بوغدانوف: الأسد سيفوز في انتخابات 2021… والرياض تأتي بالعساف من الريتز إلى الخارجية
كتب المحرّر السياسيّ
من كل حدب وصوب تتكثّف علامات نصر سورية، ولم ينغصها الكلام الانفعالي للرئيس الأميركي دونالد ترامب عن منح الرئيس التركي رجب أردوغان إطلاق اليد في كل سورية، ومَن لا يملك يعط من لا يستحق ولا يقدر، ولا كلامه من بغداد عن خطط تدخّل في سورية عبر العراق، بينما صاروخا كاتيوشا يلقيان التحية على سفارته في المنطقة الخضراء مع توقيع بيان للدعوة لمغادرة العراق نفسه. فالتغييرات العربية تتلاحق تهافتاً إلى دمشق باستفاقة الحديث عن مصلحة عربية بمواجهة ما يسمّيه الخليجيون بالمدّ الإيراني والتمدّد التركي، والعدوان الإسرائيلي غائب دائماً عن الخطاب، لكن المئة يوم التي حدّدها الرئيس الأميركي لمغادرة قواته لسورية تبدو المهلة الممنوحة للحكام العرب لاستعادة العلاقة بسورية ولعقد أول قمة عربية مرتقبة في تونس بحضور رئيسها، مهلة معززة بالإعلان أميركياً عن استعداد سعودي لتمويل إعادة إعمار سورية، فيما صار الحديث عن مضمون حل سياسي يحاصر الرئيس السوري ويقيّد حركته شيئاً من الماضي، ومثله حل إقليمي يقوم على فرض خروج إيران وحزب الله من سورية، فلا الاعتداءات الإسرائيلية باتت عامل تغيير في الوقائع السورية، وهي تفقد كل مرة روحها، ومعها تفقد «إسرائيل» بعضاً مما تبقى لها من روح، ولا الرهانات على مسار سياسي ترتبط به العلاقات بسورية يمكن أن تفلح في فرض معادلات سياسية جديدة في سورية، مع كلام روسي يحمل معاني كثيرة قاله نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف لقناة بلومبيرغ الأميركية عن فوز مؤكّد للرئيس السوري في الانتخابات الرئاسية عام 2021، وما يتضمّن ذلك من إشارة إلى أن لا انتخابات رئاسية قبل ذلك التاريخ وأن المسار السياسي لن يطال موعد الاستحقاق الرئاسي المقرّر وفقاً للدستور الجديد المرتقب بموجب الحل السياسي، فالانتخابات المقبلة ستتم وفقاً للدستور القائم، وبعدها دستور جديد وانتخابات على أساسه واستحقاقات يقرّرها.
الأسد باقٍ وهم يرحلون.. عبارة كانت عنوان الكثير من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء في التعليق على فتح سفارة دولة الإمارات العربية في دمشق وما سيليها من سفارات عربية تبدو البحرين أول اللاحقين بها في الأسبوع المقبل، وكذلك في التعليق على التغييرات الوزارية السعودية التي أطاحت بوزير الخارجية عادل الجبير ومنحته تعويضاً رمزياً بلقب وزير دولة للشؤون الخارجية، ليحل وزير المالية السابق إبراهيم العساف مكانه في رئاسة الدبلوماسية السعودية. وهو من الشخصيات التي استضافها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فندق الريتز محتجزاً من ضمن الملاحقين بتهم الفساد المالي.
لبنانياً، مع الصمت الذي يلوذ به الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، كلام رئاسي من مقربين من بعبدا عن استئناف الاتصالات لحلحلة العقد الحكومية، أشارت إليه مقدمة نشرة أخبار قناة أو تي في، بينما المصادر القريبة من حزب الله والتيار الوطني الحر تجمع على مساعٍ لتطويق حدود التباين في المواقف من الأزمة الحكومية، ووضعها في إطارها ضمن مسعى عنوانها أولوية صيانة تفاهم السادس من شباط الذي ربط الفريقين منذ سنوات وقدّمهما كحليفين استراتيجيين، على قاعدة أن ليس هناك ما يبرر لتصوير التفاهم عرضة للاهتزاز أو للسماح بوضعه على الطاولة وتركه عرضة للتداول، ليتصدر المشهد الداخلي الموقف الذي أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري حول عقم الصيغة الطائفية وعجزها عن تقديم الحلول ودعوته للدولة المدنية جواباً عن سؤال ما العمل، وقد لقي كلام بري ترحيباً وتقديراً وإشادة من التيارات والشخصيات المؤمنة بالدولة المدنية والداعية للحل العلماني، وقد تصدّرها بيان للحزب السوري القومي الاجتماعي أشاد بدعوة بري، ولم يستغربها على قامة وطنية كبيرة يمثلها رئيس المجلس، لافتاً إلى الأهمية التي تكتسيها هذه الدعوة في هذا التوقيت أمام الأزمات التي تعانيها البلاد.
