«G20» تنطلق اليوم في أستراليا… ولأوكرانيا الأولوية
تنطلق اليوم في برزبين في أستراليا أعمال قمة العشرين الكبار «G20»، وتتركز محادثات القمة على تعزيز النمو العالمي وتأمين نظام المصارف وسد الثغرات الضريبية للشركات الكبرى متعددة الجنسيات.
لكن في ظل الاتفاق على معظم بنود جدول الأعمال الاقتصادي وإبرام اتفاق بخصوص المناخ الأسبوع الماضي في قمة «أبيك» في بكين في الصين، ستتحول الأنظار خلال القمة الحالية إلى المخاوف الأمنية.
إذ أكد بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، أن أوكرانيا لم تكن محور الاهتمام خلال قمتين في آسيا عقدتا الأسبوع المنصرم على رغم أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أثار الموضوع بشكل مقتضب مع بوتين أثناء مشاركتهما في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي. وأضاف أن الرئيس أوباما سيصل إلى برزبين اليوم وسيناقش الأوضاع في أوكرانيا مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وقال: «إنهم حريصون على توجيه رسالة مشتركة للروس وللحكومة الأوكرانية. لذا ستكون بمثابة فرصة له ليتابع الأمر معهم».
ويأتي ذلك بالتزامن مع ما نقلته وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء أمس عن المتحدث باسم الرئيس الروسي قوله إن بوتين يعتزم عقد اجتماع مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على هامش قمة العشرين. في حين أفادت وسائل إعلام ألمانية بأن ميركل تنوي بحث الوضع في أوكرانيا مع الرئيس بوتين، حيث كانت ميركل قد قالت خلال زيارتها إلى نيوزيلندا: «هناك فرصة كبيرة لعقد مثل هذا اللقاء».
وأكدت المستشارة الألمانية أن اتفاق مينسك لم ينفذ، مشيرة إلى أن هذه القضية ستطرح للمناقشة في أروقة القمة في بريزبن. وأعربت عن قلقها بشأن ما اعتبرته عدم التزام الأطراف المعنية الاتفاقات الموقعة.
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن تصرفات روسيا في شرق أوكرانيا غير مقبولة وقد تدفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو.
وقال كاميرون في مؤتمر صحافي عقده في مدينة كانبيرا الأسترالية: «مازلت آمل بأن يتعقل الروس ويدركوا أنهم يجب عليهم أن يسمحوا لأوكرانيا بأن تتطور كبلد مستقل وحر. حر في تقرير خياراته.» وأضاف قائلاً: «إذا اتخذت روسيا نهجاً إيجابياً تجاه حرية أوكرانيا وتصرفت بمسؤولية فإننا قد نشهد رفع تلك العقوبات… إذا واصلت روسيا دفع الأمور إلى الأسوأ عندئذ فإننا قد نشهد زيادة في تلك العقوبات… ذلك هو الأمر ببساطة».
وفي السياق، اتهم الرئيس الروسي الولايات المتحدة أمس بتقويض المؤسسات التجارية التي عملت على إقامتها بفرض عقوبات على روسيا، معتبراً أن ذلك خطأ يأمل أن يجرى تجاوزه في نهاية المطاف.
وفي حديث صحافي قبل اجتماع مجموعة العشرين، قال بوتين إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على موسكو بسبب أوكرانيا لم تضر روسيا وحدها بل الاقتصاد العالمي أيضاً، مضيفاً أن هذه العقوبات تخالف اتفاقات تجارية منها الاتفاق العام للتجارة والتعريفة الجمركية. وقال الرئيس الروسي: «إن الولايات المتحدة نفسها هي التي أنشأت هذه المنظمة في مرحلة ما. والآن هي تنتهك مبادئها بشكل فج. آمل… أن يسود هذا الفهم في نهاية المطاف ويصبح ما فات قد فات»، مشيراً إلى أنه لن يثير مسألة العقوبات خلال اجتماع مجموعة العشرين «لأنه لا طائل» من وراء ذلك، بحسب تعبيره.
بوتين أكد في حديثه أن بلاده جاهزة لمواجهة موجة جديدة من الأزمات الاقتصادية، مؤكداً أن روسيا مستعدة لـ»فض الختم» عن الاحتياطات المالية في حال تردي المناخ الاقتصادي لكنها لا تنوي إنفاقها بشكل طائش، مؤكداً أن الحكومة الروسية تنظر في مختلف السيناريوهات، بما فيها تراجع حاد لأسعار النفط.
ونوه بوتين إلى أن الحكومة الروسية لن تستثمر الاحتياطات المالية إلا في الحالات التي تأتي بمردود اقتصادي، ولن توجهها لحل القضايا الآنية.
