أبعاد زيارة اللواء علي مملوك إلى مصر
أحمد عادل – مصر
اعلنت الوكالة السورية الرسمية للانباء سانا ان اللواء علي مملوك مدير مكتب الامن القومي السوري زار مؤخراً مصر والتقى اللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة المصرية لبحث عدد من القضايا الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك بين القيادتين المصرية والسورية، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي أبعاد زيارة اللواء علي مملوك الى مصر والتقائه باللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة المصرية؟
من المؤكد انّ أحد أسباب هذه الزيارة هو التنسيق الامني وتبادل المعلومات بشأن الإرهابيين المصريين المتواجدين في سورية الذين قد يكونون على تواصل مباشر مع الارهابيين في سيناء…
فهناك آلاف الإرهابيين المصريين الذين قاتلوا في سورية، وقد قتل بعضهم واعتقل البعض الآخر فيما لا يزال بعض منهم متواجداً في مدينة إدلب آخر معاقل الارهابيين في سورية، ويسعى هذا البعض للعودة الى مصر للقتال الى جانب الإرهابيين في سيناء، فتقوم الدولة السورية بتسليم معلومات تفصيلية للدولة المصرية عن هؤلاء الإرهابيين، وهل هم أحياء أو أموات، وإذا كان هناك معتقلون منهم فيتمّ تسليمهم واستجوابهم في مصر عن صلاتهم بالإرهابيين في سيناء ومواقعهم وعددهم وأقرب العمليات الإرهابية التي يسعون لتنفيذها، والتنسيق يحدث بكثافة ايضاً لأنّ هناك إرهابيين في سورية علي صلة مباشرة تسليحياً ولوجيستياً بالإرهابيين في سيناء، لذلك يكون من الضروري التنسيق الأمني بين مصر وسورية حتى تتمّ تصفية هؤلاء الإرهابيين بسرعة ومنعهم من القيام بالعمليات الإرهابية سواء في مصر أو سورية، وان تقوم الأجهزة الاأمنية بالقضاء عليهم قبل ان يقوموا بعملياتهم الإرهابية، وهذا ما يفسّر توقيت الزيارة حيث انّ توقيتها يأتي قبل مدة قليلة من بداية الاحتفالات بأعياد الميلاد، تلك الاحتفالات التي دائماً ما كانت موعداً للارهابيين لاستهداف المدنيين الأبرياء.
ومن ضمن الأسباب التي دفعت اللواء عباس كامل لدعوة اللواء علي مملوك لزيارة مصر هو بحث كيفية مواجهة الخطر التركي على الأمن القومي لسورية ولمصر وعلى كامل الأمن العربي، فتركيا لديها مشروع استعماري في العالم العربي ولديها أطماع في حلب والموصل وتسعى لقيادة الدول العربية وإحياء مجد الخلافة العثمانية من جديد عبر دعمها للاخوان المسلمين للوصول الى الحكم في الدول العربية، وإذا فشلوا في تسلّم الحكم بشكل كامل تعطيهم السلاح حتى يضغطوا على الدولة لكي يشاركوها في الحكم، والدور التركي في مصر وسورية دور تخريبي ومزعزع للاستقرار، فهي في مصر تدعم ميليشيات الاخوان المسلمين للقيام بعمليات إرهابية في الداخل المصري ضدّ المواطنين والقوى الأمنية وتدعم الإرهابيين في سيناء بشرياً ولوجيستياً وتسليحياً وقامت تركيا بنقل عشرات الإرهابيين من سورية والعراق الى داخل سيناء حتي يقوموا بعملياتهم الإرهابية ضدّ القوى الأمنية المصرية، فضلاً عن تسليم تركيا الإرهابيين في سيناء أجهزة تجسّس متطوّرة تساعدهم على رصد تحركات القوى الأمنية المصرية، أما في سورية فالدور التركي دور تخريبي أيضاً فهي فتحت أراضيها لاستضافة الإرهابيين القادمين إلى سورية من العالم أجمع وسمحت للمخابرات الأميركية بإدخال المال والسلاح لصالح الإرهابيين في شمال سورية فضلاً عن تدخلها لحماية الإرهابيين عندما كانوا يقوموا بقصف الجيش السوري ثم يهربون للاختباء داخل الحدود التركية حتى لا يتمكن الجيش من ملاحقتهم، لذلك فتركيا تشكل خطرا مباشرا على الأمن القومي لكلّ من مصر وسورية.
وأحد أهمّ الأسباب لتلك الزيارة هو محاولة الدولة المصرية القيام بدور الوسيط وعقد مصالحة استراتيجية بين سورية والسعودية بعد الدور التخريبي الذي لعبته السعودية في الحرب السورية من خلال دعمها للإرهابيين في سورية بالمال والسلاح والإعلام والتدريب، ولكن بعد دخول الصراع السعودي التركي الى مرحلة تصعيدية كبرى، فإنّ الدولة المصرية أرادت توظيف ذلك من أجل عقد مصالحة استراتيجية بين سورية والسعودية كمقدّمة لتشكيل حلف سوري مصري سعودي استراتيجي شامل ضدّ الخطر التركي التوسّعي الذي يهدّد المنطقة العربية بأسرها.
ختاماً يمكن القول إنّ زيارة اللواء علي مملوك إلى مصر ليست حدثاً عابراً بل تعكس تنامي التقارب الاستراتيجي في العلاقات بين مصر وسورية، وهذا التقارب سيؤدّي الى اصطفافات إقليمية جديدة مع غرابتها إلى حدّ ما فإنها ستكون في مصلحة الأمن العربي، وكما قال وينستون تشيرشل في السياسة لا وجود لعدو دائم أو صديق دائم بل مصالح دائمة .