هل تنجح جهود إحياء المبادرة الرئاسية؟
فيما دخل لبنان تحت تأثير عاصفة مناخية تستمرّ لأيام عدة، هدأت عاصفة السجالات السياسية والإعلامية التي رافقت تعثر مبادرة رئيس الجمهورية لاستيلاد حكومة العهد الأولى، وإذ جُمِدت الاتصالات على خط التأليف بسبب عطلة الأعياد على أن تستكمل بشكل رسمي بعد عودة الرئيس المكلف الى بيروت مطلع العام الجديد، سُرِبت معلومات أمس، مصدرها التيار الوطني الحر تتحدّث عن إعادة إحياء مبادرة الرئيس ميشال عون لإيجاد حل توافقي للعقد المتبقية لا سيما عقدة تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، فقد أشارت معلومات قناة الـ»او تي في» الى ان «المشاورات الحكومية استؤنفت في الساعات الأخيرة على أرفع المستويات»، وأضافت: «ثمّة إرادة متجدّدة بإنجاز التشكيلة الحكومية من دون أن يأكل المصلح ثلثي «القتلة». إلا أنه لم يُعرف مضمون المخرج الجديد المطروح وطبيعته وما إذا كان جدياً أم مجرد اشاعة أجواء تفاؤلية في البلد بعد الصدمة والبلبلة التي أحدثها عرقلة المبادرة لدى الأوساط الشعبية والاقتصادية والمالية.
وإذ أكدت مصادر نيابية في التيار العوني هذه المعلومات، متحدثة عن أجواء تفاؤلية يشهدها مسار التأليف، أوضحت لـ»البناء» أن «الرئيس عون لن يسمح بفشل مبادرته ولا بإجهاض الحكومة ولا العهد، بل إن العمل مستمر بعيداً عن الإعلام للوصول الى الهدف المرجو»، ولفتت الى أن «كلام رئيس الجمهورية عن إدخال أعراف جديدة موجه لجميع المكونات في البلد والمجتمع السياسي برمته وليس الى طرف بعينه، والى كل من يحاول حصار وتطويق العهد ومصادرة حصة الرئيس الوزارية»، ولفتت الى أن «الرئيس لم يقصد حزب الله وإن كان الحزب له علاقة بالعقدة الأخيرة التي لم يمضِ عليها شهر ونصف لكن لا يمكن نسيان 4 أشهر لحل العقدتين المسيحية والدرزية». وأشارت الى أن «تمسك التيار والرئيس بالثلث الضامن ليس الهدف بقدر نيل حقنا استناداً الى حجمنا النيابي، فالرئيس عون تنازل عن المقعد السني من حصته لصالح ممثل عن اللقاء التشاوري، لكن ليس على حساب خسارته مقعداً وزارياً»، متسائلة: «لماذا لا يأتي حل العقدة السنية على غرار حل العقدة الدرزية ويسمحون لعون اختيار من بين لائحة الأسماء؟».
وأكدت المصادر على العلاقة الجيدة بين التيار والرئيس عون وبين حزب الله، مشيرة الى «لقاءات عدة تحصل بين مسؤولين في القيادتين. وهذه العلاقة بين الطرفين أعمق وأكبر من تباين حكومي»، مشددة على «ثبات تفاهم مار مخايل»، مضيفة أن «حزب الله لا يمانع أن ينال التيار والرئيس عون الثلث الحكومي»، لكنها لفتت الى أن «الرئيس الحريري هو المسؤول عن عقدة التمثيل السني وليس التيار ولذلك عليه التنازل من حصته لصالح تمثيل اللقاء التشاوري». وفي سياق ذلك، تساءل مراقبون: لماذا لا يسترجع الحريري المقعد السني الذي منحه لكتلة الرئيس نجيب ميقاتي ويعطيه للقاء التشاوري مقابل منح كتلة ميقاتي وزيراً مسيحياً يذهب للنائب الأرثوذكسي في كتلة ميقاتي نقولا نحاس؟ فهل إصرار الحريري ومن ورائه السعودية على رفض تمثيل سنة المقاومة في الحكومة يحول دون ذلك؟».
