أنقرة تهدّد دمشق.. والمقاومة الوطنية تستعدّ!
نظام مارديني
لم تكن مفاجأة التهديد التركي أمس، بلسان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم قالن، خلال مؤتمر صحافي في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة عقب اجتماع مجلس الحكومة الرئاسية، الذي قال سنهدم الدنيا فوق رؤوس يقصد الجيش السوري في حال قيامهم بأي اعتداء علينا»!، فقد سبقته تهديدات عديدة باحتلال حلب والوصول إلى دمشق.. وكان سبق ذلك أيضاً تحريض أنقرة، المذهبي والطائفي.. ولكن يبقى السؤال في هذه اللحظة الراهنة: أين هم الأميركيون من كل ذلك؟ دولة في قلب المشرق السوري تتاخم كل الأزمات، وكل التوترات الجيوبوليتيكية وحتى الإيديولوجية، الوهابية بعدما نجحت واشنطن في تفخيخ الإسلام وتفجيره من جهة.. والعلمانية من جهة أخرى، في المنطقة، تحترق، تُدمَّر، كما لو أن الأميركيين ليسوا هناك، والواقع أن كل هذا يحدث في سورية لأنهم كانوا هناك، والآن يبحثون عمن يمثلهم كشرطي في المنطقة.
لقد لاحظ وزير الخارجية الروسي الأسبق، يفغيني بريماكوف، الذي كان على قيد الحياة لدى اندلاع الأزمة، أن سورية هي القاعدة الجيولوجية للمنطقة العربية، وهي القاعدة الجيوستراتيجية، إن تصدَّعت أو انهارت تصدَّعت وانهارت المنطقة بأسرها. وقال بريماكوف لأردوغان «أسوار دمشق مثل أسوار فيينا، لماذا تُصرّ على أن تحطّم رأسك مثلما حطّم آباؤك رؤوسهم هناك؟».
صحيح أن لعبة الدبلوماسية لا تحتاج الى الجنون كثيراً، قدر حاجتها للعقل ولو قليلاً، إلا أن الرهان على الأوهام سيفضي إلى حماقات هذا الجنون، والى المزيد من الشطط والخسارات، وبالمقابل يكون الركون السوري للعقل دافعاً عميقاً للحماية والمنع ومراقبة العدو التركي، كما الصهيوني والوهابي، وهو ينتفخ بأوهامه.
بهذا المعنى ينطبق توصيف الجنون على رأس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، بعدما وضع عقله في «المزبلة الطائفية» وراح يصطنع للجنون بطولات وأوهاماً، حدّ التورط في حروب قذرة ضد بلادنا وشعبنا، ولعل آخر مبتكرات جنونه هي محاولاته الداؤوبة لاجتياح شمال شرق سورية بحجة منع قوات «قسد» ووحدات الحماية الكردية من إقامة «كانتونهم» وهو يدرك أنه من الصعب جداً حساب أرباح وخسائر هذه المعركة التي تستعدّ لها قوى المقاومة الوطنية السورية بمواجهة قاسية إذا تجاوزت القوات التركية الحدود السورية، والتعاطي معها بوصفها قوات غازية.. وهكذا تتدحرج الأردوغانية وأوهامها إلى النار السورية بقدميها!
ستبقى تركيا مراهنةً على أوهامها التي أفضت بها إلى حماقات عديدة، وهي حماقات تذكّر بماكيافيلي وكتابه «الأمير» الذي يقول فيه: «على المرء أن يكون ثعلباً ليعي الفخاخ المنصوبة له، وأن يكون أسداً ليرهب الذئاب»، بمعنى أن يكون قادراً على استخدام الحيلة والقوة للوصول إلى الغاية، بعيداً عن المعايير الأخلاقية.
لا شكّ في أن تركيا تشبه في هذه اللحظة شجرة «الكافاك» في الأناضول، وهي أشجار رفيعة وطويلة، هشّة في مظهرها وتتوهّم بأنّها قوية، بحيث إنّها عندما تهبّ الرياح الأناضوليّة القوية يمكنها أن تنحني بزوايا مذهلة لتتكيّف مع قوة الرياح من دون أن تنكسر.
إنّ شجرة الكافاك لم يعد بمقدورها أن تنحني أكثر، وإنّ لحظة الحقيقة تقترب، وعلى السيد أردوغان الاختيار بين المواجهة مع الجيش السوريّ وقوى المقاومة الوطنية السورية، أو البدء بالوقوف أمام خيباته المتعدّدة!