الولايات المتحدة تقف وراء «الثورة الملوّنة» في فرنسا؟
لا خطوط حمراء تمنع الولايات المتحدة الأميركية من القيام بأعمال تهزّ استقرار الدول الحليفة لها، والكلام عن دور أميركي في الأحداث وأعمال العنف التي تشهدها فرنسا، هو أقرب الى الحقيقة والواقع، خصوصاً عندما يتم الربط بين أعمال العنف الحاصلة في فرنسا، وحديث الرئيس الفرنسي عن تشكيل جيش فرنسي ألماني مشترك.
الولايات المتحدة الأميركية، وبرغم المتغيرات والتوازنات الجديدة التي طرأت على المسرح الدولي، لم تتخلّص بعد من عقدة جنون العظمة والقوة، وهي ترى أن أي محاولة من قبل حلفائها لتشكيل قوة عسكرية مستقلة، خروج على المشيئة الأميركية.
هذا الأمر، أي ربط ما يحدث في فرنسا بتصريح الرئيس الفرنسي، ومكاسب أميركا من زعزعة الوضع في فرنسا، تطرق إليه ألكسندر أرتامونوف، في صحيفة «برافدا رو»، من خلال مقال بعنوان: «الولايات المتحدة تقف وراء «الثورة الملوّنة» في فرنسا»؟ وجاء فيه:
لماذا خاف الأميركيون من مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنشاء جيش فرنسي ألماني؟ الجيش الفرنسي أقوى وحدة قتالية ذات اكتفاء ذاتي في الاتحاد الأوروبي. على عكس الجيش الألماني، الذي لم يتجاوز حتى اليوم مشاكله بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حيث تعاني القوات المسلحة الألمانية من السمعة التاريخية والرقابة المستمرة من قبل الأميركيين ، فإن فرنسا لديها كل الفرص لتأكيد سيادتها.
لدى فرنسا ثالوث نووي، أي جميع أنواع الأسلحة الاستراتيجية الحديثة، التي لا تملكها دولة أوروبية أخرى. ولديها برنامج فضائي خاص بها، بما في ذلك قاعدة فضاء في كورو، ما يتيح لها الاستقلال عن أنظمة الدول الأخرى الملاحية.
ولذلك، يمكننا افتراض أن «ثورة السترات الصفراء» الحالية في البلاد يمكن أن تكون استفزازاً مدبّراً بعناية، الغرض منه تقويض خطط الرئيس الفرنسي إنشاء جيش أوروبي قادر على إعادة القوات الأميركية إلى ما وراء الأطلسي.
كما هو معروف، فإن الولايات المتحدة لا تتسامح مع أن ينافسها أحد حتى من حلفائها. وفيما يمكن ملاحظة أن حركة السترات الصفراء العفوية تعارض رفع أي ضرائب، فإذا تمسك الأوروبيون بإنشاء جيش كامل الأهلية، فسوف يضطرون إلى دفع تكاليف باهظة ستؤدي بالضرورة إلى فرض ضرائب مالية إضافية.
وهكذا، فإن «السترات الصفراء» تكبّل أيدي الحكومة الفرنسية، وتتسبب بالفوضى في البلاد، وتخلق الارتباك، وتؤدي إلى انقسام اجتماعي، وتجعل السكان يقفون ضد جيشهم وشرطتهم، وتؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي.
ونتيجة لذلك، وبفضل «الشلل الاجتماعي» الذي يسببه الفوضويون، فلا شيء يهدّد وجود الأميركيين في أوروبا.