أما الرئيس سعد الحريري فلم يُرصَد له أي موقف مفضلاً البقاء بعيداً عن الأضواء ولفتت معلومات قناة الـ»ال بي سي» الى أن «الحريري أطفأ محركاته ولجأ الى الصمت وهو يستغلّ فرصة الأعياد من اجل المراقبة والتفكير». مشيرة الى أن «الاتصال بين عون والحريري لم يحمل أي جديد في الملف الحكومي، لكن الحريري منفتح على أي فكرة لإخراج الحكومة من الجمود».
في المقابل عقد «اللقاء التشاوري للنواب السنّة المستقلين» اجتماعاً في دارة النائب عبد الرحيم مراد بحضور جميع أعضائه النواب فيصل كرامي، جهاد الصمد، قاسم هاشم، الوليد سكرية، وعدنان طرابلسي. وأصدر بياناً أكد فيه «حقه في المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية بوزير واحد يسمّيه اللقاء وأن يكون الممثل الحصري له في الحكومة». واستنكر «العدوان الإسرائيلي الجديد على السيادة اللبنانية كما العدوان على سورية»، وأشار الى أن «التريّث والبطء في اتخاذ التدابير التي تكافح الهدر والفساد يعتبران جريمة في حق الوطن، وعلى من يتحملون المسؤوليات الدستورية أن يبادروا من دون التحجج بذرائع».
وبعد أن كثرت التحليلات بشأن موقفه، خرج رئيس مركز الدولية للمعلومات جواد عدره عن صمته وغرّد كاتباً «إثنان لا تذكرهما أبداً: إساءة الناس لك وإحسانك الى الناس» وأرفقه بـ»هاشتاغ»: «جواد عدره يتبع…».
«القومي» رحّب بدعوة بري
وفي ظل انسداد أفق ولادة الحكومة وعودة الحديث عن أزمة نظام وحكم، لاقت دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الانتقال الى الدولة المدنية كحل لأزمات لبنان الدائمة، صداها الواسع لدى الوسط السياسي، وأول المرحّبين كان الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يُعتبر أحد أبرز المطالبين بالدولة المدنية منذ وقت طويل. ورأى الحزب في بيان أصدره عميد الإعلام معن حمية، أنّ «هذا الموقف ليس جديداً على دولة الرئيس نبيه بري، القامة الوطنية الكبيرة، وتأكيده هذا الموقف في هذا الوقت بالتحديد يكتسي أهمية كبرى، نظراً للحال المزرية التي وصل إليها لبنان وأرخت بثقلها على اللبنانيين هموماً وأعباء وضائقة اقتصادية واجتماعية، ونتيجة تعثر تشكيل حكومة ترعى شؤون الناس بعد مضيّ سبعة أشهر من الفراغ الحكومي القاتل».
وأكد حمية أنّ ما يحصل على صعيد تشكيل الحكومة مقلق وخطير، لأنه يشكل انقلاباً على الطائف ودستوره، لمصلحة تكريس فدراليات الطوائف وقوانينها، وهذا ما لا نقبل به، لأنه وصفة انتحار للبنان واللبنانيين». أضاف: «انّ خلاص لبنان لا يكون إلا بقيام الدولة المدنية الديمقراطية العادلة والقوية، التي تحقق مبدأ المساواة في المواطنة والرعاية الاجتماعية الكاملة وتوحّد البلد وكلّ اللبنانيين في مواجهة الأخطار والتحديات».
