«نقاط إبراهيم الخمس» تنهي الأزمة الحكومية… والعراق على الطريق أرسلان: المدعي العام «اشتغل سياسة» في الشويفات كما في الجاهلية
كتب المحرّر السياسيّ
أظهر اليوم الأول من وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة اليمنية وجوارها ثباتاً في تطبيقه رغم عدم اكتمال فرق الرقابة، وبقيت الخروق المسلحة ضمن حدود مقبولة لجبهات متداخلة، ومعارك ضارية خاضها الطرفان المتقابلان، بينما أظهرت التفاصيل التي تحدث عنها وزير الخارجية في حكومة منصور هادي أن السعودية والإمارات وجماعة هادي معهما قد تنازلوا عن القرار الأممي 2216 عملياً، وعن شرط تسليم السلاح والمدن كمقدمة لأي اتفاق، وسلكوا طريق التسليم ببقاء السيطرة الفعلية العسكرية والإدارية لحكومة صنعاء التي تقودها جماعة أنصار الله، في مناطق سيطرتها الحالية، خصوصاً مدينتي صنعاء والحديدة كموقعين حاسمين في تقرير مستقبل اليمن استراتيجياً وسياسياً، حيث الحديدة هي ساحل البحر الأحمر وصنعاء هي العاصمة، وتكشف التفاصيل في الشؤون الأمنية والمالية، أن المطلوب من انصار الله استبدال حضورهم المباشر بالمؤسسات الحكومية التابعة لحكومتهم، بينما المطلوب من السعودية والإمارات ومعهما حكومة هادي الاعتراف بهذا الأمر الواقع والتعايش معه والتفاوض على الصيغة السياسية في ظله، أي الاعتراف بفشل الحرب وأهدافها.
على خلفية هذا البعد الإقليمي الذي يكشف سقوط أهم فيتو سعودي في المنطقة، بعدما تكرّس سقوط الفيتو الأبرز المتمثل بمنع السعودية لأي من حلفائها من زيارة دمشق ولو على مستوى وزير خارجية، وما مثلته زيارة الرئيس السوداني بالتنسيق مع الرياض، من إعلان لسقوط هذا الفيتو المستمر منذ ثماني سنوات، يبدو أن فيتوات سعودية أخرى تتوالى بالسقوط، منها ما يتصل بتعطيل تشكيل الحكومة في لبنان والعراق، وفق الصيغ التي تكرّس حضور قوى المقاومة وتعبر عن حجمها التمثيلي العابر للطوائف، وحصولها على مواقع حساسة في مؤسسات الدولة.
بالتوازي استعاد فالح الفياض موقعه كرئيس لهيئة الحشد الشعبي في العراق وكمستشار للأمن الوطني، وبدأت مشاورات لحلحلة عقدة وزارتي الداخلية والدفاع، ومستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة الحشد مناصب تفوق بأهميتها وزارة الداخلية، وكان رئيس الحكومة السابق قد أقاله منها وأعاده إليها حكم قضائي، ليكون تدوير الزوايا تغييراً في الشكل لا في الجوهر، كذلك في لبنان نجحت مبادرة النقاط الخمس التي حملها المدير العام للأمن العام لكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري واللقاء النيابي التشاوري، وحصل على الموافقة الإجماعية منهم على السير بها، وبدأ بالتنفيذ بالتفاصيل، حاملاً لائحة أسماء لمرشحين من خارج نواب اللقاء ليختار رئيس الجمهورية واحداً منهم ويمنحه مقعداً من حصته، بعدما يكون الرئيس المكلف قد سلم للقاء بحقه بالتمثيل بمقعد وزاري، والمبادرة التي تشكل هذه النقاط ركائزها وصلت ليلاً إلى نقطة النهاية، وهي التداول بالأسماء التي تتراوح بين ثلاثة هم مستشار النائب فيصل كرامي الإعلامي عثمان المجذوب، والمرشح على لائحة كرامي في طرابلس عضو جمعية المشاريع الإسلامية طه ناجي الذي حصد عدداً من الأصوات وضعه على حافة الفوز، ونجل النائب عبد الرحيم مراد، حسن مراد، أو الدكتور أحمد موصلي الأستاذ في الجامعة الأميركية، والحسم بين الأسماء يسير بالتوازي مع تحضير تشكيل الحكومة وملء شواغر الأسماء في التشكيلة الحكومية ووضع اللمسات الأخيرة على توزيع الحقائب لتخرج التشكيلة المرتقبة يوم الأحد المقبل، وفقاً لمصادر مطلعة. في السياسة الداخلية، يبدو الوضع في الجبل وخصوصاً العلاقة بين النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان مرشحاً للعودة إلى الواجهة مع بقاء حادثتي الشويفات والجاهلية جمراً تحت الرماد، حيث قال أرسلان في لقاء مع برنامج بدبلوماسية للزميلة روزانا رمال على قناة «أو تي في» إن التحريض ذاته يتحمّل مسؤولية الحادثتين، متهماً جنبلاط بالسعي لإزاحة خصومه في الجبل بالتحريض واستخدام تسييس القضاء، حيث اعتبر أرسلان أن المدعي العام التمييزي «اشتغل سياسة» بدلاً من أن يقوم بمهامه كقاضٍ.
