الإعلامية ضياء جفال لـ«البناء»: الإعلام الملتزم لا يقيّد الفكر… واستمرارية الإعلامي تقترن بجدية البحث

حاورتها ـ عبير حمدان

تتقن الإعلامية ضياء جفال انتقاء المواضيع التي تناقشها في برنامجها الإذاعي «زوايا» وتؤكد أن الإعلام الملتزم دينياً لا يقيّد الفكر ولا يجب وضعه ضمن إطار نمطي ضيق.

تعتبر جفال أن الاستمرارية تقترن بجدية البحث وعدم إغفال أي تفصيل لناحية الإضاءة على هموم الناس كي ينجح الإعلامي في إيصال رسالته إلى مختلف شرائح المجتمع، وهي التي تصرّ على إعداد برنامجها الإذاعي بنفسها لقناعتها بأن المقدّم ليس مجرد صدى يطرح السؤال وينتظر الاجابة من دون أن يكون ملماً بكافة التفاصيل المرتبطة بموضوع النقاش.

بدأت جفال مسيرتها المهنية بإعداد الأفلام الوثائقية، لتنتقل بعدها إلى العمل الإذاعي تقديماً وإعداداً لبرنامج «زوايا» الذي يناقش مواضيع ثقافية واجتماعية واقتصادية.

«من خارج النص» عنوان برنامجها التلفزيوني الجديد الذي يتناول كل ما يتصل بالمادة التلفزيونية إن من الجانب الدرامي أو الإخباري أو كل ما يتصل بهذا العالم المرئي الحاضر في كل بيت.

«البناء» التقت الزميلة ضياء جفال التي تحدّثت عن تجربتها ورؤيتها للواقع الإعلامي ومدى تأثيره على المجتمع والأجيال.

احتلال العراق كشف الحاجة الماسة للفيلم الوثائقي

نعود مع ضياء إلى عام 2002 حيث حصد الفيلم الوثائقي الذي قدّمته كمشروع تخرّج لها من الجامعة اللبنانية ـ كلية الإعلام جائزة أفضل فيلم وثائقي وسيناريو، مما ساهم في فتح مجال العمل أمامها جراء تفوقها، وعن ذلك تقول: «تخرّجت عام 2002 من كلية الإعلام اختصاص مرئي ومسموع، والفيلم الوثائقي الذي أنجزته في عام التخرّج حصد جائزة أفضل فيلم وثائقي وشكل ذلك الخطوة الأولى لي لبداية حياتي المهنية. والبداية كانت في شركة إنتاج بالتزامن مع العدوان الأميركي على العراق، حيث بدأت أعمل على توثيق كل المواد الإعلامية التي تُعرض على وسائل الإعلام الأميركية التي كانت ترسم صورة للجندي الأميركي البطل وبالفعل جمعت مادة كبيرة. وفي نيّتي إنجاز فيلم أسميته «الحرب الأخرى» أي الحرب الإعلامية التي سبقت الحرب وخلالها وبعدها، وبعدها أنجزت فيلماً عن «الأسرى المحررين» جمعت فيه الذكريات وانتظار أهاليهم لهم، لاحقاً انتقلت للعمل في وكالة أخبار. وهناك تعلّمت كيفية إجراء اللقاءات السياسية ومواكبة الحدث السياسي بشكل سريع إلى جانب العمل كمراسلة في قناة عراقية. وبالطبع لم أتوقف عن إنجاز الأفلام الوثائقية للعديد من القنوات العراقية، وصولاً إلى العمل الإذاعي في إذاعة البشائر، حيث بدأت بإعداد وتقديم برنامج «زوايا» منذ العام 2015».

العمل الإذاعي ليس صوتاً رخيماً وحسب

وعن طبيعة العمل الإذاعي تقول جفال: «العمل الإذاعي ليس مجرد صوت رخيم وحسب، إنما هو يتطلب متابعة فعلية، خاصة إذا كنا نسعى تجنب التكرار كي نضمن الاستمرارية، وبالفعل منذ اربع سنوات بدأت ببرنامجي وأجزم أني لم أقع في فخ التكرار، ذلك لأن المواضيع التي يعمل البرنامج على طرحها ومناقشتها كثيرة، والثوابت الأساسية تكمن في التركيز على كل ما يهمّ الناس وأبرز الحوادث الآنية، بالاضافة الى القضايا المركزية وأبرزها «فلسطين» التي لا تغيب أبداً عن جدول بحثنا. وطبعاً تبقى «المقاومة» هي العنوان المتصل بالثقافة العامة وفي مختلف المجالات، مع الإشارة إلى قناعتي بأن من يقدّم أي برنامج عليه أن يعدّه بنفسه ويكون ملمّاً بشكل كامل بالمواضيع التي يناقشها».

