السلسلة وما أدراك ما السلسلة!
عبد الحميد فاخوري
يقول الشاعر القديم:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّدِ
ما أن أُقرّت سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية حتى عَلَت الأصوات من قِبَل مجموع الرأسماليين في البلد مستنكرة هذا الاستنزاف الهائل لموارد الدولة والإسراف اللامتناهي في إعطاء الموظفين بعض حقوقهم، مما قد يؤدّي إلى إفلاس الخزينة، وبالتالي دولتنا العَلَيّة. وبدأت تتوالى الاقتراحات الداعية إلى تصحيح هذا الوضع الشاذ، وذلك إما عبر التقسيط أو التأجيل أو حتى الإلغاء.
وبعد بحثٍ طويل تبيّن لي أنّ هؤلاء الرأسماليين الكبار من جمعيات المصارف والصناعيين والتجار وبعض نوابنا الكرام على حق في اعتراضاتهم على السلسلة! ألا تعلم يا أخي المواطن أنّ هذه السلسلة هي التي تسبّبت في فضائح الكهرباء والنفايات والمياه وتلوّث البيئة وغيرها من الفضائح اليومية التي تنشرها وسائل الإعلام؟ ثم ألا تعلم يا أخي المواطن بأنّ هذه السلسلة هي التي أدّت إلى تلوّث الليطاني وأغرقت شارع الرملة البيضاء بالسيول ومياه المجارير؟ وإذا كنتَ جاهلاً يا أخي المواطن فلا بدّ أن أُخبرك أنّ السلسلة إياها أدّت إلى خسائر هائلة للمصارف وأصحابها! مما اضطر حاكم مصرف لبنان إلى إجراء هندسات مالية لمساعدة هذه المصارف وتَحَمّلَ نتيجة لذلك أعباء مالية ضخمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظامنا المصرفي؟ وأخيراً لا آخراً يجب أن يكون معلوماً لديك يا أخي المواطن أنّ الأزمة الحكومية مستمرة منذ حوالى سبعة أشهر وتعود أسبابها إلى هذه السلسلة اللعينة، لا إلى النظام الطائفي القائم الذي يحمي البلد من كلّ شرّ!
حسب ملحق جريدة «الأخبار» الصادر في 17 الحالي، فإنّ كلفة الزيادات التي ترتبت على سلسلة الرتب والرواتب في عام 2018 بالمقارنة مع عام 2017 بلغ نحو مليار و318 مليون دولار. أما كلفة الفساد حسب الجاهلين من أمثالي وأمثالك يا أخي المواطن فتقَدّر بمليارات الدولارات دون أن يجري أيّ تحرك جادّ في محاربته سوى إلقاء الخطب الرنانة.
إذا لم تستح فافعل ما شئت.