وقال أرسلان «تعاطيت مع حادثة الجاهلية كما تعاطيت مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عام 2008، وما لم أرضَه على جنبلاط، لن أرضاه على رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب أو على غيره، أو على أي قرية أو عائلة درزية، وذلك نتيجة قناعاتي الشخصية»، وتابع «مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود كان يريد إحضار وهاب لا إبلاغه، هو يشتغل سياسة وليس قانون، من أمر بإحضار وهاب معروف، تمامًا كما هو معروف من اتّهمنا كحزب في قضية استشهاد علاء أبي فرج في الشويفات . ومعالجة الأمور في الجبل لا تكون كذلك، ولن نسكت عن هذا الأمر». وركّز على أنّ «سورية انتصرت باعتراف العالم، لكن لا علاقة لسورية بكلّ ما يحدث في الجبل، ولا لأي مسؤول فيها»، موضحاً أنّ «الكلام عن أي اصطفاف سياسي سابق لأوانه، ونحن عبّرنا عن موقفنا أنّنا منفتحون على الجميع دون استثناء، وإن جاءنا الرد بسلبية فلكلّ حادث حديث، ثمّة أمور كثيرة تحتاج لبحث جدّي وبخاصّة الدينية منها، وهي ستُبحث مع شيخ العقل نصرالدين الغريب».
يبدو أن مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لحل الأزمة الحكومية تتجه لتبصر النور قبل عيد الميلاد، بهدف وضع عجلة عمل المؤسسات الدستورية على سكة الانطلاق، لا سيما أن بعبدا لطالما اعتبرت أن الحكم الحقيقي على العهد يكون بعد تشكيل أول حكومة بعد الانتخابات النيابية.
ولما كان الانسداد سيد الموقف جراء تشبث كل فريق بموقفه، رأى الرئيس عون ان الحل يقتضي تنازل الجميع، وعلى هذا الأساس تحرك المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بتوجه من الرئيس عون وتنسيق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتفهم الرئيس المكلف سعد الحريري وعلم حزب الله، من اجل تدوير الزوايا بين الجميع وإيجاد مخرج يحفظ ماء وجه الجميع ويتمثل بتضحية الجهات كافة دون استثناء.
وبناء على ما تقدم، تكلل حراك اللواء ابراهيم بالنجاح، وتشدد مصادر مطلعة على المساعي لـ»البناء» الى ان الحكومة قد تبصر النور نهاية الأسبوع، لافتة الى ان اللقاء التشاوري سيجتمع الى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يوم الجمعة بعد عودة النائب فيصل كرامي الخميس من لندن. ولفتت المصادر الى ان اللقاء التشاوري يلاقي الإيجابية بإيجابية، لا سيما أن المبادرة التي حملها اللواء إبراهيم تؤكد الحيثية التمثيلية السياسية والشعبية التي يحظى بها اللقاء التشاوري، رغم ان الوزير الذي سيمثل اللقاء سيكون من خارج النواب الستة، لكن اللقاء سيختاره وسيمثله داخل مجلس الوزراء رغم انه سيكون من حصة الرئيس عون. واشارت المعلومات الى ان اللقاء التشاوري سيسلم الرئيس عون الجمعة لائحة بثلاثة او اربعة اسماء لاختيار اسم منها.
