لقاء بكركي النيابي: سجال الثلث الضامن وبيان تقليدي… ولجنة أزمة بري يُبلغ هيل ربط الترسيم البري بالبحري… و4 رؤساء يحضرون القمة

كتب المحرّر السياسيّ

فتح مقتل خمسة من الجنود الأميركيين في منبج بعملية إنتحارية لتنظيم داعش باب التحقق من طبيعة القرار الأميركي بالانسحاب من سورية، بعدما منح البيت الأبيض أمام ردود الفعل التي تناولت قراره بالانسحاب ليتراجع عنه، في ظل القول بأن المعركة مع داعش تستدعي المزيد من البقاء في سورية، لكن ما صدر عن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس بالوكالة عن الرئيس دونالد ترامب، بتأكيد قرار الانسحاب، وضع التقييمات الدولية والإقليمية للوضع في سورية تحت عنوان ما بعد الانسحاب الأميركي، رغم محاولات التغطية على موعد الانسحاب. وفي ظل الحملة التركية المنظمة تحت عنوان منطقة آمنة، والرد السوري الحازم باعتبار المشروع التركي عدواناً على السيادة السورية سيلقى التعامل معه على هذا الأساس، برز موقف روسي صدر عن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف استبق زيارة سيقوم بها الرئيس التركي إلى موسكو للبحث بما بعد الانسحاب الأميركي والمنطقة الآمنة، حيث أكد لافروف أن الجيش السوري هو الجهة الوحيدة التي يحقّ لها التمركز في المناطق التي سينسحب منها الأميركيون.

لبنانياً، تواصلت الاستعدادات للقمة العربية الاقتصادية التي بدأت فعالياتها المرافقة اليوم بانعقاد منتدى لرجال الأعمال، برعاية وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، وتستمرّ الفعاليات التي تتضمّن اجتماعاً لوزراء الخارجية ووزراء الشؤون المتصلة بأعمال القمة الاقتصادية والتنموية يوم غد الجمعة، وصولاً لانعقاد القمة يوم الأحد المقبل، ويكون يوم السبت مخصصاً لاستقبال القادة المشاركين الذين تقلّص عددهم إلى أربعة هم أمير الكويت ورؤساء تونس وموريتانيا والعراق.

وجدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري تمنياته بألا تكون القمة هزيلة، بعدما حذّر من عقدها بغياب سورية، كاشفاً عن مضمون محادثاته مع معاون نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل، حيث قال خلال لقاء الأربعاء النيابي، إنه أبلغ هيل رفض لبنان أي بحث بترسيم الحدود البرية بمعزل عن ترسيم الحدود البحرية التي تسطو «إسرائيل» على مربعات تضم بعضاً من ثروة لبنان في النفط والغاز، في وقت تواصل انتهاك الحدود البرية بإقامة الجدار الإسمنتي في نقاط لبنانية داخل الخط الأزرق.

الشأن الداخلي اللبناني كان حاضراً أمس، في لقاء الأربعاء التشاوري الذي دعا إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، وفيما كانت كلمة الراعي سيراً بين النقاط في تقديم الدعم لموقع رئاسة الجمهورية من جهة، وعدم تغطية أعراف من نوع المطالبة بحصة لرئيس الجمهورية في الحكومة أو بالحصول على الثلث الضامن، انفجر السجال حول الثلث الضامن بين رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية والنائب زياد أسود، وجاءت النتائج تعبيراً عن فشل اللقاء في بلورة موقف مسيحي موحّد من الأزمة الحكومية، مع ظهور مطالبة علنية من فرنجية للتيار الوطني الحر بالتخلي عن الوزير الحادي عشر، وتأييده من نواب الكتائب والقوات، فجاء البيان الختامي أشدّ تحفظاً من خطاب الراعي، وتبعه تشكيل لجنة متابعة للتخفيف من الصورة السلبية التي رسمها، لكن تشكيل اللجنة تحت عنوان أنها لجنة متابعة لم ينجح بإخفاء أنها لجنة أزمة تبدو مديدة، ولا يبدو حلها بيد اللجنة.

لقاء بكركي: العبرة بالتنفيذ!