وكان لافتاً تحذير وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة من «فراغ حكومي أطول قد يؤدي الى صدامات في الشارع أو مؤتمر تأسيسي قد يدخل لبنان في آتون خطير». ما يطرح تساؤلات حول مصدر معلومات حمادة وهل هي أميركية سعودية وصلت إلى فريق 14 آذار والى الرئيس الحريري تحديداً دفعه إلى فرملة عملية تأليف الحكومة بانتظار رهانات إقليمية؟
أين لبنان من الانفتاح على سورية؟
إلا أن طلائع المؤشرات الإقليمية التي بدأت بالظهور لا سيما الانفتاح العربي على سورية بالتوالي، ستترك تأثيراتها الكبيرة على الداخل اللبناني عاجلاً أم آجلاً ما يحتم على لبنان التعامل مع الأمر الواقع، وبالتالي لن يستطيع البقاء بلا حكومة الى أمد طويل، بل عليه مواكبة هذه التطورات على مسافة أقل من شهر على انعقاد القمة الاقتصادية العربية في بيروت. فأين لبنان من الانفتاح العربي على دمشق؟ وأي نجاح لقمة في ظل استمرار موقف جهات في الحكومة رافضة للانفتاح السياسي على سورية؟
وقد تداولت معلومات عن رفض الرئاسة السورية استقبال وزير الخارجية جبران باسيل الذي طلب موعداً لزيارة سورية، غير أن مصادر التيار الحر نفت ذلك مؤكدة لـ»البناء» على العلاقة المميّزة بين الرئيسين ميشال عون وبشار الأسد وأن التواصل قائم بينهما في مختلف المجالات والملفات»، لكنها أوضحت أن «مسألة دعوة سورية الى القمة الاقتصادية العربية في بيروت لا تخصّ لبنان فحسب بل جامعة الدول العربية الذي يلتزم لبنان قراراتها استناداً الى البيان الوزاري وميثاق الجامعة، ولبنان ينتظر موافقة الجامعة على دعوة سورية»، وأشارت الى أن «باسيل اعترض لدى القمة على عدم دعوة سورية»، ولفتت الى أن «انفتاح الإمارات ولاحقاً السعودية سيحرر لبنان من هذا القيد ويبدأ تصحيح العلاقات بين البلدين على مستوى رسمي».
وأشار رئيس حزب الاتحاد النائب عبد الرحيم مراد الى انه «كان الأسبوع الماضي في الإمارات وبحث معهم في الملف السوري، مؤكداً أن العودة لن تكون إماراتية فقط بل عودة سعودية ومصرية أيضاً».
واعتبر مراد في حديث تلفزيوني، أنه «من المؤسف جداً أن العلاقات بين لبنان وسورية لم تصل الى مستواها المطلوب، بينما هذه العلاقات يجب أن تكون مميزة مع سورية لأننا نحن محتاجون الى سورية، ونأمل ان يزور كل الوزراء بعد تشكل الحكومة سورية، بحسب اختصاصاتهم».
ووسط هذه الاجواء، أعلن السفير السعودي وليد بخاري أنه «سيتم رفع الحظر عن زيارة المواطنين السعوديين إلى لبنان فور تشكيل الحكومة اللبنانية». وقال خلال استقباله في مقر السفارة، وفداً من «مجلس العمل والاستثمار اللبناني» في المملكة في زيارة تحضيرية للقمة الاقتصادية العربية التي ستعقد في بيروت في كانون الثاني المقبل أن «سياسة المملكة الخارجية في ما يتعلق بلبنان ارتكزت منذ تأسيسها على سيادة وأمن واستقرار لبنان».
هل تشمل «أس 300» لبنان؟
الى ذلك، بقي الخرق الإسرائيلي للأجواء اللبنانية في واجهة الاهتمام الرسمي وفي السياق، أفاد موقع ديبكا العسكري الإسرائيلي، أن روسيا تدرس توسيع نطاق الحماية لمنظومة صواريخ إس-300، التي نشرتها في سورية مؤخرًا، لتشمل أجواء لبنان أيضًا ردًا على غارات نفذتها مقاتلات إسرائيلية قرب دمشق، الثلثاء الماضي.
ولم ينفِ مصدر سياسي محلي عامل على خط العلاقات الروسية – اللبنانية تلك المعلومات، موضحاً ان «روسيا كانت ولا تزال على أتم الاستعداد لمساعدة لبنان في جميع المجالات لا سيما العسكرية والدفاع الجوي، وإن طلبت منها الحكومة اللبنانية توسيع رقعة شبكة الدفاع الجوي الروسية لتشمل المجال الجوي اللبناني فهي مستعدّة، وتستطيع ذلك حيث أن شبكة صواريخ أس 300 قادرة على تغطية قطر 200 كلم لكن ذلك يتعلق بالقرار السياسي في لبنان»، وأضاف المصدر أن «موسكو مهتمة بأمن واستقرار لبنان وتعمل بشكل دائم على الحد من الخطر الإسرائيلي عليه بأي طريقة كما تهتم بأمن واستقرار سورية»، مذكراً ببيان الخارجية الروسية عقب العدوان الإسرائيلي على سورية انطلاقاً من الأجواء اللبنانية منذ يومين، وكشف المصدر أن «السلطات الروسية لم تتلقَ أي طلب من السلطات اللبنانية بهذا الشأن».
وقد سجل أمس، تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي فوق أجواء مدينة صيدا وطول الساحل الجنوبي على علو منخفض.