عصام سليمان: التصدي للإرهاب بإجراءات عسكرية وأمنية وإصلاحات
أكد رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان «أن التصدي للإرهاب لا يكون فقط بإجراءات عسكرية وأمنية، إنما بإصلاحات عميقة في أنظمتنا الدستورية، وباعتماد سياسات تقود الى إزالة الأوضاع التي شكلت تربة خصبة لنشوء الإرهاب ونموه انتشاره وتعاظم خطره، فالامن لم يعد أمناً بالمفهوم التقليدي، إنما أصبح أمناً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وانسانياً، أمن أساسه حقوق وحريات يضمنها الدستور ويلتزم بها المشترع، وتجد تعبيراً عنها في سياسات توفر شروط التمتع بها، وقضاء يصونها في احكامه فيحقق العدالة».
كلام سليمان جاء في كلمة ألقاها في المؤتمر الإقليمي عن «تجارب الرقابة على دستورية القوانين في الدول العربية، تقييم ورؤية مستقبلية»، لمناسبة مرور عشرين سنة على بدء العمل الدستوري في لبنان، في فندق هيلتون حبتور في حضور النائب روبير غانم ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزير الاعلام رمزي جريج ممثلاً رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وشخصيات رسمية وسياسية وحزبية وقضائية ودبلوماسية إضافة إلى وفود حقوقية عربية.
وشدد سليمان على «ان الظروف التي مارس فيها المجلس الدستوري مهماته، في العشر سنوات المنصرمة كانت ولا تزال ظروفاً صعبة، وذلك بسبب الانقسامات السياسية الحادة، والتفلت من الضوابط في ممارسة العمل السياسي، والتمادي في تفسير الدستور، وفق الأهواء والنزوات والمصالح الفئوية الضيقة، ما تسبب باضطراب في أداء المؤسسات الدستورية وأحياناً في شللها وأثر سلباً في عمل المجلس الدستوري، فالمجلس الدستوري لا يبت في دستورية القوانين، إلا إذا كانت هناك قوانين يضعها مجلس النواب ويجري الطعن في دستوريتها، وهو لا يصدر قرارات في شأن الطعون النيابية إلا إذا كانت هناك انتخابات نيابية، وعلى رغم الظروف الصعبة، تابع المجلس الدستوري مسيرته، بفعل اقتناع راسخ بضرورة تعزيز موقعه، وتفعيل دوره وتوسيع صلاحياته وإبعاده عن الصراعات السياسية ومنع السياسيين من التدخل في شؤونه حفاظاً على استقلالية يتشبث بها».
وأشار سليمان إلى «أننا نتطلع الى توسيع صلاحيات المجلس الدستوري لكي يستطيع أن يقوم بالدور المفترض أن يقوم به على أكمل وجه، وذلك بالتوسيع في حق المراجعة، وإفساح المجال أمام المواطنين لمراجعة المجلس الدستوري عبر المحاكم، وإعطاء المجلس الدستوري صلاحية النظر، عفواً ومن دون طعن، في دستورية القوانين الأساسية التي تشكل على أساسها السلطة المركزية والسلطة المحلية والقوانين التي ينفق على أساسها المال العام، نظراً الى ما لهذه القوانين من أهمية وإناطة صلاحية الفصل في الخلافات حول تفسير الدستور بالمجلس الدستوري، أي إعادة الصلاحية التي أعطيت له بموجب وثيقة الوفاق الوطني وسقطت في التعديل الدستوري، فلا يجوز أن تبقى الجمهورية من دون مرجعية للبت في تفسير الدستور، كما ينبغي إعادة النظر في قانون إنشاء المجلس الدستوري ونظامه الداخلي لجهة تعيين الأعضاء والنصاب والاكثرية المطلوبة لاتخاذ القرار.
وأعلن سليمان «أن دور القضاء الدستوري هذا يحده الانتظام الذي يحكم العلاقة بين المؤسسات الدستورية، كما تحده الصلاحيات المناطة بكل منها»، لافتاً إلى صلاحيته في الرقابة على دستورية القوانين تقف عند حدود التزام المشترع بالتقيد بالمبادئ والقواعد التي نص عليها الدستور، ولا تصل الى خيارات المشترع التي يحددها وفق اقتناعاته كممثل للأمة ويبقى باب الاجتهاد واسعاً في رسم الحد الفاصل بين صلاحيات القضاء الدستوري وصلاحيات السلطة الاشتراعية». وكانت كلمات لكل من رئيس اتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية محمد اشركي، رئيس لجنة البندقية جياني بوكيشيو، والسفير الالماني في لبنان.
يذكر أن المؤتمر يستمر يومين وتتمحور جلساته حول دور القضاء الدستوري في انتظام العمل التشريعي العربي، دور القضاء الدستوري في تحقيق العدالة في الدول العربية، دور القضاء الدستوري في انتظام إدارة المؤسسة الدستورية واستراتيجيات وآليات تطوير اداء القضاء الدستوري في العالم العربي على ان تصدر توصيات في اختتام المؤتمر.