لكن إلى أي مدى يمكن للإعلام الملتزم دينياً الوصول إلى معظم شرائح المجتمع، تقول جفال: «لنكن واضحين في هذا الخصوص ومن خلال تجربتي أؤكد أن الإعلام الملتزم دينياً ليس كما يظنه البعض، على الأقلّ إذا أردت الحديث عن المؤسسات الإعلامية المنطلقة من فكر السيد محمد حسين فضل الله، أستطيع الجزم أن التنوّع موجود في المادة الإعلامية التي تطرحها سواء أكان إذاعياً أو تلفزيونياً، والدين ليس مادة تنظيرية إنما هو سلوكيات إنسانية. ومن موقعي أؤكد أن هناك نسبة كبيرة من الناس تتابع إذاعة البشائر، وفي برنامجي كان هناك ضيوف من مختلف المناطق اللبنانية ولم أجد أي صعوبة في ذلك».

ونسأل جفال عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في تقريب المسافة وكسر النمطية السائدة حول وسائل الإعلام الملتزم دينياً، فتجيب: «من الخطأ أن ننكر دور وسائل التواصل الاجتماعي في تقريب المسافة والمساهمة في الانتشار، خاصة أن هذا العالم مفتوح، ولكن ربما علينا أن نسمح له من التحكم فينا، رغم أنه يسرقنا في معظم الأحيان. ربما يجب أن تتم دراسة هذا العالم ضمن إطار علمي علّنا نستفيد من إيجابياته ونفهم طبيعته والغاية من وجوده وتأثيره على المجتمع بشكل عام. من الجانب المهني استفدت من هذا العالم لناحية التواصل مع الضيوف وحتى في ما يتصل باختيار المواضيع لبرنامجي، كما أنه ساعدني على الانتشار بشكل جيد إلى حدّ ما بعيداً عن النمطية التي يُتّهم بها الإعلام الملتزم دينياً».

«من خارج النص». لإسقاط خطوط التماس

جفال تقدّم اليوم برنامجاً تلفزيونياً على قناة الايمان يحمل عنوان «من خارج النص». وعن هذه الخطوة تقول: «لعل الفرق بين العمل الإذاعي والتلفزيوني هو أن الأول لا يتطلب الكثير من التكلف ويساهم في تكوين الشخصية الإعلامية القادرة على المحاورة بعفوية، في المقابل الصورة التلفزيونية تختلف، وبرنامجي «من خارج النص» يتكلم عن كل ما له علاقة بالمادة الإعلامية في مختلف قطاعاتها مع أشخاص متخصصين ضمن هذا الإطار فيما برنامجي الاذاعي يكون لديّ تواصل مع الناس بشكل أكبر ومع متخصصين إذا اضطر الأمر. بالطبع شخصيتي تبقى واضحة مع بعض الضوابط التي يتطلبها التعامل مع الكاميرا، ولكن القاعدة أن البرنامج يناقش موضوع واحد ومحدد».

لكن هل ترى جفال نفسها في قناة إعلامية مختلفة، تجيب: «لا يمكنني حسم هذا الأمر حالياً خاصة أنني اليوم في مكان يشبهني إلى حد ما ولا أرى نفسي خارج هذا الإطار على الأقل الآن. مع تأكيد أن المؤسسة التي أنتمي اليها تتعاطى بانفتاح مع كافة شرائح المجتمع. وفي كل الأحوال لا يمكننا تجاهل أن مجتمعنا يعيش حالة من الانقسام، وفعلياً لا يوجد التقاء جدي بين أفراد المجتمع ذلك لأن سياسة البلد تعاني الانقسام، وبالتالي الإعلام الديني عليه تحمل المسؤولية لتقريب وجهات النظر بشكل فعلي وليس ضمن إطار إنشائي وحسب، عسى أن تصبح مقولة «العيش المشترك» واقعاً وليس مجرد عناوين عريضة».

وتختم: «علينا كإعلاميين ملتزمين برسالة أن نسقط خطوط التماس الموجودة في النفوس والعقول بالدرجة الأولى وفي المقابل وللأسف الإعلام التجاري لا تعنيه هذه التفاصيل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى