«لو لم يكن هناك فلسطينيون… لانتصرنا عليهم منذ زمن بعيد»!
نصار إبراهيم
لا أحد بمقدوره أن يفسّر الظاهرة الغريبة التالية، وهي كيف أنّ فلسطين التي هي «أرض بلا شعب» لم تتوقف عن المقاومة لحظة واحدة منذ بدء المشروع الصهيوني قبل مئة عام وحتى الآن!
ألم يقولوا ويقسموا بأنّ «فلسطين أرض بلا شعب…»! غريب أليس كذلك!؟
ما دام الأمر كذلك… إذن كيف ومن أين جاؤوا بمليون لاجئ فلسطيني عام 1948… وأكثر من ربع مليون عام 1967 واقتلعوهم وهجروهم بقوة الحديد والنار!؟ وكيف اعتقلوا منذ عام 1967 وحتى الآن أكثر من مليون مواطن فلسطيني!؟ أين كان هؤلاء…؟ كيف لا يراهم أو يسمع بهم أحد!؟
المهم أنّ حقائق الواقع والتاريخ تقول إنه ومنذ وجود الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين التي هي بلا شعب! وهو يشنّ حروباً في الضفة وغزة والقدس وفلسطين عام 48 وفي الشتات… فيعتقل ويغتال ويحاصر ويدمر و… و… و… فهل يعقل أنّ جيش الاحتلال الذي يقولون إنه من أقوى جيوش العالم كما يتفاخرون… يقوم بحروب وهجمات ضدّ شعب غير موجود… كيف يحدث ذلك…!؟
كلّ هذا يقودنا لفكرة بسيطة وجميلة: انّ تبجّح وغطرسة زعماء وقادة «إسرائيل» السياسيين والعسكريين التي يؤكدون ويقسمون فيها أنهم سينتصرون على الشعب الفلسطيني… هو أمر ممكن.. بل وممكن جداً جداً..
نعم.. إنّ انتصارهم على الفلسطينيين أمر ممكن تماماً.. لم لا! غير أن ذلك لن يتحقق إلا إذا كان يعني أمنيتهم المستحيلة التي يوهّمون ذاتهم بها وهي: «لو لم يكن هناك فلسطينيون… لانتصرنا عليهم منذ زمن بعيد!»
الكاتب الروسي الساخر ميخائيل زادورنوف يروي على لسان جندي أميركي في مجموعته القصصية «رسائل جندي أميركي في العراق» يقول:
«… عزيزتي… اليوم هو أصعب الأيام التي مرّت بنا. فقد ضلت طريقها في مكان ما مكنة «الفوشار» المتنقلة، وكذلك مطبخ «ماكدونالدز» الذي يرافق جنودنا. أيضاً فقد توقفت دباباتنا عن التقدّم لأنّ إشارة المرور عند حدود بغداد كانت حمراء. في ما بعد تبيّن لنا أنّ إشارات المرور عند أولئك العراقيين المتوحشين كلها تالفة، بينما ظللنا نحن واقفين بدباباتنا أمام الإشارة حتى دخل الليل علينا. وأكد لنا السرجانت أنه لو لم يكن هناك عراقيون لانتصرنا عليهم منذ زمن بعيد…» الكاتب الروسي الساخر ميخائيل زادورنوف «رسائل جندي أميركي في العراق» صادر عن «ترانزيت كنيج» موسكو 2005 .