وفي سياق متصل، يتوجه وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير إلى موسكو يوم الثلاثاء المقبل للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا في شباط الماضي لإجراء محادثات بشأن الصراع المتصاعد في الجمهورية السوفياتية سابقاً.
وقال مارتن شيفر المتحدث باسم شتاينماير في مؤتمر صحافي إن الوزير سيتوقف في كييف في الصباح قبل أن يسافر إلى موسكو، في حين قالت كريستين فيرتز نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن «الحكومة تراقب الوضع بقلق بالغ».
وأعلن الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أنه يجب حل الأزمة في شرق أوكرانيا بالطرق السلمية فقط، بحسب ما نقل المكتب الإعلامي للرئاسة الأوكرانية أمس.
وقال بوروشينكو في اجتماع مع رؤساء أجهزة الأمن: «نفذت خلال شهرين خطوات جدية لتدريب قواتنا المسلحة وغيرها من الوحدات للدفاع عن أوكرانيا، ونحن نرى أن حل قضية بعض مناطق مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك سياسي وسلمي فقط»، مضيفاً في الوقت ذاته: «لكنه توجد لدينا اليوم قدرات ووسائل لحماية الدولة».
وأضاف بوروشينكو أنه «لا يوجد سبب للذعر بشأن الوضع في المناطق الشرقية المتمردة وأن الجيش لديه موارد كافية لصدّ أي هجوم إذا انهار وقف إطلاق النار الهش»، وتابع: «إذا بدأت الأحداث في التدهور على رغم خطة السلام فإن القوات المسلحة الأوكرانية الآن مستعدة وقادرة على صد الهجوم ».
في السياق، قال رئيس وزراء أوكرانيا أرسيني ياتسينيوك إن الأولوية القصوى لكييف هي بناء جيش قوي قادر على صد أي عدوان عسكري روسي.
وأضاف ياتسينيوك في إفادة صحافية بثها التلفزيون الأوكراني الرسمي أمس إن «بناء جيش قادر على وقف العدوان من روسيا هو المهمة رقم واحد.» كما قدم اقتراحاته بخصوص المناصب الكبرى في الحكومة الائتلافية الجديدة.
وقد قتلت امرأتان مسنتان في قصف مدفعي في شرق أوكرانيا، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية في «جمهورية دونيتسك الشعبية».
من جانبه أعرب المندوب الروسي الدائم لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أندريه كيلين عن أسفه بسبب ما أسماه عجز أطراف النزاع الداخلي في أوكرانيا عن تنفيذ اتفاقات مينسك حتى الآن على رغم الجهود المبذولة على المستوى السياسي وعلى الأرض. ودعا إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق بشأن فك الارتباط بأسرع وقت والرقابة على وقف إطلاق النار ومراعاة شروط التهدئة وسحب الأسلحة الثقيلة.
وقال الدبلوماسي الروسي إن تصريحات مسؤولين في كييف حول رفض الحوار مع ممثلي مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، الذين يصفون في هذه التصريحات بالإرهابيين، تؤدي إلى تصعيد التوتر.
وأعلن أليكسي كارياكين رئيس مجلس الشعب في «لوغانسك الشعبية» أن رفض كييف المشاركة في مفاوضات مجموعة الاتصال في مينسك يدل على عجز السلطات الأوكرانية وعدم رغبتها في تسوية الأزمة.
وفي السياق، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن تقارير بعثة المراقبة الدولية في أوكرانيا لا تتحدث عن وقائع تحرك قوات أوكرانية وانتهاك كييف لاتفاقات مينسك وتنامي الفاشية الجديدة، مشيرة إلى أن لديها انطباعاً بأن جهود البعثة الدولية تخدم سلطات كييف حصراً.
وجاء في بيان صدر عن الخارجية الروسية أن تقارير البعثة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تشير إلى تحركات وحدات عسكرية تابعة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد لكنها تتجاهل معلومات بشأن حشد وحدات قتالية للقوات الأوكرانية عند الخط الفاصل.
وأضاف البيان أن تقارير البعثة لم تذكر انتهاكات كثيرة من قبل القوات الأوكرانية ليس فقط لاتفاقات مينسك لكن للقانون الإنساني الدولي وكذلك تنامي الفاشية الجديدة والقوميين والمناطق التابعة لكييف، مشيراً إلى تجاهل البعثة في تقاريرها حالات الضغط على مراقبين دوليين من قبل قوات الأمن الأوكرانية.
وأكدت الخارجية الروسية عدم قبول أية رقابة لدى تحرير تقارير المراقبين لمصلحة أي من أطراف النزاع وكذلك ضغط القوات الأوكرانية على الموظفين الروس في بعثة الرقابة الدولية.