الجيش السوري ينسف الرهانات الأميركية التركية ويدخل منبج السفير الإماراتي يعلن الضوء الأخضر الخليجي لتشكيل الحكومة؟
كتب المحرّر السياسيّ
رسم وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف روزنامة المواعيد الخاصة بسورية لمطلع العام الجديد، كاشفاً عن مؤتمر قمة لرؤساء دول مسار أستانة، روسيا وإيران وتركيا، لمناقشة ترتيبات الخطوات العملانية في إدلب وشرق الفرات بعد قرار الانسحاب الأميركي والموقف الكردي، وعن مؤتمر للدول المانحة يعقد في بروكسل في الشهر الأول من العام الجديد، ويرجح أن تشارك فيه مع الدول الأوروبية دول الخليج العربي، بعدما كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن موافقة السعودية على تمويل إعادة إعمار سورية، بينما قالت مصادر دبلوماسية عربية لوكالة سبوتنيك الروسية إن السعودية تتجه لفتح سفارتها في دمشق وإن الأمور تسير باتجاه قرار عربي قريب ينص على عودة سورية إلى الجامعة العربية، ودعوتها للمشاركة في القمة العربية المقبلة في تونس الربيع المقبل.
على خلفية المتغيرات التي رسمتها الانتصارات السورية، ومن خلفها تماسك جبهة الحلفاء الروس والإيرانيين وقوى المقاومة، شكل توجّه وحدات من الجيش السوري نحو مدينة منبج حدث الساعة، الذي حاولت نفيه الجماعات التابعة لتركيا، ومثلها فعل التحالف الذي تقوده واشنطن، بينما نقلت الصور الآتية من المدينة مشاهد رفع العلم السوري في المدينة واستقبالاً شعبياً لوحدات الجيش السوري، فيما توجّه وزيرا الدفاع والخارجية التركيان إلى موسكو لمناقشة الوضع، وبدا كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إطلاق يد الرئيس التركي رجب أردوغان في سورية كشيك بدون رصيد، يكشف حجم البعد عن الواقع الذي يعيشه الرجلان بينما الوقائع تكتب بلغة أخرى وفي مكان آخر.
لبنانياً ملّ الانتظار من الانتظار، وتعب التفاؤل من التشاؤم، في رصد تطوّرات المشهد الحكومي، حتى فقد كل تطور في الاتصالات الخاصة بحلحلة العقد الحكومية عاجزاً عن جذب الاهتمام، بعدما تكرّرت الانتظارات وتلتها الخيبات، ومع النتائج السلبية للفراغ الحكومي بدت المكاسب التي يسعى الأطراف إلى تحصيلها غريبة عن المزاج الشعبي الذي تسوده قناعة عابرة للمناطق والتيارات عنوانها أن القضايا الخلافية رغم أهميتها لأصحابها فهي ليست بحجم أهمية الحاجة لحكومة تسير شؤون البلد، ولا يبدو حجمها مقنعاً للبقاء في الفراغ، الذي تتقاذف كرة مسؤوليته الأطراف بطريقة ضاع فيها أيضاً إمكان التمييز بين المعرقل والمسهل. وجاء كلام لافت لسفير دول الإمارات العربية المتحدة في لبنان عن الجزم بولادة الحكومة قبل القمة الاقتصادية العربية، وبالتزامن مع المسار الذي افتتحته الإمارات نحو دمشق، ليعيد طرح السؤال عن حجم العناصر المحلية والعناصر الإقليمية في تعقيد ولادة الحكومة، وعما إذا كان كلام السفير الإماراتي الجازم بالولادة الميمونة للحكومة، بعيداً عن تمنيات العيد التقليدية بهذه الولادة، ضوءاً أخضر خليجياً للرئيس المكلف بالسير قدماً في استيلاد حكومته، التي نجح فريقه بضمان الثلث المعطل فيها، ورمى بأثقال التعطيل على فريقي رئيس الجمهورية وقوى الثامن من آذار، وربما يكون لهذا الكلام مفاعيله التي تلاقي المساعي التي يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لبدائل تعيد إحياء المبادرة الرئاسية لحل عقدة تمثيل اللقاء التشاوري بأسماء جديدة وصيغ مختلفة.