وإذ يقع لبنان منذ الأسبوعين الماضيين تحت ضغط العواصف المناخية والسياسية المتتالية التي تضربه من الداخل والخارج، خطفت بكركي الأضواء أمس، باستضافتها اجتماعاً ضمّ رؤساء الكتل النيابية والنواب الموارنة برئاسة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي، خرج ببيان ختامي لم يخلُ من رسائل في أكثر من اتجاه، لا سيما الفقرة التي تحدثت عن «رفض المسّ بتوازن المؤسسات الدستورية وصلاحيات كل منها وفي مقدّمتها رئاسة الجمهورية ورفض تحويل أي استباحة له الى عرف جديد واعتبار المؤسسات الدستورية الإطار الوحيد لمناقشة الأزمات السياسية وحلِّها ورفض جميع الأساليب التي تهدّد بالانقلاب على الدولة او السطو على قرارها».

وإذ قال المسيحيون كلمتهم ومشوا قبل أن يعودوا الى خنادقهم السياسية ومواقعهم الحكومية، تبقى العبرة بتنفيذ بنود البيان الصادر عن الخلوة المسيحية، التي رمت «الحمل الكنسي» على لجنة متابعة تضم ممثلين عن الكتل المشاركة لاستكمال البحث في النقاط التي طرحت، رغم أن اللجان «مقبرة الحلول».

فهل يستطيع لقاء بكركي حل الخلافات المسيحية القائمة وصياغة مشروع سياسي موحّد لمواجهة الأخطار التي يشعر بها الوجود المسيحي في لبنان والمنطقة؟

مصادر مسيحية عاصرت العلاقات المسيحية المسيحية في مختلف مراحلها قلّلت من أهمية لقاء بكركي لجهة نتائجه وتطبيق بنود البيان الذي خرج به، مشيرة لـ«البناء» الى سوابق لقمم واجتماعات وخلوات مماثلة لم تنجح بمعظمها، موضحة أن «اجتماع بكركي لا يستطيع حل الأزمة الحكومية لأن المشكلة ليست عند الأطراف المسيحية وحدها بل هناك شركاء آخرون في الوطن يتحمّلون جزءاً كبيراً من مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، لا سيما الرئيس المكلف سعد الحريري الذي هو المعني الأول بالتأليف بالتشاور مع رئيس الجمهورية، الى جانب التأثير الخارجي الذي يعرقل ولادة الحكومة».

ورأت المصادر أن «كلام الراعي ليس جديداً وهو شبيه بخطابات بكركي على مر الحقبات الماضية، ولفتت الى أن الانقسام المسيحي المسيحي والخلافات على المصالح والنفوذ في السلطة والطموحات الرئاسية يحول دون التوصل الى مشروع سياسي موحّد»، مشيرة الى «الخلاف حول الحكومة حتى داخل الصف المسيحي في إشارة الى كلام رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي قال بعد اللقاء بأننا «لم نأتِ الى هنا لندعم حصول الرئيس عون على الثلث المعطل».

ولم تُخفِ المصادر وجود مخاوف لدى المرجعية المارونية على مستقبل المسيحيين ووجودهم في هذا الكيان ليس من تراجع الحضور المسيحي في لبنان فحسب، بل لجهة مخاوف جدية على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط في ظل التطوّرات في المنطقة».

ولم تخلُ مباحثات اللقاء من بعض التوتر. اذ رد رئيس تيار المردة على كلام للنائب زياد اسود بالقول: «لم نأت الى هنا لدعم الثلث المعطل لرئيس الجمهورية والحكومة، بتمشي إذا بيتخلى التيار عن اسم واحد». الا ان عضو «لبنان القوي» النائب ألان عون اوضح بعد الاجتماع ان لم يحصل جدال انما نقاش ولكل وجهة نظره».

