قالت له
قالت له: من يفز بالحبّ أكثر، من بلغ العشق به حدّ التعلّق ببقاء الحبيب، أو من بلغت به التضحية حدّ مراعاة ظروف الحبيب؟
فقال: وما المناسبة؟
قالت: لماذا كلما قلت لك أنّني راحلة، ودّعتني بكلّ لياقة الوداع، لكن من دون أن تتمنّى عليّ مرّة إطالة البقاء؟ ولماذا كلّما ودّعتني تمنّيتُ عليك دقيقة أخرى؟
فقال لها: وتحرجيني فأبقى، وأنتِ تعلمين أنّ الظرف يكون قاهراً.
قالت: لم أكن لأنزعج لو أصررتَ على الرحيل لأنّني لو فعلت الأمر نفسه لرحلت وما بقيت حرجاً.
فقال: الرجل يحبّ المرأة أكثر عندما تُشعره بتفهّم ظروفه.
فقالت: والمرأة تحبّ الرجل أكثر عندما يُشعرها بأنه يتفهّم ظروفها، لكنّ الحبّ يخذل التفهّم فيتمنى عليها البقاء، فتفعل معه ذلك.
قال لها: تعالي نتبادل الأدوار مرّة أخرى، فأكون ملحاحاً وتكونين اللائقة.
مضيا حتى يحين موعد آخر.
مساهمات القراء
قالت له: أتألم كلما ناديتني بِاسمي. وكأنما تردّده على مسامعك لتزيل الشكّ الذي بملأ قلبك، فأشعر بظلم وصقيع يأتيانني جارفَيْن من نطرة عينيك. مشكلتي معك أنكّ الآن في داخلي ذلك الماضي الذي يمنعني من الوصول إلى المستقبل. إن ما يمرضنا في الحقيقة، نزوتنا التي يأبى عقلنا المنطقي أن يمنعها. وأنت الفكرة التي أدفع ثمنها دماً، وأشعر بأنّني لن أتراجع عنها. أنا أقف أمامك منهارة متوسّلة العودة إلى ماضينا وبيتنا وحياتنا السابقة، وتكتفي أنت بعبارة: «لديّ شكّ بأنّني أحبكِ»! بعد ثماني سنوات، كيف استطعت حتى نطقها؟
قال لها: أنا صادق معك، لم أعد قادراً على المزيد من الألاعيب النفسية. لم أعد أتحمّل هذا الشك. لنفترق كراشدين أدركا أن طريقهما لم تعد واحدةً.
قالت له: طريقنا لم تعد واحدةً؟ طبعاً لأنّك ببساطة دهستني أثناء المسير، وتتركني مبعثرة على قارعة الرصيف.
قال لها: لم أتعمّد الأذية، لكنّك لم تتقبّلي الأمور برويّة وعقلانية. كان لا بدّ من إنهاء الوضعية.
قالت له: وكيف أكون عقلانية أمام خيانتك لي مع صديقة عمري، ومن أين أستعير الروية؟ أتعلم؟ لم يعد للكلمات أيّ معنى. اذهب إليها وامشيا حتّى نهاية الطريق.
لكل منّا كربلاؤه وعاشوراؤه، سأخلّد طعنتكما لي بطقوس نسيان قاسية، بلملمة بقايا امرأة. وبكل بساطة سأعيش.
رانيا الصوص