«القمة الاقتصادية» تدهم المؤلِّفين…
بعدما عاش ملف تأليف الحكومة فترة من الركود والجمود غداة تعثر المبادرة الرئاسية وما تبعه من سجالات ومواقف عالية السقف كادت تهدد تفاهمات وتسويات، شهد مسار التأليف أمس، حركة لافتة مع عودة المفاوض المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى ميدان التأليف بمظلة سياسية واسعة وفرها التواصل الهاتفي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي جاء بعد اتصالات ولقاءات عدة جرت بعيداً عن الأضواء بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ومسؤول وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا لتطويق تداعيات التباين الحكومي الإعلامية والسياسية.
وقد علمت «البناء» أن «اللواء إبراهيم زار باسيل في منزله في اللقلوق وتم الحديث حول نقطتين: الأولى تهدئة الأجواء لا سيما على خط حارة حريك ميرنا الشالوحي، والثانية الاتفاق على إنعاش المبادرة الرئاسية من خلال البحث عن حل توافقي للعقدة السنية وتمّ عرض ومناقشة اقتراحات عدة في هذا الصدد».
وقد بدأ انعكاس أجواء التهدئة على إعلام حزب الله والتيار الحر، فخلت مقدمة نشرة اخبار القناتين من التصعيد، حيث كان التقاطع في المعلومات بينهما حول تفعيل خطوط التواصل والاتصالات بين باسيل وإبراهيم للتوصل الى حل للأزمة، ففي حين علمت «المنار» بأن «اللواء عباس إبراهيم يقوم بزيارات شبه يومية للقصر الجمهوري للتنسيق مع رئيس الجمهورية وأن خط الاتصال مفتوح مع باسيل وباقي الجهات السياسية على أمل أن تتحلحل الأمور فيما يخص الحكومة »، كشفت معلومات الـ «أو تي في» أن «اللقاءات المتتالية بين باسيل وابراهيم تعني ان العمل جار على إيجاد مخرج، ومبادرة إبراهيم باتجاه باسيل حملت طرحاً من حزب الله »، كاشفة أن «اسم جواد عدرا خارج البحث عن حلول للحكومة ومن بين المخارج المطروحة اسم آخر، فيما ليس من الضروري ان يكون الوزير السني المعارض من حصة الرئيس».
أما مصادر اللقاء التشاوري للسنة المستقلين فلازمت موقفها محذرة من أن استمرار الجمود يعني العودة الى مطلبنا الأول أي تمثيل أحد أعضاء اللقاء، ولفتت لـ»البناء» الى أن «مرشح اللقاء السابق عدرا بات خارج الأسماء المطروحة وبقي لدينا ثلاثة أسماء عثمان مجذوب وطه ناجي وعلي حمد ولن نقبل إلا أن يكون الاسم يمثل اللقاء في مجلس الوزراء لا من حصة الرئيس. وعلى هذا الأساس وافقنا على المبادرة الرئاسية التي حملها اللواء ابراهيم الينا».
أما الرئيس المكلف سعد الحريري فواصل اعتصامه بالصمت حتى أنه لا يتحدث بالملف الحكومي أمام المقربين منه، ويعتبر نفسه خارج مجموعة المعرقلين علماً أنه أبرز المسؤولين عن تفاقم العقدة السنية نتيجة تجاهله هذه العقدة منذ بداية التأليف، وها هو الآن وبعد أن نال ما أراده له ولحلفائه من حصص وزارية وثُلث معطل ينفض يديه من ايجاد الحلول التي يريدها على حساب رئيس الجمهورية و8 آذار، ورفض كل الحلول التي تمنح اللقاء التشاوري حقه من الحصة السنية التي يحتكرها الرئيس المكلف، إلا أن مصادر مطلعة على موقفه تقول لـ»البناء» إن «صمته ليس تهرباً من مسؤوليته كرئيس مكلف ودوره في حل العقد لكن افشال المبادرة شكل صدمة ومفاجأة له ولم تعرف أساب ذلك حتى الآن»، لكن المصادر لفتت الى أن «المبادرة كانت مفخخة وغامضة منذ البداية، متسائلة: إذا كان الوزير الذي سيمثل سنة حزب الله من حصة رئيس الجمهورية ويتبع لكتلته الوزارية فكيف يكون الرئيس قدم تنازلاً في هذه العقدة؟ وأكدت المصادر أن الرئيس الحريري شجع منذ البداية على هذا الحل وبالتالي الكرة ليست في ملعبه»، كاشفة عن اتصالات تجري لإعادة تعويم المخرج السابق مع البحث عن اسم جديد غير عدره يكون ممثل سنة 8 آذار لكن العقدة الأساسية هي موقع هذا الوزير هل ممثل سنة اللقاء أم وديعة رئيس الجمهورية أم وسطي؟ وأكدت المصادر أن «الحكومة ستؤلف في نهاية المطاف إذن، فالأوضاع الاقتصادية المتفاقمة لم تعد تحتمل المماطلة والصراع على الحصص».