إلا أن وقائع اللقاء تثبت التوتر بين التيار الوطني الحر وتيار المردة في ظل الخلاف المستمر بين التيار الوطني والقوات اللبنانية، وقد عكس التيار هذا المناخ عبر مقدمة نشرة أخبار قناة «أو تي في» الناطقة باسمه التي شنت هجوماً على فرنجية، وحمّلته مسؤولية عدم نجاح اللقاء الماروني في بكركي بنسبة مئة في المئة لانه استحضر موضوع الأحد عشر وزيراً الذي يطالب بهم تكتل «لبنان القوي» ورئيس الجمهورية ميشال عون بحسب فرنجية.

وإذ مثل التيار الوطني الحر رئيسه الوزير جبران باسيل على رأس وفد من التيار، غاب عن اللقاء رئيس القوات سمير جعجع وعقيلته ستريدا فيما مثل حزب الكتائب النائب سامي الجميل ورئيس المردة سليمان فرنجية والنواب الموارنة باستثناء النائب جان عبيد.

بري: علاقتي مستقرّة مع الرئاستين

وأثنى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي على كلمة البطريرك الراعي في اللقاء التشاوري الماروني، متمنياً أن يستخلص اللقاء من هذه الكلمة النتائج لمصلحة لبنان واللبنانيين. وشدّد مرة أخرى على وجوب العمل لتشكيل الحكومة في أسرع وقت، وقال نحن في أمسّ الحاجة للحكومة بدلاً من سياسة المناكفة والمراوحة. وحول لقائه مع مساعد وزير الخارجية الأميركية نقل النواب أنه أكد للمسؤول الأميركي وضع الملف البري والبحري على طاولة اللجنة الثلاثية، وقال حين يتم التفاهم على كافة الامور ننتقل الى التنفيذ. وأكد بري لهيل بحسب ما علمت «البناء» على أن يكون التفاوض عبر لجنة ثلاثية برعاية الأمم المتحدة وليس برعاية الولايات المتحدة حصراً، كما أراد هيل.

ورداً على إعلان الرئيس الحريري أسفه من الإساءة الى ليبيا، قال بري «الأسف كل الأسف ليس لغياب الوفد الليبي بل لغياب الوفد اللبناني عن الإساءة الأم منذ أكثر من أربعة عقود الى لبنان كل لبنان».

وكان الحريري عبّر عن أسفه الشديد لغياب الوفد الليبي، مؤكداً أن «العلاقة بين الاشقاء لا بد ان تعلو عن الإساءات». وأمل «ان تكون القمة الاقتصادية التنموية العربية ناجحة تحاكي تطلعات شعوبنا، وان تنتج عنها توصيات عملية تفعّل التعاون وتفعّل مستوى معيشة المواطن العربي».

ونقل زوار الرئيس بري عنه لـ«البناء» أن «التوتر الذي ساد البلد حيال دعوة ليبيا الى القمة قد انتهى ولم نكن نريد ما حصل ولسنا من يتحمل المسؤولية ونحن ضد هذه الممارسات في الشارع، لكن هذا الشارع لا يمكن ضبطه بشكل كامل، ويتأثر بأي استفزاز، لا سيما في قضية الأمام موسى الصدر وما تعنيه على المستوى الشيعي والوطني». ورحّب بري بحسب زواره بالموقف الليبي الجديد لجهة تفعيل التواصل مع لبنان لكشف ملابسات إخفاء الامام الصدر.

وعن التوتر الذي ساد العلاقة بين الرئاسة الثانية مع كل من الرئاسة الأولى والثالثة، أوضح الزوار أن «العلاقة مستقرة معهما ولا مفاعيل سلبية على المستوى الحكومي والسياسي».

وعن انعقاد القمة بلا سورية جدّد بري موقفه الرافض لانعقادها بلا دمشق، والداعي الى ضرورة تصحيح العلاقة مع سورية لمصلحة البلدين، واستنكرت مصادر رئيس المجلس لـ«البناء» «المزايدة على موقفه من سورية، الذي ليس بجديد لا سيما أن العلاقة مع دمشق والقيادة السورية تاريخية ولم تتغيّر رغم بعض التباين الذي حصل في مراحل سابقة، ولم تستبعد زيارة يقوم بها بري الى سورية في أي وقت»، مشددة على أن «العلاقة كانت وما زالت وستبقى جيدة».