وأمس، اجتمع ابراهيم بنواب اللقاء التشاوري في دارة النائب عبد الرحيم مراد، معلنا ان الامور تسير على قدم وساق وإذا بقيت كذلك، ستولد الحكومة قريباً»، مشيراً الى ان مبادرته مؤلفة من 5 نقاط وقد تكللت بالنجاح. وأكد ان الرئيس المكلف سعد الحريري «متجاوب جداً، وقد أصبحنا في أقلّ من ربع الساعة الأخير»، مضيفاً «خلال الاجتماع، اتصلنا بالنائب فيصل كرامي وكل شيء سيتمّ برضاه»، ومشيراً الى ان «لم يخسر أحد في هذه المبادرة والكل ضحّى ولا فيتو على أي اسم واللقاء التشاوري هو من يقرّر من يمثّله». ومن دارة مراد، انتقل اللواء إبراهيم الى بيت الوسط حيث وضع الرئيس الحريري في صورة ما بحثه مع «التشاوري»، واستكمل جولته بزيارة قصر بعبدا حيث وضع الرئيس عون في اجواء اجتماعيه مع النواب السنة المستقلين والرئيس الحريري. وبعد مغادرة ابراهيم القصر الجمهوري، جرى اتصال بين الرئيس عون والرئيس المكلف تم خلاله عرض آخر مستجدات التأليف، لا سيما في ما يتصل بلقاء الرئيس الحريري والنواب المستقلين الذين اقترحوا عقد اللقاء في بعبدا او السراي او مجلس النواب، رافضين عقده في بيت الوسط، ورجحت المعلومات ان يتحدد خلال الساعات القليلة المقبلة.
وأبدى حزب الله ارتياحاً لمسار الأمور، مع إشارة مصادره لـ»البناء» الى ان خطوة الرئيس عون متوقعة وليست مستهجنة او مستغربة لا سيما أن الأخير يضع مصلحة البلد اولا، مشيرة الى ان المسار التفاوضي ذلل العقبات الكبرى، لافتة الى ان حزب الله لم يعطل التاليف فكل ما قام به لم يتعدّ دعم مطلب محق للنواب السنة المستقلين الذين انتخبوا بإرادة شعبية، لافتة الى أن الحزب لطالما دعا الى الإسراع في تأليف الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. ورفضت المصادر تصنيف ما جرى في خانة تنازل فريق دون آخر، مشددة على ان الحل جاء ثمرة تضحية الجميع سواسية لإنقاذ البلد.
أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري فقال بحسب ما نقل عنه زواره لـ»البناء» ان الأمور باتت في خواتيمها السعيدة، والأمور قرّبت تنحل، مشيرة الى ان ما حصل اليوم على صعيد حل الأزمة، كان قد اقترحه منذ ثلاثة أشهر ولو جرى السير بطرحه في ذاك الوقت لكنّا وفرنا على البلد الكثير من التحديات، مشيراً الى انه مستعد لعقد جلسات الثقة للحكومة قبل عيد راس السنة لا سيما ان الامور ليست معقدة امام إعداد البيان الوزاري لمباشرة العمل فوراً مع بداية العمل المقبل على الصعد كافة.
وأعلن رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أنّ «لا إقصاء في الحل الحكومي ولا رفض ولا فرض»، مشيرًا إلى أنّ «التنازل حصل من كل الجهات المعنية». وقال بعد اجتماع تكتل لبنان القوي إنّ «الحل يأتي ضمن سلسلة الأفكار التي بحثنا فيها»، مؤكدًا أنّ «التعويض عن الوقت الضائع لا يكون إلا بالإنتاج، فالوقت ضاع ووصلنا الى النتيجة نفسها».
وقال وزير المال علي حسن خليل لرويترز «أصبحنا في المرحلة الاخيرة والارجح ان تتشكل الحكومة قبل عطلة الميلاد»، مضيفا «يجب أن يكون من أولى اهتمامات الحكومة العتيدة الإسراع بالموازنة، حتى نستمر بانتظام عمل المالية العامة الذي اعدناه الى سكته الصحيحة». ولفت الى ان «أصبحت هناك حاجة وطنية ملحة لمرحلة جديدة من العمل، وأن توضع خطة لتغيير هيكلي وبنيوي في السياسات التي كنا نعيش في ظلها، وإصلاح حقيقي لعمل المؤسسات.
ورأت كتلة المستقبل أن مساعي الرئيس عون تشكل الفرصة الأخيرة للخروج من دوامة الشروط السياسية، وأن نجاحها لا بد أن يتكامل مع النتائج التي توصل اليها الرئيس المكلف قبيل ظهور العقدة الأخيرة. وأشارت الكتلة في بيان إلى أنّ «الرهان على تأليف الحكومة العتيدة قبيل الأعياد المباركة، بات أمرا متاحاً، بل يحب ان يكون أمراً ملحاَ في ضوء التحديات الاقتصادية والمالية والانمائية المدرجة على جدول أعمال السلطة التنفيذية وسائر المؤسسات المعنية بإطلاق ورش العمل التشريعي والاصلاحي والاداري، والتوقف عن سياسات هدر الوقت والدوران في الحلقات المفرغة.