ويبدو أن القمة الاقتصادية العربية التي ستنعقد في بيروت منتصف الشهر المقبل بدأت تدهم المؤلفين وتسبب لهم الإرباك، لا سيما مع حملة الانفتاح العربية الواسعة على سورية، وقد كان لافتاً تصريح السفير الإماراتي حمد الشامسي من مطار بيروت خلال توجّه وفد لبناني رسمي وشعبي الى المملكة العربية السعودية لحضور حفل السيدة ماجدة الرومي، حيث قال: «الحكومة اللبنانية ستتشكّل قبل القمة الاقتصادية التي ستُعقد في بيروت، وتفاءلوا بالخير تجدوه».
وتوقفت مصادر مطلعة عند تصريح الشامسي معطوفاً على الحركة الدبلوماسية العربية النشطة باتجاه سورية بالتزامن مع تحرك الملف الحكومي، مشيرة لـ»البناء» الى أن «المناخ العربي الجديد تجاه سورية سيلفح لبنان بكل تأكيد، وسط تسارع جهود وسطاء عرب لتوجيه دعوة الى سورية لحضور القمة الاقتصادية خلال اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الذي يسبق موعد القمة، ما يطرح سؤالاً حول موقف لبنان فيما لو تمّت دعوة سورية؟ وهل سيوافق الرئيس سعد الحريري على حضور مندوب للدولة السورية في القمة؟». ما يستوجب بحسب المصادر «وجود حكومة للتعامل مع هذه التحولات والاستحقاقات الكبرى»، مشيرة الى أن «دعوة سورية مرهونة بسرعة التقارب بين الدول العربية ودمشق»، مضيفة: «ربما استند سفير الإمارات الى أجواء عربية داعمة لتأليف الحكومة قبل القمة المرتقبة».
لكن مصادر الحريري استبعدت دعوة سورية الى القمة الاقتصادية رغم الانفتاح العربي عليها نظراً لضيق الوقت حتى موعد القمة، مشيرة لـ»البناء» الى أن «لبنان يلتزم بقرارات الجامعة العربية، لكن هناك ملفات عالقة بين لبنان والدولة السورية كالمحكمة الدولية فضلاً عن مدى دور سورية في لبنان في أي علاقات رسمية مقبلة بين البلدين».
واشاد رئيس الجمهورية بالعمل الذي تقوم به الاجهزة الامنية على الاراضي اللبنانية، وبدورها الفاعل في فرض الامن وتأمين الاستقرار ومكافحة الجريمة والفساد. وشدد خلال استقباله قادة الاجهزة العسكرية والامنية والمدير العام للجمارك وكبار الضباط والمسؤولين الامنيين الذين حضروا لتهنئته في قصر بعبدا لمناسبة الاعياد المجيدة، على ضرورة ان تبذل القوى الامنية كافة جهوداً اضافية من اجل الوصول الى اعلى درجة ممكنة من الاحترافية، على الرغم من الصعوبات التي تعوق تحقيق هذا الهدف. واكد ان «الجيش اللبناني يبقى الامل الاساسي في التعقيدات والازمات للحفاظ على وحدة البلد، وهو الداعم الرئيسي للقوى الامنية الاخرى في فرض الامن في الداخل».