حزب الله لـ هيل: حصانة لبنان بـ«الثلاثية»

وفي غضون ذلك، بقيت زيارة المسؤول الأميركي ديفيد هيل الى بيروت والمواقف المستهجنة التي أطلقها وتدخله الفاضح في الشؤون الداخلية اللبنانية محط متابعة في الأوساط السياسية الرسمية، إذ نقلت مصادر لـ«البناء» امتعاض أكثر من جهة رسمية وحزبية من هذه الزيارة والتصريحات الهجينة.

بينما استنكرت مصادر في فريق المقاومة لـ«البناء» تحريض المسؤول الأميركي اللبنانيين على بعضهم بعضاً وإثارة الفتنة في البلد فضلاً عن محاولة توريطه بالانخراط في حلف أميركي معادٍ لإيران ومحور المقاومة، وفي سياق ذلك أبلغت الجهات اللبنانية الرسمية التي التقاها هيل رفض لبنان الانضمام الى أي حلف انسجاماً مع سياسة النأي التي يتبعها إزاء الحروب والأزمات الإقليمية، إلا أن المصادر أدانت صمت بعض المسؤولين عما صدر عن هيل لجهة وصف حزب الله بالارهاب، متسائلة كيف يقبل رئيس الحكومة العتيدة الجلوس مع «تنظيم إرهابي» في حكومة واحدة؟ مشيرة الى أن كلام هيل بمثابة أمر عمليات لحلفائه في لبنان لعدم تأليف الحكومة.

واعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في لقاء سياسي أن جولة هيل في لبنان هي برسم الارشيف الإعلامي ومتاحف التاريخ. وقال قاسم: «فليعلم هيل أن مستقبل لبنان وخياراته هو بيد أبنائه وأن حصانة لبنان هي بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة». وشدّد على ان «مصلحة لبنان هي عدم الانسياق الى الخطة الأميركية الإسرائيلية الفاشلة التي خربت المنطقة».

ولم يُسجل أي جديد على خط تأليف الحكومة وسط غياب تام لهذا الملف، مع الاهتمام الرسمي بالتحضيرات اللوجستية والأمنية للقمة الاقتصادية العربية التي تبدأ أعمالها اليوم في بيروت، على أن يتم استقبال الرؤساء العرب وممثليهم في المطار السبت المقبل وتعقد القمة الأحد.

وقالت أوساط سياسية لـ«البناء» إن «الحكومة باتت في مهب الرياح السياسية التي تضرب لبنان من كل حدب وصوب»، مشيرة الى أن أسباب عرقلة ولادة الحكومة ليست داخلية بل خارجية، حيث إن الولايات المتحدة الأميركية لم تعطِ الضوء الأخضر للمؤلفين وما تصريحات المسؤول الأميركي إلا دليل على ذلك، اضافة الى أن السعودية لم توافق حتى الآن على وزير في الحكومة يمثل فريق المقاومة».

وفي المقابل، جدّدت مصادر اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين لـ«البناء» تمسكها بتمثيل اللقاء بواحد من الستة أو من الأسماء الثلاثة الذين اختارهم اللقاء، رافضة أي صيغة تفرض على اللقاء بأن يكون ممثله في تكتل لبنان القوي أو رئيس الجمهورية، مشيرة الى أنه لم يعرض على اللقاء اي جديد منذ أسابيع عدة.

ترأس رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الاجتماع المالي الدوري بحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدد من المستشارين جرت خلاله متابعة الأوضاع المالية في البلاد.

على صعيد آخر، وصلت العاصفة ميريام مساء أمس الى لبنان مصطحبة أمطاراً ورياحاً قوية فيما تساقطت الثلوج بكثافة على المرتفعات التي فوق 900 متر وفي المناطق الداخلية وسط تدنٍّ كبير بدرجات الحرارة، ويتوقع أن تتساقط الثلوج على ارتفاعات اقل خاصة في المساء، على أن تبدأ العاصفة بالانحسار بعد ظهر اليوم.

وأعلنت قوى الأمن الداخلي على «تويتر» ان طالرياح ستشتد سرعتها لتصل الى 100 كلم بالساعة وسيرتفع معها موج البحر الى 6 أمتار».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى