عار عليكم يا عرب
د. بشير بدور
عدوان سافر شنّته طائرات «إسرائيلية» مساء الجمعة الفائت بتاريخ 11-1-2019، وهو الأول من نوعه مع بداية العام الحالي، ويسجل بقيمة سلبية الى الكيان «الإسرائيلي» في سجل الاعتداءات المتكرّرة على مناطق جغرافية للدولة السورية بغضّ النظر فيما لو استطاع أحد الصواريخ «الإسرائيلية» الإفلات من منظومة الدفاعات الجوية السورية.
هو في التوصيف خرق وقح لقواعد القانون الدولي، واستهتار سافر بالمعاهدات الدولية وعدم احترامها، وهذا بالطبع ليس مستغرباً على هذا «الكيان الغاصب»، فهو المعتدي على الحقوق والشرائع، وهو الغاصب للأرض بمجمل الذرائع والداعم للحركات الإرهابية والتكفيرية بسيف بعض الأنظمة العربية بأشكالها التراتبية من المادية الى المعنوية وحتى اللوجستية.
العدوان لم يكن مفاجئاً، فالغدر خاصية يتمتع بها الكيان «الإسرائيلي»، لا سيما أنه يشعر بالقلق الوجودي إزاء الانتصارات التي يحققها الجيش السوري، ويشعر بخيبة كبيرة من فشل مشروعه التقسيمي الاستعماري بالتعاون مع أولياء أمره وكلّ من سانده في ذلك المشروع الصهيو أميركي بعنونة «الربيع العبري» وأهدافه في المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج.
وكما هو معتاد وبكلّ شفافية كان هناك بيان عسكري سوري يوصّف الحالة العدوانية وما آلت اليه الأمور من هذا الاستهداف، وانّ الصواريخ «الإسرائيلية» تحطمت على أسوار دمشق.
الخارجية السورية بدورها أكدت أنّ استمرار «إسرائيل» في نهجها العدواني الخطير ما كان ليتمّ لولا الغطاء السياسي والعسكري والإعلامي الذي توفره لها الإدارة الأميركية في سياق حالة من الحصانة من أيّ مساءلة توفرها لها أيضاً دول معروفة في مجلس الأمن، الأمر الذي يمكن «إسرائيل» من الاستمرار في ممارسة إرهاب الدولة وتهديد السلم والأمن في المنطقة والعالم بلا أيّ رادع أو قيد.
ربما تأتي أهداف العدوان في الإطار التقليدي للأعمال العدوانية للكيان «الإسرائيلي»، ولكن مستجدات المنطقة والتحركات الدبلوماسية تشي باحتمالات أخرى.
هو تزامن مع جولة مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأميركي في عدّة دول عربيّة، أبرزها دول الخليج السّت إلى جانب الأردن ومصر والعراق.
جولة بومبيو في المنطقة ربما تشي بإعلان حرب على إيران وحماية لـ «إسرائيل» وتشكيل حلف عربي بصبغة أميركية وتوقيع «إسرائيلي»، ويحضر في هذا الإطار ما ورد في خطاب وزير الخارجية الأميركي الذي ألقاه في الجامعة الأميركية في القاهرة قبل يومين بأنّ بلاده لن تسمح بتحويل سورية إلى لبنان، وستعمل على احتفاظ «إسرائيل» بقدرات عسكرية تمكّنها من الدفاع عن نفسها في مواجهة تهديد ترسانة حزب الله من الصواريخ.
في هذا الوقت يحاول رئيس وزراء العدو بنيامين نتن ياهو الظهور على أنه المخلص للكيان «الإسرائيلي» وحامي الحمى، وهي ليست سوى حالة من النفاق السياسي تعزيزاً لفرص فوزه في الانتخابات التشريعية المقبلة وصرف النظر عن اتهامه بملفات الفساد الموجهة له ولأسرته، ولكن الشارع «الإسرائيلي» يتخبّط اليوم بفوضى اللااستقرار وقلة الأمن والاطمئنان.
المضحك المبكي في الأمر بعد هذا العدوان وبعد كلّ عدوان سابق فرحَة بعض العرب وشماتتهم المُعلَنة تجاه هذا العدوان على عاصمة بلد يرفع لواء العروبة ويدافع عنها وهم يتزاحمون اليوم لأن تكون دمشق محجهم الأول. ولكن نقولها عليكم العار أيها العرب…
أستاذ في العلاقات الدولية