حكومة !
بلال رفعت شرارة
تُرى من سيشكل حكومة في هذا البرد؟ تُرى من كان سيشكلها في ذلك القيظ؟ تُرى من كان سيشكلها بالأساس؟
هل المشكلة هي في عديد الوزراء؟ هل مَن يمثل مَن؟ هل هي مشكلة أحجام؟ ألوان؟ الثلث زائد واحداً أو ناقص واحداً؟ هل المشكلة في المساعي المكوكية؟ الأخذ بهذا الخيار أو ذاك؟ هل المشكلة في 8 أو 14 آذار في هذه الطائفة أو المذهب في هذا التيار، الحزب، الكتلة أو ماذا؟
ربما المشكلة في نمط السلطة، التفاهم الذي اعتمد لإرسائها في نمط السلطة اذ لا يمكن ان تكون على شاكلة جميع أنماط السلطات في الوطن العربي وأقطاره دفعة واحدة إذ من يعرف أي نمط يحكم هذه المساحة في ليبيا او السودان او تلك في غير مكان عربي؟
ربما تكمن المشكلة في أن اللبنانيين غير مؤهلين للنظام البرلماني الديموقراطي وان الانتخابات في لبنان عندنا عملية وليست نمط حياة، وهي لذلك تنتج ما نحن عليه.
الحقيقة ومن خلال تجربتي المتواضعة أقول إن منبع مشكلة لبنان يكمن في سببين: الاول في انه لا يوجد في لبنان قاموس لتعريفات واضحة للمصطلحات، والثاني أننا عجزنا حتى الآن عن تشكيل رأي عام. وفي أن السلطة القائمة تستثمر على ذلك لتمضي في غيّها، ذلك أن الثقافة السائدة التي تحكم كان من مهامها تجميل السلطة أو إبقاء معارضتها تحت سقف منخفض والثقافة البديلة تحاول إرساء مفاهيم وأعراف ليست لها علاقة بالحاضر والمستقبل.
أزعم أن الحكومة هي تعبير عن المشكلات والعاهات التي يعاني منها مختلف أنواع اللبنانات الآن، وأن الحل المقنع هو الدولة المدنية؟ وإلا فنحن لدينا مخاوف من أن يعتقد أحدنا أن بإمكانه وضح الحد على الزعرورة، فيلجأ الى العنف وهو مرض معدٍ قد يتسلل الى مختلف جغرافيا الطوائف. هذا الكلام لا يعني أن علينا الاختيار بين الدولة المدنية او لغة التخاطب المسلح، وجلّ ما في الامر أننا نقول إن المسار الراهن يشير الى انفجار ما إذ لا يمكن ان تبقى الناس رهينة اللانظام واعتقاد أي أحد بشعار أنا أو لا أحد ، لا يمكن الإبقاء على تفريغ جيوب اللبنانيين لمصلحة أشخاص والسيطرة على ثرواتهم، خصوصاً أن موارد الناس قد نضبت وأن أصدقاء لبنان ليسوا بوارد تمويل هذه التفليسة.
الحل المقنع الدولة المدنية. نعم، واللبنانيون ليسوا بحاجة الى عقد مؤتمر تأسيسي في الطائف او الدوحة او باريس، بل الى الاجتماع في بعبدا برعاية رئيس البلاد والإقرار بأنه لا يمكن بناء لبنان الجديد بحجارة الأفكار القديمة، وأننا بتنا بحاجة الى نظام انتخابي على أساس النسبية لا يعيد إنتاج لبنان القديم الذي يثبت كل يوم أنه لا يمكنه الصمود أمام الأنواء والعواصف الطبيعية نورما أو السياسية التي تضرب لبنان منذ أشهر طويلة.
نستحق نحن اللبنانيين دولة خارج القيد الطائفي، خارج سيطرة المافيا والاحتكارات وطاولة تقاسم الغنائم ثم الاختباء خلف الطوائف كلما حزت الأمور.
تستحق نحن اللبنانيين وطناً بمواصفات دولة مدنية وأدوارها الواضحة لا تعليق فيها للانتخابات والاستحقاقات عُمر على دستور يخضع تفسيره للأعراف والاختراعات لا النصوص القانونية.
في لبنان نحتاج الى دولة القانون والنظام برلماني ديموقراطي فعلي.
تُرى هل يبصر لبناننا النور؟ تكفي محاولات ترقيع الأوضاع وتجميل الأوضاع، لأن إعادة إنتاج النظام الراهن على ضوء أي نوع من التفاهمات يعني نقل التباعد الى المؤسسات مجلس الوزراء ، وبالتالي تعطيل إنتاجيته وتحويله نظام مبادلات ولم يعد لبنان يملك الإمكانيات لتمرير ذلك.