط النائب مراد في حديثٍ للـ»ان بي ان» أن «يُقرّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بوجودنا وتمثيلنا وأن يتم اللقاء معه».
من جهته، نفى رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي في تصريح «ما يُحكى عن دور للنظام السوري في مسألة توزير «سني» من أعضاء «اللقاء التشاوري»، وقال: «كل ما يُحكى عن دور ل دمشق في مسألة توزير سني مستقل من اللقاء التشاوري هو كلام خبيث ولا أسميه ادعاءات، بل محاولات رديئة لتحريك عواطف وغرائز لدى الجمهور».
وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد خلال لقائه وفداً من اللقاء الديمقراطي و الحزب التقدمي الاشتراكي، تسهيل حزب الله لكل ما يسرّع في تشكيل الحكومة معتبراً أنه قام بما عليه في هذا الاتجاه منتظراً الخطوات الايجابية من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري .
الجيش يتصدّى لجنود الاحتلال على الحدود
وفي غمرة تعثر التأليف الحكومي وتجاهل القيادات السياسية للأوضاع المالية والاقتصادية المتردية سجل الجيش اللبناني مجدداً إنجازاً وطنياً كبيراً عبر تصديه لتقدم جيش الاحتلال الصهيوني في الحدود مع فلسطين المحتلة، وفي التفاصيل أقدمت مجموعة من عناصر الجيش على رفع سلاحها بوجه عناصر الجيش الإسرائيلي التي كانت تضع الأسلاك الشائكة في كروم الشراقي – ميس الجبل، قبل أن ينسحب العناصر الى خلف المتاريس ويلتزموا بالموقف اللبناني. وكانت المنطقة الجنوبية الحدودية قد شهدت حالاً من الاستنفار بين الجيش اللبناني من جهة وجيش الاحتلال من ناحية ثانية وسط استكمال أعمال الحفر التي تقوم بها «إسرائيل». وتولّت قوة من الجيش إبعاد جميع المدنيين الموجودين في منطقة كروم الشراقي. وقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر كيف أمر آمر قوة الجيش الملازم أول محمد قرياني عناصر القوة بتلقيم السلاح في وجه جنود العدو مهدّداً بإطلاق النار عليهم في حال تابعوا تقدّمهم باتجاه الأراضي اللبنانية ما دفع بقوات اليونيفيل الطلب من جنود الاحتلال التراجع.
وفيما لم يصدر أيّ موقف من حزب الله على ما يجري على الحدود، علّق عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي على الأعمال والإجراءات التي يقوم بها العدو الصهيوني على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وقال: «التزمنا حتى الآن عدم التعليق على ما يجري، نترك للمسؤولين اللبنانيين من مواقعهم الرسمية أن يتولوا المواجهة مع التعدّيات الإسرائيلية. ولكن موقفنا ثابت في العمل من أجل إحباط قرار العدوان الإسرائيلي من قبل أن يكون عدواناً، ونعتقد أنّ قدرات المقاومة المتراكمة والآخذة في التزايد، قد جعلت للبنان حصانة تمنع العدو الإسرائيلي من المسّ بأمن وسلامة لبنان».
وأجرى قائد قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان الجنرال ستيفانو ديل كول جولة على القيادات اللبنانية، حيث التقى الرئيسين عون والحريري، حيث أكد الأخير تمسك لبنان بالتطبيق الكامل للقرار 1701 واحترام الخط الأزرق على حدوده الجنوبية.
وأضاف الحريري: «أن الجيش اللبناني المولج وحده الدفاع عن سيادة لبنان وسلامة أراضيه يتعاون مع قوات «اليونيفيل»، وسيقوم بتسيير دوريات لمعالجة أي شائبة تعتري تطبيق القرار 1701 من الجانب اللبناني، وعلى الأمم المتحدة أن تتحمّل مسؤولياتها في مواجهة الخروقات اليومية التي تقوم بها إسرائيل للأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية».
على صعيد آخر وفي فضيحة فيضانات الرملة البيضاء الشهر الماضي، أشار عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار إلى أن «فيضان الرملة البيضاء كشف عدم معرفة مصير المليار دولار المصروفة لمحطات تكرير مياه الصرف الصحي والمياه الآسنة في بيروت »، ولفت الى أن « حزب الله شكل لجنة من النواب لدراسة هذه الملفات، وكل مقدمات الموضوع أصبحت متوفرة من حيث الوثائق التي تثبت نهب وسرق مبلغ المليار دولار».
وأوضح عمار في حديث تلفزيوني، أن حزب الله يعتمد سياسة الدليل، أضاف «أقولها بصريح العبارة مجلس الإنماء والإعمار هو المسؤول عما حدث في بيروت».